الشاعر العباسي الصنوبري: دراسة في أعماله وإسهاماته الأدبية

نشأة الشاعر الصنوبري

الشاعر المعروف بالصنوبري هو أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الصنوبري، ويعرف بلقب أبي بكر. وُلِد وتربى في مدينة حلب، حيث قضى معظم فترات حياته، ومن المعروف أنه سافر إلى دمشق، التي أعجب بها وبمناظرها الطبيعية الخلابة، فكتب فيها العديد من القصائد.

يعود أصل الصنوبري إلى مدينة أنطاكيا، ولكنه نشأ في حلب في بيئة دينية، حيث بدأ بتلاوة القرآن الكريم، ومن ثم حفظ الشعر وتعلم اللغة العربية بأسلوبها الأصيل على يد أبرز علماء الفقه والحديث في تلك الفترة. ومن المثير للاهتمام أن جده قد حصل على لقب الصنوبري بفضل ذكائه البارز.

لا توجد الكثير من المعلومات المتاحة حول حياة هذا الشاعر، حيث لم يُحدد بدقة تاريخ ولادته. ولكن المؤرخين قدروا ولادته عام 284هـ (897م) ووفاته عام 334هـ (945م)، مما يعني أنه عاش حوالي 47 عامًا.

خصائص شعر الصنوبري

يبدو أن الصنوبري عاصر الشاعر الشهير المتنبي، وكان له تواصل مع العديد من شعراء سيف الدولة. اشتهر بلقب “شاعر الروضيات” حيث كان يهتم بجمال الطبيعة، وقدم صورًا بديعة تعكس ذلك. كان من رواد هذا النوع من الشعر، ومن أجمل ما قاله في وصف الطبيعة المغطاة بالثلج هو:

ألم تر كيف قد لبست رباها… من الثلج المضاعف أي لبس؟

ثياباً لا تزال تذوب ليــناً… إذا الأيدي عرضن لها بلمس

كأن الغيم مما بث منه… على أرجائها أنداف برس

انفض نعاسك يا غلام… فإن ذا يوم مفضض

والجو يجلى في البياض… وفي حلي الدر يعرض

أظننت ذا ثلجاً؟.. وذا… ورداً من الأغصان ينفض؟

ورد الربيع ملون… والورد في كانون أبيض

تميز شعر الصنوبري بسهولة وعذوبة في التعبير، حيث كان يصف المناظر الطبيعية وما تحتويه من زهور وألوان. ومن أشعاره الجميلة التي تصف الديك جاء فيها:

مغرد الليل لا يألوك تغريدا… مل الكرى فهو يدعو الصبح مجهودا

لمّا تطرّب هزّ العطف من طربو… مدّ للصوت-لمّا مدّه-الجيدا

كلابس مطرفا مرخى ذوائبه… تضاحك البيض من أطرافه السودا

حالي المقلد، لو قيست قلادته… بالورد قصّر عنها الورد توريدا

ما يميز الصنوبري عن غيره من الشعراء

يبدو أن الصنوبري كان من الشعراء المبدعين، حيث جمعت أعماله الشعرية في ديوانه الذي تضمن 8000 بيت. وقد كان بارعًا في نظم الشعر، وهي صفات كانت نادرة بين شعراء عصره، كما تجلت شخصيته العلمية والأدبية في كثير من أعماله وأقواله.

لم يتوقف الصنوبري عند حدود المعرفة التي حصل عليها من علماء مدينته، بل سار بين المدن بحثًا عن العلم، درس على يد العديد من الأشخاص في الرقة ودمشق والموصل، حتى لقب بحبيب الأصغر، في إشارة إلى الشاعر الكبير أبي تمام.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *