العصر الجليدي وتأثيراته على أوروبا

تطور العصر الجليدي في أوروبا

قبل ما يقارب 150,000 إلى 130,000 سنة، شهدت أوروبا مناخاً أبرد وأكثر جفافاً مقارنة بالظروف الحالية. منذ حوالي 130,000 سنة، بدأت فترة مناخية دافئة ورطبة نسبياً استمرت حتى حوالي 115,000 سنة. تبع ذلك انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة، مما أدى إلى حدوث ظروف جليدية وصعبة منذ حوالي 70,000 سنة، وقد تبعت هذه الفترة حالة من عدم الاستقرار الجوي مع مناخات أكثر اعتدالاً بشكل عام.

انتقلت أوروبا بعدها إلى مرحلة جفاف ثانية في الفترة ما بين 22,000 و 13,000 سنة، حيث انخفضت درجات الحرارة بمقدار 14 درجة مئوية. ومع مرور الوقت، بدأت الظروف في التحسن لتصبح أكثر دفئاً ورطوبة، مشابهة لما نشهده اليوم، على الرغم من وجود حدث جاف وبارد قوي قبل حوالي 11,000 سنة بلغ فيه الانخفاض 14 درجة مئوية.

استكشاف العصر الجليدي في أوروبا

أدى العصر الجليدي الصغير إلى فترة من الشتاء القارس والصيف المعتدل الذي أثر بالدرجة الأولى على أوروبا وأمريكا الشمالية في الفترة ما بين القرنين الرابع عشر والتاسع عشر.

تم توثيق الظواهر المناخية الباردة في السجلات التاريخية، مدعومة بسجلات المناخ القديم مثل حلقات الأشجار ونمو الأنهار الجليدية ورواسب البحيرات. وتعكس هذه المصادر الموثوقة التاريخية درجات حرارة كانت دون المتوسط، مما يبرز أثر العصر الجليدي في تلك الفترات.

العصر الجليدي الصغير

تعتبر الفترة المعروفة بالعصر الجليدي الصغير هي التغير المناخي الذي حدث من أوائل القرن الرابع عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر، حيث توسعت الأنهار الجليدية الجبلية في عدة مناطق، بما في ذلك جبال الألب الأوروبية ونيوزيلندا وألاسكا وجبال الأنديز الجنوبية. كما انخفض متوسط درجات الحرارة السنوية في نصف الكرة الشمالي بمقدار 0.6 درجة مئوية مقارنة بمعدل درجات الحرارة من 1000 إلى 2000 ميلادي.

تم إطلاق اسم العصر الجليدي الصغير على هذه الفترة نظراً لعدم وجود فترة محددة طويلة من البرد، حيث يعتبر ذلك من الخصائص التي ميزت العصر الجليدي في أوروبا.

سُجلت أدنى درجات الحرارة في المحيط الهادئ الشرقي خلال القرن الخامس عشر، بينما كان شمال غرب أوروبا وجنوب شرق أمريكا الشمالية أكثر برودة في القرن السابع عشر، في حين سجلت معظم المناطق الأخرى أدنى درجات حرارة لها في منتصف القرن التاسع عشر. في العصور المناخية المبكرة، كانت الاختلافات المكانية أقل وضوحاً، حيث واجهت أجزاء كثيرة من شمال أوروبا فترات جفاف شديدة أو زيادة في هطول الأمطار أو تقلبات كبيرة في الرطوبة.

على سبيل المثال، شهدت هذه المناطق فصول شتاء طويلة وصيف قصير ماطر، بينما عانت بعض أجزاء جنوب أوروبا من جفاف مستمر وأمطار غزيرة متفاوتة. ولهذه الأسباب، في حين أن العصر الجليدي الصغير يرتبط بانخفاض درجات الحرارة، يمكن أيضاً اعتباره فترة شهدت تغييرات كبيرة في درجات الحرارة وزيادة الأمطار في أجزاء واسعة من العالم.

أثر العصر الجليدي على الحضارة الأوروبية

ارتبطت تأثيرات العصر الجليدي الصغير بشكل وثيق مع أحداث جرت في أوروبا ومنطقة شمال المحيط الأطلسي، ومن أبرز تلك التأثيرات:

  • توسع الأنهار الجليدية في جبال الألب، مما أدى إلى طمس المزارع، الكنائس، والقرى في سويسرا وفرنسا ومناطق أخرى.
  • تسبب الشتاء القارص المتكرر والصيف البارد في فشل المحاصيل ووقوع المجاعات في معظم أنحاء شمال ووسط أوروبا.
  • تدهور مهنة صيد سمك القد في شمال الأطلسي نتيجة لانخفاض درجات حرارة المحيط خلال القرن السابع عشر.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *