الحياة الثقافية في فترة ما قبل الإسلام

الحياة الثقافية في العصر الجاهلي

الشعر

كان الشعر يمثل الضمير الثقافي للعرب في العصر الجاهلي، إذ كان يجسد صوت القبيلة ويمثل قوتها ومجادلاتها، ويعكس أهدافها. وعندما يبرز شاعر جديد في القبيلة، كانت القبائل المجاورة تأتي لتقديم التهاني، مما يؤدي إلى إقامة احتفالات وولائم كبيرة. وكانت التهاني مخصصة بمثل هذه المناسبات، إضافة إلى ولادة غلام أو نتاج حصان مميز. ويتعلق الحديث عن الشعر بالعديد من الجوانب الثقافية الأخرى، ومنها:

  • رواية الشعر: تميزت رواية الشعر في الجاهلية بأهميتها الكبرى، حيث كان هناك أفراد مكرسون لهذه المهمة، إذ كان الذين يرغبون في نظم الشعر يلتزمون بشاعر يروي لهم. وفضلاً عن الشعراء، كان جميع أفراد القبيلة يساهمون في نقل الشعر وترديده في محافلهم ومجالسهم وأسواقهم.
  • أسواق الشعر: كانت للعرب أسواق ثقافية تقام فيها المنافسات الشعرية، حيث تنافس الشعراء وتفاخروا بإنجازاتهم، وكان لديهم لجان تحكيم أيضًا ينظرون في هذه المنافسات. ويحتفل العرب بتلك الأحداث احتفالًا يليق بهم، حيث يتواجد في هذه الأسواق خطباء قادرون على جذب الجمهور.
  • نقد الشعر: رافق النقد الأدبي الشعر أثناء ظهوره، إذ كان الشعراء يتجمعون في الأسواق ومجالس الأدب لتبادل الآراء والنقد. ومن بين الشعراء المعروفين في هذا المجال كان النابغة الذبياني، والذي كان يستقبل الشعراء في سوق عكاظ. ومن القصص المعروفة في هذا الإطار هي قصة أم جندب، زوج امرئ القيس، في اختيارها لعلقمة بن عبدة على حساب زوجها.
  • الغناء: كان الغناء أداة تعلم الشعر لدى العرب، حيث كانوا يستخدمون مجموعة من الآلات الموسيقية مثل المزهر والدف والصنج. وكانت النساء يشكلن مجموعات غنائية ويقدمن عروضًا موسيقية في المناسبات، مما أضفى أجواء من البهجة والحيوية.

فنون النثر في العصر الجاهلي

تميزت الحياة الثقافية في العصر الجاهلي بوجود أشكال مختلفة من النثر الأدبي، ومن أبرزها ما يلي:

  • القصص: كان العرب شغوفين بالقصص، حيث كانوا يجتمعون ليلاً للسمر والاستماع إلى القصاصين، الذين كانوا يرويّن قصصهم بمهارة فائقة، مما يجذب انتباه الجميع من كافة الأعمار.
  • الخطابة: ازدهرت الخطابة في العصر الجاهلي في مواضيع متعددة، إذ كان الخطباء يستخدمون فن الخطابة في مختلف المناسبات؛ فقد كان بعضهم يدعو للحرب وآخرون للسلم. وكان هناك خطباء يمارسون هذا الفن في الأسواق الكبرى، على غرار خطبة قس بن ساعدة.
  • الكتابة: كانت الكتابة معروفة لدى العرب على مدار ثلاثة قرون في فترة الجاهلية، حيث كان هناك معلمون لتعليم القراءة والكتابة، ومن أشهرهم عمرو بن زُرارة وغيلان بن سلمة، وقد ظهرت مدارس لتعليم الصغار خلال تلك الفترة.

المعارف المتنوعة في العصر الجاهلي

تعددت المعارف والصناعات بين العرب نتيجة لتجاربهم أو اتصالاتهم بحضارات أخرى، ومن أبرز هذه المعارف:

  • العلم بالأنساب والأخبار: أبدع العرب في علم الأنساب، حيث كان في كل قبيلة نسّابون يعرفون أنساب القبائل وفخرهم. وكانت الأخبار تأتيهم من مصادر متنوعة، منها قصص التوراة والإنجيل وأساطير الأمم المجاورة.
  • علم الفلك: كان العرب يعرفون أسماء مختلفة للنجوم والرياح، وقد اعتبرت معرفتهم بالفلك ضرورية لمعرفة أوقات الزراعة والرياح.
  • التداوي والطب: اكتسب العرب معلومات طبية من الفرس والروم واليونان، وكذلك من تجاربهم الشخصية. وكانت لهم مصطلحات عديدة للأمراض والأدوية، حيث يتميز طب الحارث بن كلدة.
  • الفراسة والقيافة: عُرف بعض القبائل العربية بمهارات القيافة، ومعرفة الأنساب من خلال العلامات الجسدية. أما الفراسة فتعني القدرة على استنتاج الأمور بناءً على الصفات الظاهرة.
  • الكهانة والعرافة: كانت هناك كهنة يلجأ إليهم الناس عند حدوث مشاكل، وكان بعضهم يدعي القدرة على معرفة الأمور الغيبية. ومن بين الكهان المعروفين سطيح الذئبي وطريفة الخير.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *