الإحسان والإنعام
تعريف الإحسان
الإحسان في اللغة مشتق من الجذر “حسن”، ويعني القيام بأفعال حسنة، بينما يعتبر الإساءة ضدّ ذلك. وقد يُفسر الإحسان أيضًا على أنه إخلاص. أما في سياق التعريف الاصطلاحي، فينقسم الإحسان إلى نوعين:
- الإحسان في عبادة الخالق: كما ورد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حينما استفسر جبريل عن الإحسان، فأجاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ). وهذا يعني الإخلاص في أداء حقوق الله من جهد ونصح.
- الإحسان في حقوق الخلق: يشير إلى تقديم المنافع لجميع المخلوقات بناءً على حقوقهم ومكانتهم، مثل بر الوالدين، وصلة الرحم، والإحسان إلى الجار، ومساعدة المحتاجين، وإكرام الضيف، ورعاية الحيوانات.
تعريف الإنعام
الإنعام في اللغة يُشتق من الجذر “أَنعَمَ”، ويعني الإعطاء. أما في المصطلح، فهو ما يمنح الشخص من فضل على الآخرين؛ إذ لا يتحقق الإنعام إلا من شخص يُعطيهم، مما يتطلب الشكر المتوجب عليهم، حيث لا يمكن للشخص شكر نفسه.
الفروق بين الإحسان والإنعام
يُشير أبو هلال العسكري في كتابه “معجم الفروق اللغوية” إلى الفرق بين الإحسان والإنعام؛ إذ لا يُمكن أن يأتي الإنعام إلا من الشخص المُنعِم للآخرين، بينما يمكن للإحسان أن يتحقق من الشخص تجاه نفسه أيضًا بجانب الآخرين. بمعنى أن الإنعام يتطلب الشكر، وهو لا يمكن أن يُؤدى للنفس.
ويُعتبر الإحسان ضمن قدرة الإنسان على تحصيل المنافع بشكل يتضمن الثناء؛ فمثلاً، يمكن أن نقول إن شخصًا ما يُحسن إلى نفسه عندما يتعلم ويفهم، ولكن لا يمكن القول إنه ينعم على نفسه. كما يُعتقد أن الإحسان ينطوي على الثناء، في حين أن النعمة تتطلب الشكر، وهذا الأخير يُعتبر كالدين الذي لا يُتم تسديده للنفس.
ومن الفروق الأخرى أن بعض صور الإحسان قد تُفضي إلى أضرار، ولكنها تعتبر خيرًا وليس شرًا. يقول أبو هلال العسكري إنه في بعض الحالات، مثل تعذيب الله عز وجل لأهل النار أو إقامة الحدود، يمكن اعتبار مثل هذه الأفعال إحسانًا على الرغم من الضرر الناتج عنها. فالشخص الذي يُقيم الحد يُعتبر مُحسنًا رغم ما يتسبب من ألم للمعاقب.
يُقال إن كل نفع يُعتبر إحسانًا، لكن ليس كل ضرر يُصنف كإساءة. فلو كان المقصود بالإحسان النفع فقط، لكان الإساءة تعني الضار. على سبيل المثال، الأب يُحسن لابنه بإعطائه دواءً مريرًا أو إجراء الحجامة، ولكن لا يُقال إنه ينعم عليه بذلك. وبالنسبة للأفعال الحسنة يتم استخدامها كإحسان، بينما الأفعال السيئة تُختصر بكلمة إساءة.