تعريف بسورة الرعد في القرآن الكريم

مقدمة حول سورة الرعد

تُعتبر سورة الرعد السورة الثالثة عشرة في ترتيب القرآن الكريم، حيث تسبقها اثنتا عشرة سورة، هي: الفاتحة، والبقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة، ويونس، وهود، ويوسف.

تتكون السورة من ثلاث وأربعين آية في المصحف الكوفي، وأربع وأربعين آية في المدني، وخمس وأربعين آية في البصري، وسبع وأربعين آية في الشامي. ويبلغ عدد كلماتها ثمانمائة وخمس وستون كلمة.

هل السورة مكية أم مدنية؟

تباينت آراء العلماء حول تصنيف سورة الرعد إلى قسمين:

  • الرأي الأول: أنها مكية

وقال بهذا الرأي كل من الحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء، وقتادة، ورُوي عن ابن عباس بواسطة أبو صالح أنها مكية ما عدا آيتين، وهما قوله -تعالى-: (وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)، وأيضًا قوله -تعالى-: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا).

  • الرأي الثاني: أنها مدنية

هذا الرأي تبناه جابر بن زيد، حيث روى عطاء الخراساني عن ابن عباس أنها مدنية مع وجود آيتين نزلتا في مكة، وهما: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ۗ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ۗ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ).

وقد رجّح العديد من العلماء أن الطابع العام لسورة الرعد يتماشى مع الأسلوب المكي، سواء في موضوعاتها أو أسلوبها أو مقاصدها، ويُعتقد أن نزولها جاء بعد وفاة أبي طالب والسيدة خديجة -رضي الله عنها-، في الوقت الذي تعرض فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- للعديد من الأذى من المشركين.

سبب تسمية السورة بسورة الرعد

تعود تسميتها بهذا الاسم منذ العهد النبوي، ولم تُعرف باسم آخر. وسُمّيت بسورة الرعد لارتباطها بموضوع الرعد، كما ورد في قوله -عزّ وجلّ-: (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ).

علاقة السورة بما قبلها

تتمثل العلاقة بين سورة الرعد والسورة السابقة بما يلي:

  • سورة الرعد وضّحت ما تم ذكره بشكل مجمل في السورة السابقة (يوسف) بخصوص الآيات السماوية والأرضية، كما في قوله: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ).

كما أشار الله -تعالى- في سورة يوسف إلى أدلة التوحيد، ثم فصّل هذه الأدلة في سورة الرعد بمزيد من الوضوح.

  • تم ذكر أخبار الأمم السابقة ورسلهم في السورتين، وكيف عانت الرسل من أقوامهم، ليكون ذلك تسلية للنبي -صلى الله عليه وسلم- وتثبيتاً لقلوب المؤمنين.

أهداف السورة

تعتبر أهداف سورة الرعد كالتالي:

  • إثبات صدق رسالة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فيما أوحي إليه من اعتقاد بوحدانية الله -تعالى- والبعث.
  • دحض أفكار المشركين التي تُنكر البعث وتحذيرهم مما سيلقونه مثلما عوقبت الأمم السابقة.
  • تأكيد أن الله -تعالى- هو الإله الوحيد المستحق للعبادة دون غيره، وعلى علمه بكل شيء على عكس عبادة الأصنام.
  • تقديم أدلة متنوعة على كمال قدرة الله -تعالى- وحكمته البالغة.
  • التحذير من عذاب يوم القيامة وذكر أن الدنيا ليست دار القرار.
  • تأكيد النصر للمؤمنين ومواساة النبي -صلى الله عليه وسلم- مما لاقاه من المشركين.
  • الإشارة إلى مفهوم القدر وتجلي مظاهر المحو والإثبات.

نظرة شاملة على سورة الرعد

يتضح مما سبق

عرض شامل لما تحتويه هذه السورة العظيمة:

  • ابتدأت السورة بمدح القرآن الكريم، محاطة بالإشارات حول إعجازه، ومن ثم تناولت مجموعة من الأدلة على عظمة وقدرة الله وحده.
  • عرضت السورة جانباً من أقوال المشركين في البعث وردت عليهم بما يضع حداً لمزاعمهم.
  • أوضحت السورة كمال علم الله -تعالى- وعظمة سلطانه وحكمته في القضاء والقدر.
  • وجه الله -تعالى- نبيه -صلى الله عليه وسلم- بسؤال استفهامي عن من خلق السماوات والأرض كنوع من التوبيخ للمشركين.
  • قدمت السورة مقارنة تنويرية بين مصير المؤمنين والكافرين.
  • عرضت السورة بعض الطلبات المتعنتة التي قدمها المشركون للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ردت عليها لتزيد المؤمنين إيمانًا.
  • انتهت السورة ببيان نتائج الأعمال الجيدة للمتقين وسوء العواقب للمرتابين، مختتمة بمدح القرآن وذِكر ما تعرض له الرسول من أعدائه، مع التأكيد على قضيته وصحة رسالته وتهديد المشركين بالعقاب.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *