الدولة الرستمية
مؤسس الدولة الرستمية
تم تنصيب عبد الرحمن بن رستم إمامًا للدولة الإباضية الرستمية في المغرب، وكان تحت إشراف معلمه أبوعبيدة، المعروف أيضًا بمسلم بن أبي. بعد إتمام تعليمه، بدأ بنشر المذهب الإباضي، وعيّن نائبًا لمدينة القيروان، حيث اكتسب خبرة في الإدارة والتعامل مع المواطنين وظروفهم. قاد جهود محاربة الدولة العباسية وجمع شمل الدولة الإباضية، مُظهرًا صبرًا كبيرًا على المحن والتزامًا راسخًا بالقرآن والسنة.
عندما اختاره الناس للإمامة، اشترط عليهم الطاعة، وأمر مجموعة من الخوارج الإباضية ببناء مدينة تاهرت في الجزائر، والتي أصبحت عاصمة للدولة الرستمية تحت قيادته.
تولي ابنه عبد الوهاب الإمامة
دخلت العديد من القبائل تحت طاعة عبد الوهاب، مما أدى إلى ازدهار الدولة الرستمية في عهده، حيث ساد العدل والاستقرار والأمان. وعندما شعر بقرب وفاته، أوصى لسبعة من أبرز شخصيات الدولة الرستمية بأن يتولوا الخلافة بعده، من بينهم ابنه عبد الوهاب. وقد بويع هذا الأخير بالخلافة، ما أدى إلى نشوب خلافات مع ابن فنديك، مما أدى إلى انقسام الإباضية إلى قسمين هما:
- القسم الأول: وهابيون، نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم.
- القسم الثاني: نكارية.
نشبت معارك عديدة بين الطرفين انتهت بهزيمة النكارية، وقتل زعيمها ابن قنديرة. ومع تزايد ضعفهم، انضموا إلى مجموعة الوصلية المعتزلة. كان عصر عبد الوهاب مليئًا بالثورات القبلية والمذهبية، ورغم رغبته في الذهاب إلى الحج، نصحه أتباعه بعدم المخاطرة بالأسْر من قِبل الدولة العباسية، ثم توفي بعد ذلك.
تولي أفلح بن عبد الوهاب الإمامة
تولى أفلح بن عبد الوهاب الإمامة بعد والده، حيث بايعه الشعب نظرًا لصفاته الطيبة. كان تعيينه نتيجة للأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد حيث كان هناك العديد من الأعداء المحيطين بمدينة تاهرت. تميزت فترة حكمه بالاستقرار وازدهار الدولة وارتفاع مستوى النشاط التجاري. ورغم نجاحاته، توفي بسبب حزنه العميق على ابنه أبي اليقظان الذي كان محتجزًا لدى العباسيين.
تولي أبي بكر بن أفلح الإمامة
بعد وفاة أفلح، تولى الإمامة أبو بكر بن أفلح بن عبد الوهاب، خلفًا لأبيه وأخيه أبو اليقظان. وكان يعيش في حالة من النعيم والترف. عندما خرج أخوه أبو اليقظان، شارك معه في الحكم، لكن أبو بكر قرر قتل رجل مؤثر بالعاصمة يُدعى محمد بن عرفة، مما تسبب في اندلاع صراعات بين الفصائل وتراجع حكام الدولة الرستمية، مما أدى في النهاية إلى اعتزالهم الإمامة.
القضاء على الدولة الرستمية
بعد ذلك، تولى أبو يقظان مقاليد الحكم في الدولة الرستمية، حيث قام بإنشاء مجلس شورى واستمع إلى شكاوى شعبه. استقرت الأوضاع نسبيًا في عهده حتى وفاته. ثم تولى الحكم بعده ابنه، ما أدى إلى تصاعد الخلافات. اجتمعت الشيعة والخوارج ضد الدولة الرستمية، وتمكّن أبو عبد الله الشيعي من فرض نفوذه على المغرب والسيطرة على أموال الدولة، مما أدى إلى نهايتها.