الاتجاه الواقعي في الفلسفة: فهم الأسس والمبادئ

الاتجاه الواقعي في الفلسفة

يمثل الاتجاه الواقعي في الفلسفة، المعروف بالواقعية، رؤية مفادها أن الحقائق المتعلقة بالأشياء المادية أو المفاهيم المجردة توجد في عالم خارجي مستقل عن إدراك البشر وتصوراتهم. ومنذ أن طرح أرسطو أفكاره حول الواقعية، ظهرت تساؤلات مهمة تتعلق بذلك، وهي:

  • ما هو الموجود؟
  • كيف نتمكن من معرفة ما هو موجود؟

تسعى الفلسفة للإجابة على هذين السؤالين الأنطولوجيين. فالأشياء المادية موجودة في إطار الزمان والمكان، وهي تعتبر هياكل معلوماتية تجسد في المادة وتتفاعل مع الطاقة. بينما تُعتبر المفاهيم المجردة عبارة عن معلومات纯، حيث لا تمثل مادة أو طاقة، لكنها تحتاج إلى مادة لتجسدها وطاقة للتواصل.

هذا يشير إلى وجود تناقض بين الأشياء المادية والمفاهيم المجردة، بحيث يتم اكتشاف الأشياء المادية من خلال تصورات البشر، الذين يبتكرون أفكارًا وأوصافًا وأسماء لها وكيفية تفاعلها مع بعضها البعض ومع إدراكهم. ومع ذلك، لا يستطيعون ابتكار العالم الطبيعي.

في المقابل، يقوم البشر بابتكار مفاهيم مجردة مثل الحقيقة والعدالة والجمال، مدركين أن هذه المفاهيم لا توجد بالشكل المادي في الطبيعة، وإنما هي نتاج ابتكاراتهم الفكرية.

أنواع الواقعية في الفلسفة

يمكن تقسيم الواقعية إلى أربع فئات أساسية، وهي:

الواقعية الكلاسيكية

ترتبط الواقعية الكلاسيكية بالأفكار التي قدمها أرسطو، حيث تفترض أن المادة حقيقية ومفصلة عن تصوراتنا. لا يمكن رؤيتها أو إدراكها حسيا رغم وجودها. وأكد أرسطو أن الأفكار يمكن أن توجد دون وجود مادة، ولكن لا يمكن للمادة أن توجد بدون أفكار. ومن هنا، وضع أرسطو نظرية حول الإرادة الحرة، حيث أدرك أن بعض الأفراد يختارون عدم التفكير، ولكنهم يشجعون الآخرين على البحث عن المعرفة.

الواقعية المعتدلة

الواقعية المعتدلة تشير إلى وجهة نظر مفادها عدم وجود عالم منفصل عن المفاهيم الأساسية، بل إن هذه المفاهيم تتواجد في الزمان والمكان الذي نشأت فيه. تعتبر الواقعية المعتدلة نقطة توازن بين الواقعية الأفلاطونية الكلاسيكية والواقعية المتطرفة.

الواقعية الشكلية

تبنى ديفيد لويس الواقعية الشكلية، إذ يرى أن العوالم المحتملة تعتبر حقيقية كما هو العالم الفعلي الذي نعيش فيه، وليست مجرد احتمالات نظرية. ويشير إلى أن هذه العوالم تختلف من حيث المحتوى وليس النوع، موضحًا أنها معزولة عن بعضها البعض في الزمان والمكان.

الواقعية الأخلاقية

تعتبر الواقعية الأخلاقية، أو الطرح الأخلاقي الماورائي، نظرية تفيد بوجود قيم أخلاقية موضوعية مستقلة عن تصورات الأفراد. تتناقض هذه المنظور المعرفي مع النظرية التعبيرية أو النظرية غير المعرفية.

يمكن القول إن كل من أفلاطون وإيمانويل كانط وكارل ماركس يُعتبرون من الواقعيين الأخلاقيين، إلى جانب مجموعة من الفلاسفة المعاصرين مثل آين راند وجورج إدوارد مور.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *