الحيوانات في الشعر الجاهلي
تناول شعراء الجاهلية في قصائدهم موضوع الحيوانات، حيث وصفوا صفاتها وخصائصها وسلوكها، وذلك نتيجة لارتباطهم بالبيئة الطبيعية المحيطة بهم. كان للشعراء تفاعل وثيق مع الحيوانات التي كانوا يحتاجونها للتنقل ومهام أخرى، ومن أبرز الحيوانات التي تم ذكرها في الشعر الجاهلي هي:
- الإبل.
- الحمار الوحشي.
- الخيل.
- الطير.
يعكس وصف الشاعر الجاهلي للحيوانات عمق عواطفه تجاهها، حيث كان يتفهم مشاعرها الدقيقة ويصف ما يظهر في عيونها من حزن. لقد رأى الشاعر في عالم الحيوانات تجسيدًا آخر لعالم البشر وما يحويه من ثنائيات متناقضة، مثل: الرحمة والقسوة، والقوة والضعف، والظالم والمظلوم، كما وجد في هذا العالم إجابات حول العديد من الأسئلة وحلولاً لكثير من المشاكل المعقدة.
نماذج من ذكر الحيوانات في الشعر الجاهلي
فيما يلي بعض الأمثلة التي تتناول ذكر الحيوانات في الشعر الجاهلي:
قصيدة: أمن ظلامة الدمن البوالي
في قصيدته “أمن ظلامة الدمن البوالي”، أشار الشاعر النابغة الذبياني إلى الناقة، إذ اعتبرها متنفسًا له بعيدًا عن هموم الفراق والشعور بالوحدة:
فَلَمّا أَن رَأَيتُ الدارَ قَفرًا
وَخالَفَ بالُ أَهلِ الدارِ بالي
نَهَضتُ إِلى عُذافِرَةٍ صَموتٍ
مُذَكَّرَةٍ تَجِلُّ عَنِ الكَلالِ
فِداءٌ لِاِمرِئٍ سارَت إِلَيهِ
بِعِذرَةِ رَبِّها عَمّي وَخالي
وَمَن يَغرِف مِنَ النُعمانِ سَجلًا
فَلَيسَ كَمَن يُتَيَّهُ في الضَلالِ
قصيدة: ألا ليت شعري هل يرى الناس ما أرى
تطرق زهير بن أبي سلمى في قصيدته “ألا ليت شعري هل يرى الناس ما أرى” إلى أهمية الإبل في حمل المتاع والماء وأدوات الحرب:
فَساروا لَهُ حَتّى أَناخوا بِبابِهِ
كِرامَ المَطايا وَالهِجانَ المَتالِيا
فَقالَ لَهُم خَيرًا وَأَثنى عَلَيهِمُ
وَوَدَّعَهُم وَداعَ أَن لا تَلاقِيا
قصيدة: ألا قل لتيا قبل مرتها اسلمي
في قصيدته، شبه الأعشى ناقته ببقر الوحش بسبب نشاطها، وقد تناول الذئب أيضًا في شعره، حيث قال:
عَرَندَسَةٍ لا يَنفُضُ السَيرُ غَرضَها
كَأَحقَبَ بِالوَفراءِ جَأبَ مُكَدَّمِ
رَعى الرَوضَ وَالوَسمِيَّ حَتّى كَأَنَّما
يَرى بِيَبيسِ الدَوِّ إِمرارَ عَلقَمِ
تَلا سَقبَةً قَوداءَ مَشكوكَةَ القَرا
مَتى ما تُخالِفهُ عَنِ القَصدِ يَعذِمِ
إِذا ما دَنا مِنها اِلتَقَتهُ بِحافِرٍ
كَأَنَّ لَهُ في الصَدرِ تَأثيرَ مِحجَمِ
إِذا جاهَرَتهُ بِالفَضاءِ اِنبَرى لَها
بِإِلهابِ شَدِّ كَالحَريقِ المُضَرَّمِ
وَإِن كانَ تَقريبٌ مِنَ الشَدِّ غالَها
Bمَيعَةِ فَنّانِ الأَجارِيِّ مُجذِمِ
فَلَمّا عَلَتهُ الشَمسُ وَاِستَوقَدَ الحَصى
تَذَكَّرَ أَدنى الشِربِ لِلمُتَيَمِّمِ
فَأَورَدَها عَيناً مِنَ السَيفِ رِيَّةً
بِها بُرَأٌ مِثلُ الفَسيلِ المُكَمَّمِ
بَناهُنَّ مِن ذَلّانَ رامٍ أَعَدَّها
لَقَتلِ الهَوادي داجِنٌ بِالتَوَقُّمِ
فَلَمّا عَفاها ظَنَّ أَن لَيسَ شارِبًا
مِنَ الماءِ إِلّا بَعدَ طولِ تَحَرُّمِ
وَصادَفَ مِثلَ الذِئبِ في جَوفِ قُترَةَ
فَلَمّا رَآها قالَ يا خَيرَ مَطعَمِ
وَيَسَّرَ سَهماً ذا غِرارٍ يَسوقُهُ
أَمينُ القُوى في صُلبَةِ المُتَرَنِّمِ
قصيدة: سائلوا عنا الذي يعرفنا
أبرز الشاعر طرفة بن العبد في قصيدته “سائلوا عنا الذي يعرفنا” فخره بانتصارات قومه، مشيدًا بالخيل والعناية الفائقة بها، فقال:
سائِلوا عَنّا الَّذي يَعرِفُنا
:::بِقُوانا يَومَ تَحلاقِ اللِمَم
يَومَ تُبدي البيضُ عَن أَسوقِها
:::وَتَلُفُّ الخَيلُ أَعراجَ النَعَم
أَجدَرُ الناسِ بِرَأسٍ صِلدِمٍ
:::حازِمِ الأَمرِ شُجاعٍ في الوَغَم
كامِلٍ يَحمِلُ آلاءَ الفَتى
:::نَبِهٍ سَيِّدِ ساداتٍ خِضَم