تعبير عن الفرح والسرور في طاعة الله
إن الأعياد التي شرعها الله -عز وجل- للمسلمين تأتي في أعقاب طاعات عظيمة فرضها عليهم. يحتفل المسلمون بعيد الفطر بعد أداء طاعة الصيام والقيام والصدقة وقراءة القرآن الكريم خلال شهر رمضان، وكذلك يحتفلون بعيد الأضحى بعد طاعة الصيام أو الوقوف بعرفة وإتمام مناسك الحج، بما في ذلك الأضحية. وقد بشر الله -عز وجل- المسلمين بعد وقوفهم بعرفة بمغفرة ذنوبهم وقبول توبتهم.
ولكي يُظهر المسلمون فرحتهم في أعيادهم، أُقر لهم التجمل وارتداء أجمل الثياب، كما جاء في قوله -عز وجل-: (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسْرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ). وأوصاهم بالاغتسال، والتطيب، وإطلاق التكبير والتهليل، والتوسع في العطاء، والأكل والشرب. كما تم تحريم الصيام خلال أيام العيد، وأُمر الجميع بالأكل قبل الصلاة، كل ذلك لإظهار الفرح في طاعة الله -عز وجل-.
تُسجل السنة النبوية عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- حادثة دخول أبي بكر -رضي الله عنه- عليها وكانت هنالك جاريتان تغنيان وتعزفان، بينما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مستلقياً، فنهرهما أبو بكر، لكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كشف عن نفسه وقال: (دَعْهُما يا أَبَا بَكْرٍ فإنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ).
الشكر لله على نعمه العظيمة
يحتفل المسلمون بالعيدين كنوع من الشكر لله على نعمة الإسلام ونعمة بلوغ شهر رمضان وصيامه، وكذلك شكرًا على مغفرة الذنوب وفتح أبواب الجنة، وتوفيقهم للطاعة، وإغلاق أبواب النار، ولتصيد الشياطين، وجعل الاستجابة للدعاء، والعتق من النار، وإتمام الوقوف بعرفة ورمي الجمرات. كما يقول الله -عز وجل- في آيات الصيام: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
إن شكر الله -عز وجل- درجات تتضمن الاعتراف بفضله بالحمد والتكبير والتهليل، يليها الحياء من المعصية، ثم الانشغال بشكر الله -عز وجل- في كل سلوك وأقوال وأفعال، ليكون العيد حافلاً بالطاعة لله -عز وجل-، من ذكر وتكبير وصدقة وصلة رحم.
الآثار الاجتماعية في أعياد المسلمين
تُعتبر الأعياد عند المسلمين فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية والبر بالفقراء والمحتاجين، من خلال تفقد أحوالهم، والتعاطف مع الأرحام والجيران والأرامل والأيتام، وإدخال السرور إلى قلوبهم عبر إطعامهم ودعمهم ماليًا، وتزيينهم بأجمل الثياب، وزيارتهم والدعاء لهم، فضلًا عن مشاركتهم في الصلاة والتكبير.
لتحقيق هذه الحكمة، أقر الإسلام زكاة الفطر في عيد الفطر، والأضحية في عيد الأضحى، مع توزيعها على الفقراء وإطعام الأقارب والجيران. فقد قال ابن عباس: (فرضَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهارةً للصائم من اللغو والرّفث وطعمةً للمساكين. من أدّاها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ من الصدقات).
أيضًا تُساهم الأعياد في تعزيز صلة الأرحام من خلال زيارة الأقارب وتبريكاتهم وإدخال الفرحة إلى قلوبهم. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثٍ عن أنس بن مالك: (مَن سَرَّهُ أن يُبَسَطَ له في رِزقِهِ، أو يُنْسَأَ له في أثرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ). وصلة الأرحام في العيد تُعدّ من أهم الأمور، لأنهم ينتظرون لقائهم بفارغ الصبر، فلا يفرحهم أحد أكثر من أرحامهم.