العلاج النفسي من خلال القرآن الكريم
أنزَل الله -سبحانه وتعالى- القرآن الكريم على نبيّه محمدٍ -عليه الصلاة والسلام- ليصبح دليلًا هاديًا ومرشدًا، ومنهجًا يعتز به المسلمون في شؤون حياتهم كافة. وقد أودع الله -تعالى- في القرآن العديد من الأسرار والحكم القادرة على إحداث الفائدة العظمى للناس بمختلف أمورهم. وجعل الله -سبحانه وتعالى- في تلاوة القرآن الكريم مصدرًا للراحة والسكينة، وشفاءً لما يعاني منه المسلم من ضيقٍ وحزن. كما يبرز ابن القيم ضرورة القرآن في تقديم العلاج، حيث قال: “فَمَا مِنْ مَرَضٍ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ إِلَّا وَفِي الْقُرْآنِ سَبِيلُ الدِّلَالَةِ عَلَى دَوَائِهِ وَسَبَبِهِ، وَالْحَمِيَّةِ مِنْهُ لِمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ فَهْمًا فِي كِتَابِهِ”.
يتميز القرآن الكريم بقوة تأثيره على النفس الإنسانية، فهو كلام الله -تعالى- الذي خلق النفس ويعلم ما يصلح لها. العديد من الآيات القرآنية تُبرز تأثير القرآن على الروح والنفس الإنسانية، وتؤكد على أنه يشكل سببًا في شفائها وراحتها، وسبل تحقيق سكينتها وطمأنينتها، ومن هذه الآيات:
- قال الله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلْمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا).
- ورد قول الله تعالى: (يا أَيُّهَا النّاسُ قَد جاءَتْكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِّكُم وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدورِ وَهُدًى وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ).
- قال الله تعالى: (إِنَّ هـذَا القُرآنَ يَهدي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا كَبيرًا).
الرقية الشرعية باستخدام القرآن الكريم
شرع الله -سبحانه وتعالى- للمسلم الذي يعاني من مرضٍ عضوي أو نفسي أن يقوم برقية نفسه أو أن يرقيه شخص آخر. وتستند الرقية الشرعية إلى آيات من القرآن الكريم التي ذكرتها السنة النبوية، بالإضافة إلى أدعية مأثورة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-. وقد ثبتت مشروعية الرقية في أحاديث متعددة للنبي -عليه الصلاة والسلام-. فيما يلي بعض الآيات التي تؤكد جواز الرقية بها:
- سورة الفاتحة.
- آية الكرسي من سورة البقرة: (اللَّـهُ لَا إِلَـه إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ…)
- آخر آيات سورة البقرة من قوله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ…).
- قال الله تعالى: (فَاللَّـهُ خَيرٌ حافِظًا وَهُوَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ).
- سورة الكافرون.
- المعوذتان: سورتا الفلق والناس.
- سورة الإخلاص.
إرشادات القرآن لعلاج بعض الاضطرابات النفسية
قدّم القرآن الكريم إرشادات متعددة لعلاج بعض الاضطرابات النفسية التي قد تؤثر على المسلم، مثل اليأس والإحباط. فيما يلي توجيهات القرآن الكريم المتعلقة بهذه الاضطرابات.
علاج اليأس
حثّ الإسلام المسلمين على محاربة اليأس من خلال زرع الأمل في قلوبهم، والتوكل على الله -تعالى-، والاعتقاد في الخير الذي يقدمه. فقد قال الله تعالى: (وَلا تَيأَسوا مِن رَوحِ اللَّـهِ… )، كما نهى القرآن الكريم عن القنوط من رحمة الله، حيث أن رحمته -تعالى- لا حدود لها، فقال: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ…).
علاج الإحباط
قد يشعر المسلم بالإحباط عندما لا تتحقق أمانيه، مما قد يدفعه إلى التوقف عن السعي. وقد أتى القرآن الكريم ليشجع المسلم على التغلب على هذا الإحباط من خلال تذكيره بأنه ملزم بالسعي والعمل، وأن الله -تعالى- سيرزقه الأجر على سعيه سواء اتخذ نتائج أم لم تتبلور، كما قال تعالى: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى…).
كما دعا القرآن الكريم المسلم لتفويض أموره إلى الله -تعالى-، مما يؤدي إلى طمأنينة نفسية تساعد في تخفيف القلق والتوتر، حيث قال تعالى: (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ…).