الحكم المستنصر بالله: تاريخ وسيرة حاكم عادل وعظيم

الحكم المستنصر بالله

أبو تميم معاذ المستنصر بالله بن علي الظاهر لإعزاز دين الله، وُلد في عام 1029 ميلادي وتوفي في عام 1094 ميلادي. يُعتبر ثامن الخلفاء الفاطميين، وقد شهدت الدولة الفاطمية في عهده فترة غنية بالقوة والازدهار، حيث توسعت أراضيه لتشمل بلاد الشام، فلسطين، الحجاز، صقلية، وشمال إفريقيا. بدأ اسمه يُذكر في الخطابات الرسمية، وكانت تُخطب له في بغداد طوال عام كامل بعد توليه الحكم في سن الثامنة following the وفاة والده. وكانت والدته هي التي تولت إدارة شؤون الحكومة، مما أدى إلى الفوضى والضعف الذي ساد في تلك الفترة. وُلِد وتوفي في مصر عن عمر يناهز 64 عامًا، وتولى الحكم بعده ابنه هشام المؤيد بالله.

مكانة الحكم المستنصر بالله

تميز الحكم المستنصر بالله بشغفه بالعلم والمعرفة، إذ كان يتفاعل مع العلماء ويقدم الدعم لهم، حيث حرص على توفير الكتب والمكتبات ليتسنى لهم استكمال دراستهم. كان يُرسل بحثًا عن الكتب المفقودة من مختلف أنحاء العالم، ولم يكتفِ بذلك بل كان يقرأها ويعبر عن آرائه فيها، مما جعل العلماء يعتمدون على ملاحظاته. ومن أبرز إنجازاته في هذا المجال، إنشاء مكتبة كبيرة تضم أكثر من 400 مجلد، بالإضافة إلى تزويدها بجميع الخدمات الضرورية التي تحتاجها، مما جعلها وجهة دائمة للعلماء والطلاب.

تجاوزت مكانة الحكم المستنصر بالله نطاق العلم وحده، فقد كان رجلاً يتقي الله بحق، وظهر ذلك من خلال العديد من تصرفاته؛ ومن بينها عزمه على قطع جميع أشجار العنب في الأندلس كخطوة لمكافحة انتشار الخمر. وأيضًا، كان يُعرف بإنصافه ورفقه برعاياه.

خلافة الحكم المستنصر بالله

شهدت الدولة تحت حكم المستنصر بالله فترتين، واحدة من الازدهار والأخرى من الاضطراب، كما هو الحال في أي خلافة تاريخية. كانت خلافته تتمتع بقوة وراسخة، حيث حظي بالدعم من الوزير القوي أبي القاسم علي بن أحمد الجرجرائي، الذي ساعده في بدايات حكمه. وقد شملت سلطته جميع أرجاء الأرض، حيث تطلع إلى السيطرة على بغداد من الحكم العباسي، وتمكن من جذب أحد قادة بغداد، وهو البساسيري، الذي تعاون معه في تأمين الأموال والموارد، مما أسهم في قلب موازين القوى لصالحه.

غير أن الاستقرار لم يدم طويلاً، وسرعان ما بدأت الاضطرابات الداخلية بعد وفاة الجرجرائي، وتولي والدته مقاليد الأمور، مما أدى إلى آثار سلبية على دولة المستنصر بالله، بما في ذلك:

  • عزل وزير الدفاع اليازوري الذي كان يمتلك السيطرة على الجيش.
  • إثارة الفتنة بين فصائل الجيش.
  • تعرض البلاد لمجاعة امتدت سبع سنوات عُرفت بالشدّة المستنصرية.
  • انتشار الأمراض والأوبئة بسبب تدني مستويات المعيشة، حيث لجأ الناس إلى أكل الميتة من الكلاب والقطط.

وصل الخليفة إلى حالة من العجز بعد الأزمات التي تسببت بها والدته، مما أجبره على بيع ممتلكاته. إلا أنه سرعان ما استعان بوزيره بدر الجمالي في عكا كقوة عسكرية لاستعادة النظام وإعادة الاستقرار للدولة، مما ساعده في استعادة نفوذه على البلاد.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *