مقدمة حول سورة نوح
تعتبر سورة نوح واحدة من السور المكية التي نزلت على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة. تُصنَف هذه السورة ضمن سور المفصل، وتتكون من ثمان وعشرين آية، كما تحتل المرتبة الحادية والسبعين في ترتيب القرآن الكريم، وهي تتبع سورة النحل.
توجد السورة في الجزء التاسع والعشرين، ضمن الحزب السابع والخمسين، وتتطرق مواضيع سورة نوح إلى أصول العقيدة الإسلامية، حيث تسلط الضوء على قصة نبي الله نوح -عليه السلام- وتبرز سنة الله -عز وجل- في التعامل مع الأمم التي انحرفت عن دعوته، ومصيرهم الأليم في الآخرة.
سبب تسمية سورة نوح
تمت تسميتها بسورة نوح نظرًا لاحتوائها على قصة نبي الله نوح -عليه السلام-، الذي يُعتبر من أولي العزم من الرسل. التصوير في السورة يمتد من بدايات دعوته حتى مرحلة الطوفان وهلاك المكذبين. كما تقدم لمحة عن موقف قومه المناهض لدعوته وما آلت إليه أوضاعهم من غرق نتيجة لنفورهم من الحق.
تُبرز السورة كيف كانت حال قوم نوح، حيث لم ينجُ من الطوفان حتى ابنه الذي أصر على البقاء مع الكافرين ورفض نصيحة أبيه.
أهداف سورة نوح الشرعية
- التأكيد على أهمية الاستغفار
تؤكد سورة نوح على فضيلة الاستغفار بشكل واضح، إذ يعكس أهمية الاستغفار الذي أشار إليه نوح -عليه السلام- في قوله -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارًا).
تُظهر السورة أهمية الاستغفار في تحقيق الفرج للناس، إنزال الغيث، وتحقيق الرزق والبركة.
- تأكيد السورة على وحدة الأديان
تستعرض السورة إجماع الأنبياء -عليهم السلام- من نوح إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- في دعوتهم لتوحيد الله -تعالى- وعبادته، وتحذر من التوجه نحو الشرك والأهواء التي تضل الإنسان، حتى لو صدرت من ذوي السلطة. إن النجاة تتطلب اتباع الحق والاستقامة على الصراط المستقيم.
- دعوة السورة إلى الصبر
تشمل السورة دعوة للصبر عند مواجهة مشاق تبليغ الدعوة، حيث صبر نوح -عليه السلام- في دعوته مئات السنين، مستخدمًا جميع أساليب الدعوة، ممّا يتطلب التحلي بالصبر وعدم اليأس، والتوكل على الله.
- تشجيع السورة على التأمل
تدعو السورة إلى التفكير في قدرة الله -تعالى- من خلال مراحل خلقه وكيف خلق السماوات والأرض لخدمة الإنسان. كما استخدم نوح -عليه السلام- كافة الأساليب في دعوته، مع حرصه على الحوار بلطف وتحذير قومه من المآلات السلبية.
- توضيح خطورة عبادة الأصنام
أكدت السورة على أن عبادة الأصنام، التي كانت تعبد باسم القبائل، لا تضر ولا تنفع، بل تحبط الأعمال وتبعد الناس عن الحق، مما يؤدي بهم إلى الضلال. قال -تعالى-: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ… *وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا).
- بداية السورة بالتوكيد
بينما تتناول السورة مواضيع متعددة، فإنها تفتتح بالتوكيد على أهمية الخبر والدلالة، حيث تدعو كافة آياتها للخير وتبرز دعاء نوح لربه بالهدى والمغفرة.
- السورة تقدم دروسًا مهمة في التذكير والإنذار
تطرح السورة كيف تتجلى وسائل الإنذار والتذكير، حيث أنذر نوح قومه وذكرهم بمقتضيات عبادة الله، لكنهم لم يقبلوا هذا النداء، مما أدى إلى خسارتهم الكبيرة عبر الطوفان.