نبذة عن كتاب “عمدة القاري” في شرح صحيح البخاري
يُعتبر كتاب “عمدة القاري” الذي ألّفه العلامة محمود بن أحمد بن موسى الحنفي، المعروف بالعيني، واحدًا من أهم الشروحات المتخصصة لكتاب صحيح البخاري. يُعدّ العيني من كبار الفقهاء والأصوليين والمفسرين والمحدثين، وقد ساهمت كتاباته في إثراء المجال الفقهي.
أصبح هذا الكتاب محوراً للحوار والنقاش بين العيني والإمام ابن حجر، الذي قدم شرحاً مفصلاً في كتابه “فتح الباري” بشأن صحيح البخاري. كما استفاد الإمام يوسف من “عمدة القاري” في مؤلفه “نجاح القاري”، حيث قام بنقل أجزاء من نصوصه بشكل مباشر دون تعديل.
نبذة عن مؤلف “عمدة القاري”
مؤلف “عمدة القاري” هو محمود بدر الدين العيني، والذي يُلقب بأبي محمد. يُنسب العيني إلى مدينة عينتاب، حيث نشأ وتعلم بها. درس العلم على يد العديد من الحفاظ، مثل الحافظ العراقي، والحافظ سراج الدين البلقيني، والحافظ نور الدين الهيثمي. وله عدة مؤلفات، من بينها “نُخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار” و”عقد الجُمّان في تاريخ أبناء الزمان”.
كما قام بتأليف كتاب في شرح سنن أبي داود، و”العناية في شرح الهداية” الذي يتناول فقه الحنابلة. توفي العيني عام 852 هجريًا (1448 ميلادي). عُرف بأنه كان قاضي القضاة في عهده، وُلِد في شهر رمضان عام 762 هجريًا (1361 ميلادي) في عينتاب وتلقى تعليمه في علوم الفقه والأصول والنحو.
انتقل إلى القاهرة مع شيخه الجمال يوسف الملطي والعلاء السيرافي، هناك تولى الحسبة ثم قضاء الحنفية، كما درس علم الحديث. كان يتمتع بمعرفة واسعة باللغة العربية وقواعدها، وقد عُرف بقدرته على استخدام الحواشي. يُعتقد أنه توفي في شهر ذي الحجة عام 855 هجريًا (1451 ميلادي).
المنهج الذي اتبعه العيني في “عمدة القاري”
بدأ العيني كتابه بمقدمة مختصرة تتألف من عشر صفحات تعرض فيها إسناده إلى الإمام البخاري، مع ذكر الفوائد المستخلصة من صحيحه وأسباب تأليفه، بالإضافة إلى ترجح الأحاديث الصحيحة. كما قام بذكر عدد الأحاديث الموثقة وقدم فهرسًا لأحاديث صحيح البخاري، مع الحديث عن طبقات شيوخ الإمام. وقد ناقش الفرق بين الاعتبار والمتابعة والمشاهدة، وضبط الأسماء المتكررة.
كما تناول الأحاديث المعلقة في الصحيح، وعرّف بعلوم الحديث والمسائل المتعلقة به ومبادئها، مستفيدًا من كتاب شرح الكرماني بخصوص هذا العلم، وقد عرّفه بأنه “يتعلق بذات النبي -عليه الصلاة والسلام-“.
أهمية كتاب “عمدة القاري”
يُعتبر “عمدة القاري” من الشروحات الجوهرية لصحيح البخاري، حيث يتناول الكتاب المتون أولاً ثم يقدم الشرح والتحليل. يُطلق عليه لقب “الشرح الشامل”، لأنه يغطي جميع ما ورد في الصحيح، ويشمل التراجم والأسانيد والمعلقات، إضافةً إلى المتون. كان العيني يقدم نص الحديث من الصحيح قبل شرحه والتعليق عليه، مستندًا في ذلك إلى كتب أخرى اعتنت بدقة الروايات.