أبيات قصيدة: أتعلم أم أنت لا تعلم
قصيدة “أتعلم أم أنت لا تعلم” من تأليف الشاعر محمد مهدي الجواهري، تتناول رثاء أخيه، ويقول فيها:
أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ
بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ
فَمٌّ ليس كالمَدعي قولةً
وليس كآخَرَ يَسترحِمُ
يصيحُ على المُدْقِعينَ الجياعِ
أريقوا دماءكُمُ تُطعَموا
ويهْتِفُ بالنَّفَر المُهطِعيــنِ
أهينِوا لِئامكمُ تُكْرمَوا
أتعلَمُ أنَّ رِقابَ الطُغاةِ
أثقَلَها الغُنْمُ والمأثَمُ
وأنّ بطونَ العُتاةِ التي
مِن السُحتِ تَهضِمُ ما تهضمُ
وأنَ البغيَّ الذي يدعي
من المجد ما لم تَحُزْ مريمُ
ستَنْهَدُّ إن فارَ هذا الدمُ
وصوَّتَ هذا الفمُ الأعجمُ
فيا لكَ مِن مَرهمٍ ما اهتدَى
إليه الأُساة وما رهَّموا
ويا لكَ من بَلسمٍ يُشتَفى
به حينَ لا يُرتجى بَلسمُ
ويا لكَ من مَبسِمٍ عابسٍ
ثغور الأماني به تَبسِمُ
أتعلمُ أنّ جِراحَ الشهيــدِ
تظَلُّ عن الثأر تستفهِمُ
أتعلمُ أنّ جِراحَ الشهيــدِ
مِن الجُوعِ تَهضِمُ ما تَلهمُ
تَمُصُّ دمًا ثُم تبغي دمًا
وتبقى تُلِحُ وتستطعِمُ
فقُلْ للمُقيمِ على ذُلّهِ
هجينًا يُسخَّرُ أو يُلجَمُ
تَقَحَّمْ، لُعِنْتَ، أزيزَ الرَّصاصِ
وَجرِّبْ من الحظّ ما يُقسَمُ
وخُضْها كما خاضَها الأسبقونَ
وَثنِّ بما افتتحَ الأقدمُ
فإِمَّا إلى حيثُ تبدو الحياةُ
لِعينيْكَ مَكْرُمةً تُغْنَمُ
وإمَّا إلى جَدَثٍ لم يكُن
ليفضُلَه بيتُكَ المُظلِمُ
تَقَحَّمْ، لُعِنْتَ، فما تَرتجي مِن
العيش عن وِرده تُحرَمُ
أأوجعُ مِن أنَّك المُزدرى
وأُقتَلُ مِن أنَّك المُعدِمُ
تقحَّمْ فمَنْ ذا يَخوضُ المَنونَ
إذا عافَها الأنكدُ الأشأمُ
تقحَّمْ فمَنْ ذا يلومُ البطيــنَ
إذا كان مِثلُكَ لا يَقْحَمُ
يقولون مَن هم أولاءِ الرَّعاعُ
فأفهِمْهُمُ بدَمٍ مَنْ هُمُ
وأفهِمْهُمُ بدمٍ أنّهمْ
عَبيدُكَ إنْ تَدْعُهمْ يَخدُموا
وأنَّك أشرفُ من خيرِهمْ
وكعبُك مِن خدهِ أكرمُ
أخي جعفرًا يا رُواء الربيــعِ
إلى عَفِنٍ باردٍ يُسلَمُ
ويا زَهرةً من رياض الخُلودِ
تَغوَّلها عاصفٌ مُرزِمُ
ويا قبَسًا من لهيب الحياةِ
خَبا حين شبَّ له مَضْرَمُ
ويا طلعةَ البِشر إذ ينجلي
ويا ضِحكةَ الفجر إذ يَبسِمُ
لَثَمْتُ جراحكَ في فتحةٍ
هي المُصحَف الطُهرُ إذ يُلثَمُ
وقبَّلتُ صدرَك حيثُ الصَّميــمُ
مِن القلب، مُنْخَرقًا، يُخرَمُ
وحيثُ تَلوذُ طيورُ المُنى
به فهيَ، مُفزعَةً، حُوَّمُ
وحيثُ استقرَّت صِفاتُ الرجالِ
وضَمَّ معادِنَها مَنجَمُ
وَرَّبتُّ خدًّا بماءِ الشبابِ
يرفُّ كما نوّر البُرعُمُ
ومَّسحتُ مِن خُصَلٍ تَدَّلي
عليه كما يَفعلُ المُغرمُ
وعلَّلتُ نفسي بذوب الصديــدِ
كما علَّلتْ واردًا زمزمُ
ولقَّطتُ مِن زَبدٍ طافحٍ
بثَغرك شهدًا هو العَلْقَمُ
وعوَّضتَ عن قُبلتي قُبلةً
عَصَرْتَ بها كلَّ ما يؤلِمُ
عَصَرْتَ بها الذكرياتِ التي
تقَضَّتْ كما يَحْلُمُ النُوَّمُ
أخي جعفرًا إنّ رجعَ السنيــنَ
بَعْدَك عندي صَدىً مُبْهمُ
ثلاثونَ رُحْنا عليها معًا
نُعذَّبُ حِينًا ونستنعِمُ
نُكافحُ دهرًا ويستَسْلِمُ
ونُغلبُ طَورًا ونَسْتَسلِمُ
أخي جعفرًا لا أقولُ الخَيا
لُ وذو الثأرِ يَقْظانُ لا يَحلُمُ
ولكنْ بما أُلهِمَ الصابرونَ
وقد يقرأُ الغيبَ مُستَلهِمُ
أرى أُفُقًا بنجيع الدماءِ
تَنوّرَ واختفتِ الأنجُمُ
وحبلًا من الأرض يُرقى به
كما قذفَ الصاعدَ السُلَّمُ
إذا مدَّ كفّاً له ناكث
تصدَّى ليقطَعها مُبْرِمُ
تكوَّر من جُثَثٍ حوله
ضِخامٍ وأمجادُها أضخمُ
وكفّاً تُمدُّ وراء الحجابِ
فترسُمُ في الأفْقِ ما ترسُمُ
وجيلًا يَروحُ وجيلًا يجيء
ونارًا إزاءَهما تُضرَمُ
أُنبِّيكَ أنّ الحِمى مُلْهَبٌ
وواديه من ألمٍ مُفعَمُ
ويا وَيْحَ خانقةٍ مِن غدٍ
إذا نَفَّسَ الغدُ ما يَكظمُ
وأنّ الدماءَ التي طلَّها
مُدِّلٌّ بشُرطتهُ مُعرمُ
تَنَضَّحُ من صدرِك المُستطابِ
نزيفًا إلى الله يَستظلِمُ
ستبقى طويلًا تَجُرُّ الدماءَ
ولَنْ يُبرِدَ الدمَ إلاّ الدمُ
وأنَّ الصدورَ التي فلَّها
وأبدعَ في فلِّها مُجْرمُ
ونَثَّرَ أضلاعها نَثْرةَ
شَتاتًا كما صُرِّفَ الدرهمُ
ستَحْضُنُها من صُدور الشبابِ
قُساةٌ على الحقِ لا ترحمُ
أخي جعفرًا إنّ عِلَم اليقيــنِ
أُنبِّيكَ إنْ كنتَ تستعلِمُ
صُرِعْتَ فحامتْ عليك القلوبُ
وخفَّ لك الملأُ الأعظَمُ
وسُدَّ الروُُاقُ، فلا مَخرجٌ
وضاقَ الطريقُ، فلا مَخرمُ
وأبلغَ عنك الجَنوبُ الشَّمال
وعزَّى بك المُعرِقَ المُشئِمُ
وشَقَّ على الهاتفِ الهاتفونَ
وضجَّ من الأسطُرِ المرِقَمُ
تعلَّمتَ كيف تَموتُ الرجالُ
وكيف يُقامُ لهمْ مأتَمُ
وكيف تُجرُّ إليك الجموعُ
كما انجرَّ للحَرمِ المُحرِمُ
ضحِكتُ وقد هَمْهَمَ السائلونَ
وشقَّ على السمعِ ما همهموا
يقولون مِتَّ وعند الأساةِ
غيرَ الذي زَعَموا مَزعَمُ
وأنتَ مُعافى كما نرتجي
وأنت عزيزٌ كما تعلَمُ
ضحِكتُ وقلتُ هنيئًا لهم
وما لفَّقوا عنك أو رجَّموا
فهم يبتغون دمًا يشتفي
به الأرمدُ العينِ والأجذمُ
دمًا يُكذِبُ المخلصونَ الأباةُ
به المارقينَ وما قسَّموا
وهم يبتغونَ دمًا تلتقي
علية القُلوب وتستَلئمُ
إلى أنْ صَدَقْتَ لهمْ ظَنَّهم
فيا لكَ من غارِمٍ يَغنَمُ
فهمْ بك أولى فلمَّا نَزَل
كَجِذْرٍ على عَددٍ يُقسمُ
وهم بك أولى، وإن رُوِّعت
عجوزٌ على فِلذةٍ تلطِمُ
وتكفُرُ أنَ السما لم تعد
تُغيثُ حَريبًا، ولا تَرْحَمُ
وأُختٌ تشقُّ عليك الجيوبَ
فيغرَزُ في صدرها مِعصَمُ
تناشِدُ عنك بريقَ النُّجوم
لعلَّك مِن بينها تنجُمُ
وتَزْعُمُ أنَّك تأتي الصَّباحَ
وقد كذَّبَ القبرُ ما تَزْعُمُ
لِيَشْمَخْ بفقدِكَ أنفُ البلادِ
وأنفي وأنفُهم مُرغمُ
أخي جعفرًا بعُهود الإخاءِ
خالصةً بيننا أُقسِمُ
وبالدمع بَعدَكَ لا يَنثني
وبالحُزنِ بَعدَكَ لا يُهزمُ
وبالبيتِِ تَغمرُهُ وحشةٌ
كقبركَ يَسأل هل تقدَمُ
وبالصحب والأهلِ يستغربونَ
لأنَّك منحرفٌ عنهمُ
يمينًا لتَنهَشُني الذكرياتُ
عليك كما يَنهش الأرقمُ
إذا عادني شبحٌ مفرحٌ
تصدَّى له شبحٌ مؤلِمُ
وأنّي عُودٌ بكفِّ الرياحِ
يسأل منها متى يُقصَمُ
أخي جعفرًا وشجونُ الأسى
ستَصرِم حبلي ولا تُصرَمُ
أزحْ عن حَشاك غُثاء الضميــرِ
ولا تكتُمَنّي، فلا أكتُمُ
فإنْ كانَ عندكَ مِن مَعتَبٍ
فعندي أضعافُه مَنْدَمُ
وإن كنتَ فيما امتُحِنَّا به
وما مسّنا قَدَرٌ محْكَمُ
تُخَرِّجُ عُذرًا يُسلّي أخًا
فأنت المدِلُّ به المُنعِمُ
عصارةُ عُمرٍ بشتّى الصنُو
فِ مليءٍ كما شُحِنَ المُعْجمُ
به ما أُطيقُ دفاعًا به
وما هو لي مُخْرِسٌ مُلجِمُ
أسالتْ ثراك دموعُ الشبابِ
ونوَّر منك الضريحَ الدمُ
شرح قصيدة أتعلم أم أنت لا تعلم
قصيدة “أتعلم أم أنت لا تعلم” هي من تأليف الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري، والتي رثى فيها أخاه “جعفر” الذي قُتل في معركة الجسر خلال ما يُعرف بـ “وثبة العراق” في العهد الملكي، وهي رد على معاهدة بورتسموث التي وضعت العراق تحت سيطرة بريطانيا الكبرى.
تُعد هذه القصيدة واحدة من أبرز أعمال الجواهري، الذي وُلِد في النجف وعاش في كربلاء، وُلد عام 1899 وتوفي عام 1997، حيث عاصر ما يقارب القرن من الزمن. ألقى الجواهري هذه القصيدة لأول مرة بعد ثلاثة أيام من وفاة أخيه من على سطح جامع الحيدر خانة عبر مكبّرات الصوت، مما أسفر عن توقف الحركة واحتشاد الناس للاستماع إليه.
بعد مرور أسبوع، أعاد إلقاءها بمناسبة مرور أسبوع على وفاة أخيه وصحبه في معركة الجسر، ونشرت في جريدة الرأي العام التي كان يملكها الجواهري في العدد 15 – شباط/فبراير – 1948م. تتكون من 99 بيتًا موزونة على البحر المتقارب.
شرح الأبيات من 1 – 4
أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ
بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ
فَمٌّ ليس كالمَدعي قولةً
وليس كآخَرَ يَسترحِمُ
يصيحُ على المُدْقِعينَ الجياعَ
أريقوا دماءكُمُ تُطعَموا
ويهْتِفُ بالنَّفَر المُهطِعيــنَ
أهينِوا لِئامكمُ تُكْرمَوا
في هذا المقطع، يبدأ الجواهري قصيدته بخطاب شهيد، مُشيرًا إلى ضحايا الظلم وكيف يمكن لحياتهم أن تُصنَع بالشجاعة. يتساءل الشاعر عن ضعف الآخرين في مواجهة القهر والألم.
هناك بعض الكلمات التي تتطلب الشرح، مثل:
المفردة | شرح المفردة |
المدقعين | هؤلاء هم الأشخاص الذين لا قيمة لهم، وقد يساء إليهم. |
المهطعين | المهطع هو الشخص الذليل والخاضع. |
من الصور الفنية في المقطع السابق:
- جِراحَ الضحايا فمُ
تشبيه بلاغي، حيث شبّه الجراح بالفم، وقام بحذف وجه الشبه وأداة التشبيه.
شرح الأبيات من 5 – 8
أتعلَمُ أنَّ رِقابَ الطُغاةِ
أثقَلَها الغُنْمُ والمأثَمُ
وأنّ بطونَ العُتاةِ التي
مِن السُحتِ تَهضِمُ ما تهضمُ
وأنَ البغيَّ الذي يدعي
من المجد ما لم تَحُزْ مريمُ
ستَنْهَدُّ إن فارَ هذا الدمُ
وصوَّتَ هذا الفمُ الأعجمُ
في هذا المقطع، يستمر الجواهري في مخاطبة الشهداء، مبينًا أن النظام الظالم بلغ حدًا من الاستبداد، وأنه لن تجد طريقًا للتحرر إلا من خلال دماء الشهداء.
هناك بعض الكلمات التي تحتاج إلى الشرح، ومنها:
المفردة | شرح المفردة |
الغُنم | الفوز بالحصول على شيء بدون مشقة. يُستخدم هنا بمعنى الغنائم. |
البغي | يشير إلى الفاسد أو الآثم الذي يستغل الصلاح. |
من الصور الفنية في المقطع السابق:
- رقاب الطغاة أثقلها الغُنم
شبّه الغُنم بشيء ماديّ يُعلَّق بالرقبة مشيرًا إلى عواقب الظلم. تعتبر الاستعارة هنا مكنيّة.
- فارَ هذا الدمُ
هنا يُشبه الدم بماء يفور، وهذه استعارة مكنيّة.
شرح الأبيات من 9 – 14
فيا لكَ مِن مَرهمٍ ما اهتدَى
إليه الأُساة وما رهَّموا
ويا لكَ من بَلسمٍ يُشتَفى
به حينَ لا يُرتجى بَلسمُ
ويا لكَ من مَبسِمٍ عابسٍ
ثغور الأماني به تَبسِمُ
أتعلمُ أنّ جِراحَ الشهيــدِ
تظَلُّ عن الثأر تستفهِمُ
أتعلمُ أنّ جِراحَ الشهيــدِ
مِن الجُوعِ تَهضِمُ ما تَلهمُ
تَمُصُّ دمًا ثُم تبغي دمًا
وتبقى تُلِحُ وتستطعِمُ
في هذا المقطع، يقوم الجواهري بإبراز صفات الشهداء، مشيرًا إلى أن دماءهم هي الواجب الذي يجب الوفاء به، مُشيرًا إلى المعاناة التي يعيشونها.
هناك كلمات تتطلب الشرح، مثل:
المفردة | شرح المفردة |
مرهم | هو مادة تُستخدم لعلاج الجراح. |
بلسم | هو دواء يُستخدم في الشفاء. |
من الصور الفنية في المقطع السابق:
- جِراحَ الشهيدِ تظَلُّ عن الثأر تستفهِمُ
يشير إلى أن الجراحة تبحث عن ثأر، مما يُظهر الشعور بالحرمان والانكسار، وهذه استعارة مكنيّة.
- جِراحَ الشهيدِ مِن الجُوعِ تَهضِمُ ما تَلهمُ
تشبيه الجراح بالإنسان الذي يأكل ويتغذى، مما يُظهر كيف يمكن للألم أن يتحول إلى قوة.
شرح الأبيات من 15 – 23
فقُلْ للمُقيمِ على ذُلّهِ
هجينًا يُسخَّرُ أو يُلجَمُ
تَقَحَّمْ، لُعِنْتَ، أزيزَ الرَّصاصِ
وَجرِّبْ من الحظّ ما يُقسَمُ
وخُضْها كما خاضَها الأسبقونَ
وَثنِّ بما افتتحَ الأقدمُ
فإِمَّا إلى حيثُ تبدو الحياةُ
لِعينيْكَ مَكْرُمةً تُغْنَمُ
وإمَّا إلى جَدَثٍ لم يكُن
ليفضُلَه بيتُكَ المُظلِمُ
تَقَحَّمْ، لُعِنْتَ، فما تَرتجي
مِن العيش عن وِرده تُحرَمُ
أأوجعُ مِن أنَّك المُزدرى
وأُقتَلُ مِن أنَّك المُعدِمُ
تقحَّمْ فأيُّ إنسانٍ يَخوضُ المَنونَ
إذا عافَها الأنكدُ الأشأمُ
تقحَّمْ، فمَنْ ذا يلومُ البطيــنَ
إذا كان مِثلُكَ لا يَقْحَمُ
في هذا المقطع، يُحثّ الجواهري الجبناء على مواجهة التحديات، مشددًا على أن الشرف يكمن في المقاومة. مؤكداً أن كل من يقف في صف الظلم سيظل خاضعًا للذل.
هناك كلمات تتطلب الشرح، مثل:
المفردة | شرح المفردة |
هجينًا | تستخدم للدلالة على الأنواع غير الأصيلة. |
المنون | تعني الموت أو حوادث الزمن. |
من الصور الفنية في المقطع السابق:
- المقيم على ذلّه
هنا تم استخدام الاستعارة المكنيّة، حيث أُشير إلى الذل بشيء يُقام عليه.
شرح الأبيات من 24 – 30
يقولون مَن هم أولاءِ الرَّعاعُ
فأفهِمْهُمُ بدَمٍ مَنْ هُمُ
وأفهِمْهُمُ بدمٍ أنّهمْ
عَبيدُكَ إنْ تَدْعُهمْ يَخدُموا
وأنَّك أشرفُ من خيرِهمْ
وكعبُك مِن خدهِ أكرمُ
أخي جعفرًا يا رُواء الربيــعِ
إلى عَفِنٍ باردٍ يُسلَمُ
ويا زَهرةً من رياض الخُلودِ
تَغوَّلها عاصفٌ مُرزِمُ
ويا قبَسًا من لهيب الحياةِ
خَبا حين شبَّ له مَضْرَمُ
ويا طلعةَ البِشر إذ ينجلي
ويا ضِحكةَ الفجر إذ يَبسِمُ
في هذا المقطع، يُبرز الجواهري فرار العبيد من ظلم الجبناء، مُشيرًا إلى الشهداء كأسمى مخلوقات البطولة والفخر. ويعتبر الشهداء أنقى من الآخرين الذين يستسلمون للقهر.
هناك بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:
المفردة | شرح المفردة |
الرعاع | تعني السفلة والغوغاء من الناس. |
قبسًا | يعني الشعلة من النار. |
من الصور الفنية في المقطع السابق:
- لهيب الحياة
استعار الجواهري الحياة كوصف للنار، مما يُظهر تضحية الشهداء.
- ضحكة الفجر
وصف الفجر بأنه إنسان يبتسم، جعل من الفجر رمزًا للأمل والنور.
شرح الأبيات من 31 – 36
لَثَمْتُ جراحكَ في فتحةٍ
هي المُصحَف الطُهرُ إذ يُلثَمُ
وقبَّلتُ صدرَك حيثُ الصَّميــمُ
مِن القلب، مُنْخَرقًا، يُخرَمُ
وحيثُ تَلوذُ طيورُ المُنى
بِهِ فهيَ، مُفزعَةً، حُوَّمُ
وحيثُ استقرَّت صِفاتُ الرجالِ
وضَمَّ معادِنَها مَنجَمُ
وَرَّبتُّ خدًّا بماءِ الشبابِ
يرفُّ كما نوّر البُرعُمُ
ومَّسحتُ مِن خُصَلٍ تَدَّلي
عليه كما يَفعلُ المُغرمُ
في هذا المقطع، يُعبّر الجواهري عن ألمه عندما رأى أخاه على سرير الموت، مُشددًا على قيمته وروحه الحية.
هناك بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:
المفردة | شرح المفردة |
منجَم | يعني مكان استخراج المعادن. |
البرعم | هو النبات قبل أن يُزهر. |
شرح الأبيات من 37 – 43
وعلَّلتُ نفسي بذوب الصديــدِ
كما علَّلتْ واردًا زمزمُ
ولقَّطتُ مِن زَبدٍ طافحٍ
بثَغرك شهدًا هو العَلْقَمُ
وعوَّضتَ عن قُبلتي قُبلةً
عَصَرْتَ بها كلَّ ما يؤلِمُ
عَصَرْتَ بها الذكرياتِ التي
تقَضَّتْ كما يَحْلُمُ النُوَّمُ
أخي جعفرًا إنّ رجعَ السنيــنَ
بَعْدَك عندي صَدىً مُبْهمُ
ثلاثونَ رُحْنا عليها معًا
نُعذَّبُ حِينًا ونستنعِمُ
نُكافحُ دهرًا ويستَسْلِمُ
ونُغلبُ طَورًا ونَسْتَسلِمُ
في هذا المقطع، يستمر الجواهري في الحديث عن مشاعره بعد فقد أخيه، مشيرًا إلى المعاناة التي ستستمر بعده، ويَستخدم تأثيرات عاطفية للتواصل مع القارئ.
هناك بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:
المفردة | شرح المفردة |
شهدًا | يشير إلى عسل النحل الذي لم يُعصر بعد. |
العلقم | يعني الشيء المر، قرب نبات الحنظل. |
من الصور الفنية في المقطع السابق:
- عَصَرْتَ بها الذكرياتِ
استعار الجواهري الذكريات وكأنها تُعصر لتُظهر حزن الشاعر.
- نُكافحُ دهرًا
يشبّه الدهر بإنسان يُحارب، مُجسدًا الأوضاع الصعبة التي عاشها.
شرح الأبيات من 44 – 49
أخي جعفرًا لا أقولُ الخَيالُ
وذو الثأرِ يَقْظانُ لا يَحلُمُ
ولكنْ بما أُلهِمَ الصابرونَ
وقد يقرأُ الغيبَ مُستَلهِمُ
أرى أُفُقًا بنجيع الدماءِ
تَنوّرَ واختفتِ الأنجُمُ
وحبلًا من الأرض يُرقى به
كما قذفَ الصاعدَ السُلَّمُ
إذا مدَّ كفّاً له ناكث
تصدَّى ليقطَعها مُبْرِمُ
تكوَّر من جُثَثٍ حوله
ضِخامٍ وأمجادُها أضخمُ
في هذا المقطع، يُشير الجواهري إلى الضوء الذي سيظهر مِن بعد الدماء، مبيّنًا كيف أن دماء الشهداء ستُفضي إلى تغيير الأحوال.
هناك بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:
المفردة | شرح المفردة |
يقظان | الشخص ذو الانتباه والذكاء. |
ناكث | الذي يكسر العهود. |
من الصور الفنية في المقطع السابق:
- يقرأُ الغيبَ
يشبّه الغيب كشيء يُقرأ، مما يُعطي بعدًا ميتافيزيقيًا على عمليّة الفهم والمعرفة.
شرح الأبيات من 50 – 55
وكفّاً تُمدُّ وراء الحجابِ
فترسُمُ في الأفْقِ ما ترسُمُ
وجيلًا يَروحُ وجيلًا يجيء
ونارًا إزاءَهما تُضرَمُ
أُنبِّيكَ أنّ الحِمى مُلْهَبٌ
وواديه من ألمٍ مُفعَمُ
ويا وَيْحَ خانقةٍ مِن غدٍ
إذا نَفَّسَ الغدُ ما يَكظمُ
وأنّ الدماءَ التي طلَّها
مُدِّلٌّ بشُرطتهُ مُعرمُ
تَنَضَّحُ من صدرِك المُستطابِ
نزيفًا إلى الله يَستظلِمُ
في هذا المقطع، يُشير الجواهري إلى حرقة الجراحات التي نتجت عن الظلم، وكيف ستُكتب في التاريخ عن الاضطهاد وضرورة البقاء على العهد.
هناك بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:
المفردة | شرح المفردة |
الحِمى | المكان المُقدس الذي يحمى من الأعداء. |
يكظم | يعني كبت الغضب أو الحزن. |
من الصور الفنية في المقطع السابق:
شرح الأبيات من 56 – 64
ستبقى طويلًا تَجُرُّ الدماءَ
ولَنْ يُبرِدَ الدمَ إلاّ الدمُ
وأنَّ الصدورَ التي فلَّها
وأبدعَ في فلِّها مُجْرمُ
ونَثَّرَ أضلاعها نَثْرةَ
شَتاتًا كما صُرِّفَ الدرهمُ
ستَحْضُنُها من صُدور الشبابِ
قُساةٌ على الحقِ لا ترحمُ
أخي جعفرًا إنّ عِلَم اليقيــنِ
أُنبِّيكَ إنْ كنتَ تستعلِمُ
صُرِعْتَ فحامتْ عليك القلوبُ
وخفَّ لك الملأُ الأعظَمُ
في هذا المقطع، يُظهر الجواهري كيف سيبقى أثر الشهداء، مُشددًا على أهمية الدماء في تحقيق العدالة.
هناك بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:
المفردة | شرح المفردة |
حامَت | الحَوْم يعني ممارسة حركة دائرية حول الشيء. |
الملأ | يشير إلى الملائكة مثلًا أو الأعيان. |
الأفكار الرئيسة في قصيدة أتعلم أم أنت لا تعلم
تتضمن القصيدة مجموعة من الأفكار المهمة، منها:
- دماء الشهداء تضيء طريق الثائرين نحو الكرامة.
- الجبناء والمتآمرون هم الداء الأكبر لأيّ وطن.
- لا يمكن تعويض دماء الشهداء بغير دماء الجبناء.
- وجوب الالتزام بالنهج الذي سار عليه الشهداء لتحرير البلاد والعيش بحياة كريمة.