ما هو التعبير المجازي؟
التعبير المجازي يُعرَف بأنه استخدام الكلمات للدلالة على معانٍ غير معانيها الحرفية. كمثال على ذلك هو الربط بين جمال الوجه والشمس أو بين شجاعة الرجل والأسد. على سبيل المثال، يُقال: “كان خالد بن الوليد إذا سار، سارت معه النصر”، هنا تعني “سار” المشي، ولكن النصر ليس شيئًا يتحرك، لذا فإن المقصود هنا هو أن النصر كان دائمًا ملازمًا لخالد بن الوليد في معاركه.
يُعتبر المجاز أحد أدوات التعبير الشائع في الشعر، حيث يحتوي على تشبيهات واستعارات وصور تُعبر عن حقيقة بطريقة ملموسة، وهذا يُظهر جوهر التعبير الشعري. اللغة العربية تُعتبر لغة مجاز في طبيعتها، إذ تتجاوز الصور المادية إلى معانٍ أكثر تجريدًا. فعندما يسمع العربي تشبيهًا ما، يكون قادرًا على فهم المقصود بسرعة.
أنواع التعبير المجازي
تنقسم أنواع التعبير المجازي إلى ما يلي:
التشبيه
يعرف التشبيه بكونه المقارنة بين أمرين بناءً على صفة أو أكثر، حيث يُسمى الطرف الأول بأنه المشبه والثاني المشبه به. يكون الوصف هو وجه الشبه بينهما، وقد تكون أداة التشبيه هي الكاف أو غيرها. مثال على ذلك هو: “نسمات الهواء الرائعة كأنها تداعب أوراق الشجر”. ومن أبرز التعبيرات المجازية في الشعر العربي نجد قول عنترة بن شداد:
بسيفٍ حدهُ يزجي المنايا
ورمحٍ صدْرُهُ الحتفُ المميتُ
صوّر عنترة حد السيف كأنه يقود أمامه الموت، وهو معنى مجازي للغاية، كما وصف طرف الرمح بأنه يتضمن الموت أيضًا، مما يُظهر قوة سيفه كأداة مميتة تُستخدم في المعارك.
الاستعارة
تشير الاستعارة إلى تشبيه يتم فيه حذف أحد طرفي المقارنة، سواءً المشبه أو المشبه به. تنقسم الاستعارة إلى نوعين:
الاستعارة المكنية
في هذا النوع، يتم حذف المشبه به ويُستعاض عنه بإحدى لوازمه، كما في قول أبو ذؤيب الهذلي:
وإذا المنيَّةُ أنْشَبَتْ أظفارَها
ألفَيتَ كُلَّ تميمةٍ لا تَنفَعُ
هنا، يمثل “المنية” (الموت) بوصفها كائنًا له أظافر، وهو تعبير مجازي يُشير إلى الفكرة المراد توصيلها.
الاستعارة التصريحية
فيها يُحذف المشبه ويُصرح بالمشبه به، كما نجد في قول ابن هندو:
فأمطرت لؤلؤًا من نرجسٍ وسَقَت
وردًا وعَضَّت على العُنَّاب بالبَردِ
هنا شبه الشاعر الدموع باللؤلؤ، والعيون بالنرجس، والخدود بالورد، والأصابع بالعناب، والأسنان بالبرد، مما يبرز بلاغة التعبير.
الجناس
الجناس هو تكرار اللفظ بشكل متشابه مع اختلاف المعاني. تنقسم أنواع الجناس إلى:
- الجناس التام
يعرف عندما تتطابق الكلمتان في الهيئة والنوع والعدد والترتيب، كما في قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ۚ كَذلكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ}، حيث تكررت كلمة “الساعة” مرتين. وكذلك يورد الشعراء مثالاً آخر:
فلا عفا الله عن مروان ملمة
لكن عفا الله عمن قال آمين
- الجناس الناقص
يظهر هذا النوع عندما تختلف الكلمتين في بعض شروط الجناس التام، مثل عدد الحروف. مثال على الجناس الناقص موجود في الآية الكريمة: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ*إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ}، حيث تتشابه الكلمتان “الساق” و”المساق” في نوع الحروف، ولكن تختلفان في عدد الحروف والمعنى. يقول شاعر آخر:
فبت أسر البدر طورا حديثها
وطورا أناجي البدر أحسبها البدرا