نظام الخراج خلال فترة حكم الخلفاء الراشدين

الخراج في زمن الخلفاء الراشدين

تعتبر أول إشارة لمفهوم الخَراج خلال عهود الصلح التي أبرمها خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في عام 12هـ مع بعض القرى في منطقة السواد، والتي تم فتحها أثناء حكم الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. تقع هذه المناطق بين الكوفة والبصرة في العراق.

تجلت ملامح الدولة الاقتصادية المتعلقة بالخراج خلال فترة حكم الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، حيث كان أبو بكر -رضي الله عنه- يتعامل مع أهل الذمة بناءً على مبدأ المقاسمة في النصف بدلاً من النقود. وقد استمر الخلفاء الراشدون على نفس النهج الذي اتبعه عمر فيما يتعلق بالأراضي الجديدة من خلال فرض الخراج على السكان بما يعود بالفائدة على بيت مال المسلمين.

وفي عهد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، كان حريصًا على أن تكون عائدات الخراج لصالح المستحقين، مشدداً على ضرورة تحسين أوضاعهم الاقتصادية. وقد ذُكر أنه كان يوصي من يتولى أمور الناس أن يركز اهتمامه على تنمية الأراضي التي تحت حكمه واستخدام الأموال في خدمة أهل تلك المناطق.

آداب مولى الخراج

استند فقهاء الإسلام في وضع واجبات الإمام إلى ما فعله الخلفاء الراشدون، حيث حرصوا على اختيار عُمال الخراج وتطبيق رقابة صارمة لضمان العدالة بين الناس، بالإضافة إلى تقديم رواتب كافية لهم. ومن أهم آداب معالجي الخراج:

  • التعامل برفق مع أهل الخراج.
  • تحقيق العدالة والإنصاف.
  • النزاهة والابتعاد عن الرشوة.

الشروط المطلوبة لموظفي الخراج

جدير بالذكر أن هناك شروطًا حددها العلماء بناءً على ما عُرف عن عمال أخذ الجزية خلال فترة الخلفاء الراشدين، وتشمل ما يلي:

  • أن يكون مسلمًا.
  • أن يتمتع بالحرية.
  • أن يكون أمينًا.
  • أن يتمتع بالكفاءة.
  • أن يمتاز بالعلم والفقه.

تعريف الخراج من حيث اللغة والاصطلاح

بالنسبة للخراج في اللغة، فهو مشتق من الفعل الثلاثي “خرج” ويعني ما يخرج، فهو عبارة تشير إلى العائد المالي، وقد يعني أيضًا غلة العبد والأمة. كما ورد بمعناه الرزق والعطاء.

أما في الاصطلاح، فيعرّف الخراج بأنه ما يقدمه القوم سنويًا من أموالهم بمقدار محدد، كما يشير أيضًا إلى الضرائب المفروضة على الأراضي أو محاصيلها مقابل استغلال الفلاحين لها. ويُعتبر الخراج في الفقه الإسلامي مرتبطًا بالأراضي التي استولى عليها المسلمون من خلال الفتح، مثل الأراضي الريفية في الشام ومصر التي أصبح خراجها أحد المصادر الرئيسية لإيرادات بيت المال.

أنواع الخراج

تنقسم أنواع الخراج إلى قسمين رئيسيين:

خراج الأراضي

يشمل الخراج المفروض على الأراضي المفتوحة من أهل الحرب، وينقسم إلى نوعين:

  • خراج المقاسمة

يحدث عندما يفتح الإمام بلدة من بلاد أهل الحرب عنوة، ويمنّ عليهم بأراضيهم، ليتقاسم معهم في زروع أراضيهم وثمار كرومهم بالنصف أو الثلث أو الربع، وهو نوع من الخراج الذي شرعه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.

  • خراج الوظيفة

في هذه الحالة، يفتح الإمام بلدة من بلاد أهل الحرب عنوة، ويمن على السكان بأراضيهم ويحدد مقداراً معيناً من الدراهم أو الطعام كخراج مما يُعرف بقضاء عمر -رضي الله عنه-.

خراج الأفراد أو الجزية

تشير الجزية إلى ضريبة سنوية تُفرض على الرجال البالغين القادرين من غير المسلمين، بناءً على ثرواتهم، بينما يُعفى الفقراء منها بشكل كامل. وتحدد قيمتها بحسب تقدير الإمام، حيث حدد عمر -رضي الله عنه- مقدار الجزية بـ 48 درهمًا للأغنياء، و24 درهمًا للمتوسطين في اليسار، و12 درهمًا للطبقة الدنيا من الموسرين.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *