تعريف علم الاجتماع ومفاهيمه إن مصطلح “العلوم” يعبر عن المعرفة التي يستقيها الإنسان من خلال مراقبة ظاهرة محددة ثم اقتراح فرضيات حولها وإجراء تجارب تهدف إلى تأكيد أو دحض تلك الفرضيات. ومن بين فروع العلوم المتعددة يأتي “علم الاجتماع”، وهو موضوع هذا المقال.
تعريف علم الاجتماع
- يتباين الباحثون في علم الاجتماع حول تعريفه، حيث يشير “جيمس فاندر” إلى أن علم الاجتماع هو العلم الذي يدرس سلوكيات وتفاعلات الأفراد.
- وهذا السلوك يتضح جليًّا كنتيجة للعلاقات القائمة بين الأفراد. وفقًا لفاندر، فإن علم الاجتماع يهتم بالوقائع الاجتماعية التي تحدث بين الناس.
- كما يهتم بالنشاطات التي يمارسها الأفراد، ويعدّ دراسة العلاقات المتبادلة المستمرة فيما بينهم جزءًا من اهتماماته، ويسعى للحفاظ على تلك الروابط الاجتماعية.
- لقد أدلى “ماكجي” برأيه، حيث يُعَرّف علم الاجتماع بأنه العلم الذي يدرس النظام الاجتماعي ويعبر عن الأنماط التي تنظم شئون الأفراد في المجتمع.
- تبدأ هذه الأنماط من الروابط البسيطة كالتعاون، وصولًا إلى العلاقات الكبرى بين المجموعات التي تتقاسم مواقف سياسية متشابهة.
- في سياق آخر، عرّف “لوسيل دبرمان” علم الاجتماع بأنه دراسة سلوك الإنسان ونظامه الاجتماعي.
- كما أشار “برنارد فيلبس” إلى أن الفهم الحقيقي لعلم الاجتماع يتمثل في دراسة سلوك المجتمع ككل.
- هناك تعريف آخر يرد في بعض المراجع العربية، يشير إلى علم الاجتماع كعلم يتناول دراسة الظواهر والأنظمة الاجتماعية.
- كما يهتم بالسلوك الإنساني خلال علاقاته مع المجتمع والبيئة المحيطة به.
- تجدر الإشارة إلى أن العالم ابن خلدون، الذي يُعتبر مؤسس علم الاجتماع، أطلق عليه لقب “علم العمران” نظرًا لتنوع مجالاته واحتوائه على فروع متعددة، حيث يدرس سلوك الفرد داخل المجتمع وتأثيراته المتبادلة مع البيئة المحيطة، ويولي أهمية لظاهرة نشأة الدولة والعوامل التي تؤدي إلى قوتها أو ضعفها.
مجالات علم الاجتماع
- تتعدد المجالات التي يبحث فيها علم الاجتماع وتدور حول قضايا مجتمعية أساسية.
- من بينها الدين، والدولة، وتكوين الأسرة، والطبقات الاجتماعية، بالإضافة إلى الحب، والهوية الثقافية، والشيخوخة، والتعليم.
- أيضًا، يتم استكشاف العديد من الظواهر التي قد تتجلى في أي مجتمع، مثل السلام وأسباب الصراعات.
- ما ينتج عن تلك الحروب له تأثيرات اقتصادية قد تؤثر بدورها على النمو السكاني، وبالتالي تؤدي إلى زيادة الهجرات.
- تكون العلاقات الإنسانية عمومًا غير واضحة تمامًا، مما يعكس صعوبة دراسة وتطبيق علم الاجتماع.
- هكذا، يصبح من المهم أن يقوم علماء الاجتماع بدراسة سلوك الفرد داخل المجتمع، وتحليل البيانات الناتجة، وإجراء المقابلات ومناقشة نتائج تلك التحليلات.
- شمل علم الاجتماع دراسة العلاقات البسيطة، مثل علاقة الزوج والزوجة، إلى جانب العلاقات المعقدة.
- مثل العلاقة بين رئيس مجلس الإدارة والموظفين أو العلاقات بين العمال في المصنع.
- على الرغم من التحديات التي تواجه دراسة علم الاجتماع، إلا أن الكثير من الأفراد يتجهون لدراسته ويتجاوزون هذه الصعوبات.
مجالات علم الاجتماع المتخصصة
- علم الاجتماع النظري يهتم بدراسة النظريات المرتبطة بالمجتمع على أسس علمية مثل نظرية الرضا للعالم “إيميلي دوركهايم”.
- أما علم الإجرام، فهو يتناول الأسباب المؤدية إلى حدوث الجريمة، وأنواعها، والعقوبات المناسبة لكل نوع.
- يتضمن أيضًا دراسة السلوك المنحرف لبعض الأفراد داخل المجتمع، والعمل على تقليل نسبة الجريمة من خلال منظمات تعالج الأسباب المؤدية للدخول في جرائم.
- ويكون ذلك عبر تحسين مستوى المعيشة وزيادة الوعي لدى الأفراد.
- يمكننا التحدث عن علم الاجتماع الريفي الذي ينظر إلى أنماط حياة سكان الريف وتنوع مجتمعاتهم، بما في ذلك الظروف الاقتصادية والعادات والتقاليد المتبعة هناك.
- وكذلك يوجد علم الاجتماع الحضري الذي يركز على دراسة مظاهر الحياة في المدن، والشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأفراد.
- كما يدرس المشكلات التي يواجهونها كزيادة معدلات الجريمة، والتلوث، والفساد، والسرقة، والبطالة، مع مراعاة الفروقات الثقافية بين سكان الريف والمدينة.
تطور علم الاجتماع
- نشأت المرحلة الأولى من علم الاجتماع في القرن السابع واستمرت حتى القرن الرابع عشر.
- كان المفكرون والعلماء العرب من الأوائل الذين أسسوا لأفكار علم الاجتماع، مثل الجاحظ الذي أشار إلى أهمية تفاعل الأفراد في المجتمع.
- قال ابن خلدون إن التعاون يعد أمرًا حيويًا لتوفير الغذاء والأمان ولتجنب الظلم الناتج عن الاعتداءات الخارجية.
- شهد علم الاجتماع تطورًا ملحوظًا في القرن التاسع عشر، حيث أصبح أكثر توجيهًا نحو القوانين والالتزام بها.
- ومن أبرز معالم ذلك ظهور الاعتماد على المقارنة لمعرفة إيجابيات وسلبيات المجتمع، مع التركيز على العقل والمنطق بعيدًا عن الأفكار الغيبية.
- تلتها المرحلة الثالثة التي تركز على التجريب، حيث اهتمت بخبرات الإنسان السابقة لدراسة الحاضر والمستقبل وكيفية التغلب على التحديات.
- تم إغفال تحليل الظواهر الاجتماعية بعيدة المدى والتركيز على المشكلات الاجتماعية آنذاك، مثل الجريمة والإدمان والتفكك الأسري.
- بدأت المرحلة الرابعة بالتركيز على صراع الطبقات، خصوصًا في المجتمعات الرأسمالية، حيث قُسمت المجتمعات إلى فئات مستغلة ومستغَلّة.
- أبرزت هذه المرحلة أهمية الجانب الاقتصادي كعامل رئيس في تلك الصراعات.
- تبع ذلك المرحلة الخامسة بقيادة العالم الأمريكي “تالكوت بارسونز”، والتي تُعرف بالمرحلة الوظيفية.
- قسم بارسونز المجتمع إلى عدة أنساق مترابطة، وكل نسق له قواعد وثوابت خاصة به، مما ساهم في تحقيق أهداف المجتمع بشكل أكثر مرونة والدفع نحو تقليل الصراعات.
أهداف علم الاجتماع
- يسعى علم الاجتماع لفهم المبادئ العامة والأسس التي يقوم عليها المجتمع من خلال دراسة الظواهر الاجتماعية.
- وهذا يتطلب تحليل تلك الظواهر واستكشاف العوامل التي ساهمت في تطورها عبر الزمن، نظرًا لتغير الظروف الاجتماعية بفعل عوامل متعددة.
- تشمل هذه الوظائف المجتمعية، كالزواج الذي ينظم العلاقات بين الأزواج، والتعليم الذي ينظم العلاقة بين المعلمين والطلاب.
- تعد الأهداف العلمية لعلم الاجتماع عديدة، إذ يسهم في الإصلاح الاجتماعي وتحسين التخطيط الاجتماعي.
- يعمل علم الاجتماع على تطوير المجتمع وكذا الفرد، مما يساعد في تقليل الفساد والجريمة، ليتضح أن القائم على علم الاجتماع أساسي كمعرفة علم التشريح في الطب.
- اتخذ علم الاجتماع مسارات مختلفة ولم يتجه لطريق محددة.
- يظهر هذا بسبب التنوع في دراسة الظواهر الاجتماعية وتأثير المجتمع والنفس البشرية على أفكار العلماء.
- يتبع علم الاجتماع مبادئ أساسية، مثل التركيز على المشاركات الاجتماعية، وضرورة التكيف لضمان النجاة والتطور، إلى جانب تجميع الأفراد وتعزيز التوجيهات السلوكية المشتركة.