علاقة القراءة النقدية بتطوير مهارات التفكير النقدي

القراءة النقدية

في الإطار الأكاديمي، لا يُعتبر النص حقيقة مطلقة، خالية من آرائه الخاصة أو غير الموضوعية من الكاتب. فلا يعد النص مجرد تعبير عن تجاربه أو خبراته، إذ أنه لا يمكن ببساطة أن يُطلق عليه “حقيقة”؛ حيث أن كل مجال من مجالات المعرفة يحتوي على تنوع واسع من وجهات النظر.

وهذه الآراء، من المحتمل أن تكون صحيحة بدورها. وعليه، يحتاج القارئ إلى فهم محتوى النص، فضلاً عن الدوافع وراء كتابة المؤلف له، وما يريد أن يعبر عنه حقًا، أي ما تخفيه الكلمات.

تعرف القراءة النقدية بأنها العملية التي تهدف إلى تحقيق فهم عميق للنص المقروء. وهذا يتطلب من القارئ القيام بتحليل وتقييم ما يتعرض له من نصوص، والسعي للتأمل في المحتوى لكشف المعاني أعمق مما تظهره الوهلة الأولى. تشمل القراءة النقدية الخطوات التالية:

  • تحليل وتقييم النص بشكل دقيق.
  • تحديد نقاط القوة وتأثيرات القراءة للنص.
  • التعرف على مواطن الضعف والعيوب الموجودة في النص.
  • النظر إلى “الصورة الشاملة” للنص وفهم مدى تماسكه وترابط أفكاره مع السياق.

التفكير النقدي

التفكير النقدي يشير إلى القدرة على التفكير بشكل واضح ومنظم، وفهم التفاصيل، وتحليل العلاقات المنطقية بين الأفكار. وهو ليس أسلوبًا جديدًا لتقدير صحة النص؛ إذ تم استخدام هذا النوع من التفكير منذ زمن الفلاسفة اليونانيين مثل أفلاطون وسقراط، وما زال معمولًا به حتى اليوم. يتميز التفكير النقدي أيضًا بأنه نوع من الانخراط في التأمل بالعقائد والأحداث والنصوص.

يعتمد التفكير النقدي على قدرة الفرد على استدعاء جميع ما يمر من أفكار إلى موضع النقد والأسئلة، ثم تحليلها بعناية لتمييز الحقائق من الأكاذيب، أو الصواب من الخطأ. وقد توصل المفكرون والنقاد إلى مرحلة من الشك في جميع المعتقدات والأفكار.

يتضمن التفكير النقدي فحص المعتقدات والافتراضات بدقة، بدلاً من قبولها كما هي، بهدف الوصول إلى فهم شامل لما وراء النصوص والأفكار وتقييم مدى موضوعيتها.

العلاقة بين القراءة النقدية والتفكير النقدي

يمكن تمييز القراءة النقدية عن التفكير النقدي: حيث تمثل القراءة النقدية تقنية للكشف عن الأفكار والمعلومات المخفية خلف الكلمات، بينما يمثل التفكير النقدي أسلوبًا لتقييم تلك المعلومات والأفكار وفقًا لمعايير المصداقية، ومن ثم اتخاذ قرار بشأن قبولها أورفضها.

تدل القراءة النقدية على أسلوب قراءة متأني نشط، بينما يوفر التفكير النقدي سبلاً للحكم على صحة ما تم قراءته استنادًا إلى المعارف السابقة والطريقة التي نفهم بها العالم. وبالتالي، فإن القراءة النقدية تسبق دائمًا التفكير النقدي؛ فعندما نفهم النص بشكل كامل (القراءة النقدية)، نبدأ بعد ذلك في تحليله (التفكير النقدي).

لذا، يعمل كل من القراءة النقدية والتفكير النقدي بشكل تعاوني يكمل بعضهما البعض. فلا يمكننا التفكير في نقد أي نص لم نقرأه أو نفهمه مسبقًا. العلاقة بين هذين الأسلوبين قوية؛ ولكن من المفيد التفرقة بينهما كتقنيتين منفصلتين، مع ضرورة قراءة النصوص بعيدًا عن الخلفيات الثقافية والاجتماعية التي نمتلكها.

إن هدف القراءة النقدية هو الفهم الموضوعي للنص، وليس فرض المعارف السابقة عليه أو محاولة التوافق معها؛ فهذه وظيفة التفكير النقدي.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *