احفظ الله يحفظك، إذا حافظت على الله ستجده دائماً بجانبك

نص الحديث

روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (يا غُلامُ إنِّي سأعلِّمُكَ كلماتٍ: احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ قربَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ، واعلَم أنَّ الأمةَ لو اجتَمعت لتنفَعَك بشيءٍ لم تَنفعكَ إلا بشيءٍ قد كَتبَهُ اللَّهُ لك، وإن اجتَمعت على أن تضرَّك بشيءٍ لم تَضرَّك إلا بشيءٍ قد كتبهُ اللَّهُ عليك، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ). وفيما يلي بيانٌ لتفسيره.

تفسير الحديث

لقد أُوتي النبي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، حيث كان يجمع المواعظ والوصايا والحِكم بكلمات قليلة. وكان من نهجه صلى الله عليه وسلم تعليم الصغار وإرشادهم إلى عقيدتهم وأمور دينهم، وهذا الحديث يعتبر من الأصول العظيمة التي تضمّ وصايا قيمة وقواعد كبرى في الدين، تتعلق بمراقبة الله تعالى، واحترام حقوقه، والتسليم لأمره، والانقياد إليه، والتوكل عليه، والإخلاص له في العبادة، والاستعانة به، والإيمان بالقضاء والقدر، وضرورة إدراك عجز البشرية واعتمادها على الله. وفيما يلي توضيح لهذه المعاني:

احفظ الله يحفظك

يعني ذلك أن تُراعي حدود الله تعالى وأوامره ونواهيه وحقوقه وشرائعه. ويتمثل هذا الحفظ في الالتزام بأوامر الله والابتعاد عن نواهيه، بحيث يلتزم العبد بما أُمر به ويبتعد عما نُهي عنه، ولا يتجاوز الحدود المرسومة له. وينبغي له أن يعبد الله وفق الشريعة والأحكام المذكورة في القرآن الكريم والسنة النبوية. فإذا فعل ذلك، فإنه يُعد من الحافظين لحدود الله تعالى، والجزاء من جنس العمل؛ حيث يحفظه الله في دينه ونفسه وعقله وبدنه وأهله وماله في شتى مجالات الحياة.

احفظ الله تجده تجاهك

إن من يحفظ حدود الله تعالى ويُراعي حقوقه، كما تم توضيحه، يجد الله أمامه دومًا. سيكون الله معه في جميع أحواله، يرشدُه إلى كل خير، ويقربه ويهديه إليه، سيسانده ويعتني به ويحفظه، وينصُره ويدعمه في مساعيه، كما يسهل له أموره ويحميه من الشرور، ويعمد إلى معيته في الأوقات الصعبة والمصائب.

إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله

في هذا توجيهٌ من النبي صلى الله عليه وسلم للتوكل على الله وعدم الاعتماد على غيره في جميع الأمور. بمعنى أنه إذا كنت ترغب في طلب أي شيء، سواء كان من شؤون الدين أو الدنيا، عليك بالتوجه إلى الله؛ فهو الوحيد القادر على منحك ما تحتاجه. وإذا احتجت إلى العون، فلا تسأل إلا الله، فهو الذي يساعدك. ولذا، إذا أخلصت في الاعتماد على الله وتوكلت عليه، سيساعدك ويؤيدك.

واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك

هذا يشير إلى أن الأمة بأكملها، منذ بدايتها وحتى نهايتها، إذا اجتمعت على نفعك بشيء، فلن تُقدر على ذلك إلا بشيء قد قدره الله لك. وبالمثل، إذا اجتمعوا على أن يضروك بشيء، فلن يتمكنوا من ذلك إلا إذا كان قد كتب الله ذلك عليك. لذلك يجب أن يكون الشخص على علم وثقة بأن ما يحدث له هو ما قدره الله من خير أو شر، حيث أن النفع والضر بيد الرحمن وحده، وكافة الأمور تعود إلى إرادة الله وقدره.

رفعت الأقلام وجفت الصحف

إن مقادير وأقدار الخلائق قد كُتبت وانتهت، وقد رُفعت الأقلام، فلم يعد هناك مجال لتغيير أو تبديل. والكتابة التي دونتها الأقلام على الصحف قد جفَّت وفرغت منها، وكل ما كُتب في اللوح المحفوظ لا بُدَّ أن يتحقق. وهذا يؤكد على ما سبق ذكره، ويقودنا إلى إثبات القدر، حيث لا يحدث من العباد إلا ما هو مقدر ومكتوب، سواء كان ذلك خيرًا أو شرًا.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *