قصيدة صداقة الزمن
يتحدث أبو فراس الحمداني عن الصداقة قائلاً:
لي صديقٌ على الزمان صديقي
ورفيقٌ مع الخطوب رفيقي
لو تراني إذا استهلت دمعي
في صبوحٍ ذكرتُه أو غبوقِ
أشرب الدمع مع نديمي بكأسي
وأحلّي عقيانها بعقيقِ
قصيدة معنى الصداقة الحقيقية
يقول الشاعر محمود سامي البارودي عن الصداقة:
ليس الصديق الذي تعلو مناسبه
بل الصديق الذي تزكو شمائله
إن رابك الدهر لم تفشل عزائمه
أو نابك الهم لم تفتر وسائله
يرعاك في حالتي بعدٍ ومقربةٍ
ولا تغيبك من خير فواصلُه
لا كالذي يدّعي ودًا وباطنه
بجمر أحقاده تغلي مراجيلُه
يذم فعل أخيه مظهراً أسفاً
ليوهم الناس أن الحزن شاملُه
وذاك منه عداء في مجاملةٍ
فاحذره واعلم بأن الله خاذله
قصيدة علو البصيرة
يقول الشاعر أحمد زكي أبو شادي عن الصداقة:
ترفع عن معاداة الكريم
وعن بذل الصداقة للئيم
كلا الأمرين منقصة وأسمى
نقاء العيش من معنى الخصيم
فإن فرض العداء عليك فرضا
فلذ بمكارم الخلق الكريم
أحب إلي أن أشقى بخلقي
عن الإسفاف في وهم النعيم
ومن يحسب جنوني في اعتزازي
فما هو بالحصيف ولا الحكيم
ففي نفسي عوالم لم تخنّي
وما ضاعت مع الليل البهيم
فإن من الألوهة في اعتزالي
نصيري أو دليلي أو نديمي
يرف الشعر لي في كل شيء
رفيف الشدو في الصمت المقيم
وقد شملت فنون تأملاتي
فنون الكون في سحر عميم
وأيسرها خرير الماء حولي
وتغريد الطيور مع النسيم
وبسمات المروج ملوحات
بنشوى الزهر والنبت الجميم
وأنات السواقي وهي أشجى
وأبلغ من دموع لليتيم
وموج البحر مصطفق عتي
كجبار يصفق للخديم
وألوان الرمال على الروابي
جواهر للغني وللعديم
ورش الماء للشلال حتى
ليقهره كشيطان رجيم
وجيش النحل حولي في فتوح
هي القبلات للزهر الوسيم
وأنداء الحقول مشعشعات
بخمر في تجليها الحميم
وأسراب السوائم وهي ترعى
كحاكمة على ملك عظيم
ولمحات النجوم وراء سحب
كستر الجود من كف الكريم
ووحي الشمس وهي تمج حلماً
تنوع في النثير وفي النظيم
فهذه كلها من بعض صحبي
وكنزي حين عيرني خصيمي
وأما غيرها فأجل شأناً
ولم يدركه تقدير العليم
قصيدة السلام بين الأصدقاء
يقول الشاعر ابن الخيمي عن الصداقة:
إذا رضي الصديق من الصديق
بمتفق السلام على الطريق
فما يتزاوران بغير عذر
ولا يتعاتبان على العقوق
فقد جعلا سلامهما عزاء
على موت الصداقة والخفوق
قصيدة العفو والصفح
يقول الشاعر عبد الرحمن العشماوي عن الصداقة:
أعفو إذا ركب الصديق الأصعب
وإذا رماني بالسّهام وصوَّبا
وإذا تنكّر للوفاء ولم يدعْ
للودّ في بحر اللجاجة مركباً
إنّي لأعرض عن صديقي كُلّما
أرغى وأزبد بالخلاف وأسهب
وأُحسُّ بالأسف الكبير لأنّهُ
أمسى من الذئب المخادع أذأبا
وأراهُ أحوج ما يكونُ إلى الذي
يحميه من أثر السقوط إذا كبا
قالوا: رماكَ بما يسوؤكَ صاحبٌ
واشتدَّ فيما لا يسرّ وأغربا
وتغيّرت أحواله، فغدا على
ما لا تُحبّ تلوّناً وتثعْلُبا
فأجبتُ من قالوا، بأنّي لم أزلْ
أرجو له الغفران فيما أذنبا
قالوا: تطاول، قلت: كم متطاولٍ
أمسى رفيقاً للهموم معذّباً
قالوا: تجنّى، قلت: ذلك شأنهُ
إن كان يرضى بالتجنّي مذهبا
قالوا: تنكّر، قلت: ما ذنبي إذ
رضي الصحيح بأن يكون الأجربا؟!
قالوا: لقد كذب الحديث، فقلت: ما
شأني بمن وضع الحديث وكذّبا؟
إنّي أقول لمن جفاه صديقه:
كن أنت في ليل الجفاء الكوكبا
وإذا تقوّع في زوايا حقده
حسداً، فكن أنت الفضاء الأرحبا
وإذا تمادى في التطاول صاحبٌ
فاعلم بأن العقل عنه تغيّبا
واهجره حتى يستعيد صوابه
فأنا أرى هجر المكابر أصوباً
وثبّت ثبات “شَدَا” و”حُزْنَةَ” كلما
لاقيتَ مهزوز الفؤاد مذبذبا
إنّي أقول لمن أمات ضميره
وقضى على معنى الوفاء وذوّبا:
كم من صديق في الحياة جنى الأسى
وجنى انتكاس القلب حين تقلّبا