التعاون في الإسلام له دلالات تتقارب مع معناه في علم الاجتماع، حيث يُعرف التعاون في هذا المجال كآلية يتم من خلالها مشاركة المجموعات هدف تحقيق الفائدة المشتركة لجميع الأطراف المعنية.
ويُعتبر التعاون عنصراً مهماً يعود بالنفع على الفرد والمجتمع معاً، بينما تشير كلمة التعاون في اللغة إلى مفهوم الدعم والمساعدة.
مفهوم التعاون في الإسلام
تتسم فكرة التعاون في الدين الإسلامي بمعنى مشابه، ولكن مع نطاق أوسع وأكثر شمولية، كما يتضح فيما يلي:
- يُعبر التعاون في الإسلام عن تقديم المساعدة والدعم في سبيل الحق لتحقيق رضا الله سبحانه وتعالى.
- أمرنا الله تعالى بالتعاون في عدة مواضيع، ومن أبرزها ما يتضمنه:
- سورة المائدة، آية رقم 2: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب).
- سورة طه، الآيات 29-32: (واجعل لي وزيرًا من أهلي* هارون أخي* أشدد به أزري* وأشركه في أمري).
- كما دعا النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى اتباع سبل التعاون لما فيها من نجاة، ومن نماذج ذلك:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
- وقال أيضاً: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا).
أنواع التعاون
من خلال فهم التعاون في الإسلام، يمكن التعرف على أنواعه، ونوع التعاون الذي يشجع عليه الإسلام وتلك التي يرفضها، ومنها ما يلي:
التعاون على البر والتقوى
- يُعد التعاون على البر والتقوى من أسس التعاون المستحبة في الإسلام، ويتضمن:
- معاونة المسلمين في الجهاد لدعم دين الله وحماية المستضعفين، وغيرها من صور التعاون على البر والتقوى.
التعاون على الإثم والعدوان
- يظهر هذا النوع من التعاون كأحد الأشكال التي يرفضها الإسلام، ويتجلى في:
- المساعدة في إلحاق الأذى بالآخرين أو انتهاك حقوقهم، وغيرها من صور التعاون الضار.
صور التعاون في الإسلام
يوجد العديد من صور التعاون التي حثّ عليها ديننا الإسلامي، ومن هذه الصور:
- التعاون في الطاعات مثل الصلاة، الزكاة، الصوم، وزيارة المرضى.
- التعاون في نصرة المظلومين وكف الأذى عنهم.
- التعاون في نشر الفضيلة والنهي عن الرذيلة.
- مساعدة الفقراء والمحتاجين.
فوائد التعاون
للتعاون مزايا عديدة تعود بالنفع على الأفراد والمجتمع، ومن أبرز هذه الفوائد:
- تعزيز الإيثار: يساعد التعاون على تفضيل الآخرين على النفس، والتفكير في حلول لمشاكلهم.
- التقليل من الأنانية: يوفر الالتزام بالتعاون وسيلة للتخلص من الأنانية التي قد تؤثر سلباً على الأفراد.
- تعميم المنفعة: تسهم سبل التعاون في تعزيز الفائدة المشتركة، مما يسهل الحياة على المجتمع.
- نشر المحبة والتآلف: يعزز التعاون على البر والتقوى من المحبة والترابط بين أفراد المجتمع.
قيمة التعاون
تتضح قيمة التعاون في تعزيز مكانة أفراد المجتمع، ومن أبرز هذه القيم:
- زيادة كفاءة إنجاز الأعمال في أقل وقت وبتقليل الجهد.
- كسب رضا الله ورسوله من خلال تطبيق مفهوم التعاون لبناء مجتمع قوي.
- تعزيز قوة المجتمع وتماسكه، حيث أن المجتمعات المتفككة تسهل إمكانية استهدافها من الأعداء.
- تقليل الأعباء على الأفراد من خلال توزيع المهام على الآخرين.
صور التعاون في حياة النبي
كان النبي صلى الله عليه وسلم نموذجاً يُحتذى به في التعاون، حيث كان يساعد عائلته وأصحابه وكل محتاج من المسلمين وغير المسلمين. ومن الأمثلة على ذلك:
- كان النبي يتواجد بين أفراد المجتمع ليحقق احتياجاتهم.
- ذكرت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة) رواه البخاري.
- قال البراء بن عازب: (كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق حتى أغبر بطنه…) رواه البخاري ومسلم.
مفهوم التعاون للأطفال
ينبغي علينا تقديم صورة واضحة للأطفال عن التعاون البناء الذي يعزز روح الألفة بينهم. ومن طرق تعزيز ذلك:
- مساعدة كبار السن في عبور الطرق وحمل أغراضهم.
- مساعدة الأمهات في تنظيف وترتيب المنزل.
- مساعدة الآباء في الأعمال المنزلية.
- تنسيق جهود الأطفال في تنظيف الشارع وتجهيزه للزينة.
- مساعدة الأصدقاء الذين يعانون في القراءة والكتابة على تحسين مستواهم الدراسي.
- مساعدة الفقراء والمحتاجين عبر التبرع أو جمع المال لهم.
حديث نبوي عن فضل التعاون
يجسد فضل التعاون ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيا والآخِرة، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيا والآخِرة، واللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ).
