الحروف الساكنة في القرآن الكريم
تتمثل الحروف الساكنة في القرآن الكريم بكونها تأتي بدون حركات، حيث يجب نطقها بشكل سليم ودون مبالغة. تلعب هذه الحروف دورًا هامًا في القرآن وقد انصب اهتمام العلماء، بخاصة في علم التجويد، على توضيحها وتبيين الأحكام المرتبطة بها. سنستعرض في هذه المقالة بعض الأحكام المتعلقة بالحروف الساكنة في القرآن.
النون الساكنة والتنوين
تشير النون الساكنة إلى حرف النون المجرد من الحركات، حيث يُعتبر سكونها ثابتًا سواء في الوصل أو الوقف. ويندرج تحت مفهوم التنوين نون ساكنة زائدة تُضاف إلى نهاية الأسماء لفظيًا. تحظى النون الساكنة والتنوين بأربعة أحكام رئيسية، وهي كما يلي:
- الإظهار: يتمثل في النطق بالنون الساكنة والتنوين دون إضافة غنة زائدة أو تشديد، وحروفه هي: الهمزة، الهاء، العين، الحاء، الغين، والخاء. كمثال، قول الله تعالى: (الْأَنْهَارُ).
- الإدغام: يُعبر عن إدخال حرف مع آخر ليشكلا حرفًا مشددًا واحدًا، وحروفه هي: الياء، الراء، الميم، اللام، الواو، والنون. مثال ذلك قول الله تعالى: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ).
- القلب: يقصد به تحويل النون الساكنة والتنوين إلى ميم مخفاة عند وجود حرف الباء. وحرفه الوحيد هو الباء. كمثال، قول الله تعالى: (يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ).
- الإخفاء: ينطوي على نطق النون الساكنة والتنوين بصورة تتوسط بين الإظهار والإدغام، دون تشديد مع الاحتفاظ بالغنة لمدة حركتين. ومثال ذلك قول الله تعالى: (وَاللَّـهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)، وتجتمع حروفه في أوليات كلمات البيت:
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما
دم طيبا ضع ظالما زد في تقى
الميم الساكنة
تمثل الميم الساكنة حرف الميم الخالية من الحركة، التي يتمتع سكونها بكونه ثابتًا في حالات الوصل والوقف. وللميم الساكنة ثلاثة أحكام أساسية، وهي:
- الإدغام الشفوي: يحدث عندما تأتي الميم الساكنة متبوعة بميم متحركة. مثال ذلك قوله تعالى: (وَاللَّـهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ).
- الإخفاء الشفوي: يتحقق عند مجيء الميم الساكنة بعدها حرف الباء. ومثال ذلك قوله تعالى: (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا).
- الإظهار الشفوي: يتضمن حدوث الميم الساكنة متبوعة ببقية حروف الهجاء. مثاله قوله تعالى: (إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ).
اللام الساكنة
تتميز اللام الساكنة بكونها خالية من الحركات، وسكونها ثابت في جميع الحالات. وتتواجد في الأنواع التالية:
- لام التعريف: تتمتع بحكمان: الإظهار القمري عند وقوعها قبل الحروف المجمعة في عبارة “أبغِ حجك وخف عقيمه”، ومثال ذلك قوله تعالى: (الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ). أما الإدغام الشمسي فيحدث عند وقوعها قبل باقي حروف الهجاء، ومثاله قوله تعالى: (السَّمَاوَاتِ). وحروف الإدغام الشمسي مذكورة في بيت الشعر:
طِبْ ثُمَّ صِلْ رُحْمًا تَفُزْ ضِفْ ذَا نِعَمْ
دَعْ سُوءَ ظَنٍّ زُرْ شَرِيفًا لِلْكَرَمْ
- لام الاسم: حكمها هو الإظهار، كما هو واضح في قوله تعالى: (وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ).
- لام الفعل: إذا كانت متوسطة، فإن حكمها هو الإظهار، كما في قوله تعالى: (فَجَعَلْنَاهَا). وإذا كانت متطرفة، يتم إدغامها إذا تبعها لام أو راء، كمثال ذلك قوله تعالى: (وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ).
أحرف القلقلة
تشير القلقلة إلى اضطراب يحدث في مخرج الحرف، وتجمع حروف القلقلة في عبارة “قطب جد”. تُقسم القلقلة إلى مراتب متعددة، حيث يميز بعض العلماء بينها على مرتبتين، بينما يُقسمها الآخرون إلى ثلاث مراتب. وتُعتبر المرتبة الأكبر للقلقلة في الحروف المتطرفة الموقوف عليها، كما في قوله تعالى: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ). وإليكم توضيحها:
- مرتبة كبرى: هذه تشمل الحروف المتطرفة الموقوف عليها، مثل قوله تعالى: (النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ).
- مرتبة صغرى: تشمل الحروف المتوسطة، حيث يظهر ذلك في قوله تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ).
