أوضاع العالم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم
الأوضاع الدينية قبل الرسالة
توقف الوحي عن البشرية بعد نبوة السيد المسيح عليه السلام، في حين كان العرب في الجزيرة العربية يتبعون الحنيفيّة السمحاء. آخر نبي أرسل إليهم قبل هذا التوقف هو إسماعيل عليه السلام. ومع غياب الوحي والرسالة لفترة طويلة، شهدت المجتمعات تغييرات وتحريفات في الأديان السائدة، مما أسفر عن ظهور سلوكيات وأخلاق تعكس حاجة المجتمع للوحي. لذلك كانت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الخاتمة التي جاءت لإخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة. وقد تباينت أوضاع المجتمعات الدينية قبل البعثة بحسب الاختلاف في أديانهم، كما يلي:
- حالة العرب قبل البعثة: كانت الجزيرة العربية تشهد تنوعاً دينياً، حيث انتشرت عبادة الأصنام، وكان أول من أدخلها عمرو بن لحي، وكانت للعرب العديد من الأصنام التي يعبدونها وينحرون عندها. رغم أن معظم العرب كانوا يعبدون الأصنام، إلا أن هناك قلة من الناس الذين أشرق الله أنوارهم بالحنفية، مثل ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل وحنظلة بن صفوان.
كما اعتنق بعض العرب في العراق وصحراء فاران والبحرين واليمن الديانة المسيحية، في حين انتشرت اليهودية في المدينة ونواحي خيبر والحجاز بعد هجرة اليهود إليها. كذلك كان هناك من العرب من يعتنق معتقدات مثل الدهرية، التي تنسب كل شيء إلى الدهر، وأولئك الذين ينكرون الآخرة، كما قال الله تعالى: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ).
- حالة الروم قبل البعثة: كان الروم يؤمنون بالديانة النصرانية بمختلف فرقها مثل اليعاقبة والمنوفستية، وكانت هناك بعض الطوائف التي لم ترتبط بالدولة الرومية. لذا حاول هرقل توحيد الطوائف، لكنه لم ينجح في ذلك.
- حالة الفرس قبل البعثة: كانت بلاد فارس واحدة من الدول الكبرى في العالم القديم، وجاء سكانها من أديان متعددة، حيث كانوا يعبدون آلهة الطبيعة مثل الشمس والسماء، وتعددت آلهتهم الشرقية. ومع قرب ظهور النبي، بدأ الفرس في الاتجاه لعبادة النار خشية من عذاب الآخرة.
الأوضاع الاجتماعية قبل الرسالة
تميز المجتمع العربي قبل الإسلام بنظام قبلي صارم، حيث لم يكن هناك سلطة عليا سوى العشائر. سادت العصبية بين الأفراد مما عزز الروابط العائلية. كانت القبيلة توفر الحماية لأفرادها وتحمي حقوقهم، وكان شيخ القبيلة يمثل السلطة، كما تم تعزيز العمل الجماعي من خلال تحالفات بين القبائل بناءً على المصالح المشتركة.
عرف العرب بعدة صفات نبيلة مثل الكرم، حيث كان إكرام الضيف والتضحية من سماتهم البارزة، وكان لديهم شجاعة فائقة في الدفاع عن قبائلهم. وقد نتج عن ذلك مجموعة من القيم الأخلاقية التالية: مساعدة المحتاجين، العفو حتى في حالات القدرة على الانتقام، والاعتراف بشجاعة الخصم. كان العرب أيضاً معروفين بالولاء والصدق، مما ساهم في تشكيل هويتهم المجتمعية.
الأوضاع الاقتصادية قبل الرسالة
ارتبطت أوضاع العرب الاقتصادية بالعوامل الجغرافية، حيث كانت معظم أراضيهم صحراوية، مما جعل الرعي المصدر الرئيسي للدخل. اختلفت المراعي بحسب طبيعة المنطقة والتضاريس. بجانب الرعي، كانت زراعة التمور من الواحات أحد مصادر الرزق المهمة، وتم جمع الأموال من القوافل المارة بالحماية اللائقة. كانت بعض المناطق مثل اليمن تشتهر بالزراعة، حيث تطورت فيها أنظمة الري وتطرقت الأسواق للتجارة الزراعية.
ترافق تطور الزراعة مع تقدم صناعات متنوعة بما في ذلك صناعة الجلود، والعطور، والأسلحة، والتعدين. كانت التبادلات التجارية والأنشطة الحرفية تسهم بشكل كبير في تحسين الوضع الاقتصادي للمجتمعات العربية، نظراً لوفرة المواد الخام المتاحة مثل الحديد والنحاس والذهب.
أوضاع العالم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم
أرسل الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام للبشرية. وفيما يلي توضيحات حول أحوال العالم بعد بعثته:
- أوضاع العرب بعد البعثة: بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته في مجتمعه، وسرعان ما اعتنق أغلب العرب الإسلام. اختفت عبادة الأوثان في الجزيرة العربية، بينما استمر بعض القبائل في اعتناق النصرانية أو اليهودية، وقد أقر النبي عليهم بدفع الجزية.
- أوضاع الروم بعد البعثة: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسائل للدعوة إلى الإسلام للملوك، بما في ذلك قيصر ملك الروم. ورغم استنتاج قيصر بصدق النبي وسمو نسبه، إلا أنه تراجع عن اعتناق الإسلام بسبب معارضة قومه. ومع ذلك، فتحت أراضي الروم في بلاد الشام في زمن الخليفة عمر بن الخطاب، حيث اعتنق بعض أهلها الإسلام.
- أوضاع الفرس بعد البعثة: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسالة إلى كسرى ملك الفرس يدعوه للإسلام، لكن كسرى مزق الرسالة. ومع ذلك، فتحت أراضي الفرس تحت الحكم الإسلامي في عصر عمر بن الخطاب.