تُعد الفلسفة أحد المجالات الفكرية الغنية بالتساؤلات والتفسيرات، حيث تُعرف بأنها “محبة الحكمة” بلغة الإغريق. ويُنسب هذا التعبير بالفترة الزمنية القديمة إلى الفيلسوف فيثاغورس، بينما يرى البعض الآخر أنه مرتبط بسقراط الذي فضل مكانته بين الباحثين عن الحكمة. كما أن أفلاطون استخدم هذا المفهوم لوصف سقراط وسولون.
مصطلح الفلسفة
- حسب الفارابي، تُعرّف الفلسفة بأنها العلم الذي يهتم بالموجودات، حيث اعتبرها جزءًا من الوجود.
- فيما يراها الكندي، فهي العلم الذي يعنى بالأشياء وحقائقها الكلية، مما يُميزها عن العلوم الإنسانية الأخرى.
- بينما يفسر ابن رشد الفلسفة كتفكير في الضرورات المادية التي تؤدي إلى إنتاجها.
- يوضح ابن رشد أنه كلما زادت المعرفة بالمصنوعات، زادت المعرفة بالصانع وفقًا لطبيعة المصنوع.
- أما إيمانويل فارتكل عنها بأنها المعرفة التي تصدر عن العقل.
- بعد النظر في هذه التعريفات، نجد أن الفلسفة ليست مجرد تجميع للتعريفات، بل هي علم المبادئ العامة، كما استنبطها ديكارت في كتابه “مبادئ الفلسفة”.
- ذكر ديكارت الفلسفة كدراسة الحكمة المتعلقة بأصول العلوم، والتي تشمل علوم الله وعلوم الطبيعة والإنسان.
- وبالنسبة للبراندان ويلسون، فالفلسفة عبارة عن مجموعة من المشكلات وحلولها المتعلقة بالله، والتفكير، والعلم والمعنى.
تاريخ الفلسفة
هناك رأيان رئيسيان حول نشأة الفلسفة:
- الرأي الأول يقول إن الفلسفة نشأت في اليونان، بناءً على المصطلح اليوناني المستخدم للإشارة إليها.
- المؤيدون لهذا الرأي يُطلق عليهم “المعجزة اليونانية”، مما يدل على الاستقلال الفكري عن الحكمة السائدة في الثقافات السابقة.
- أما الرأي الثاني فيشير إلى أن الفلسفة نشأت نتيجة تفاعلات الشعوب وتوحيد المعارف، وليس نتاج فردي.
- ويؤكد هذا الرأي أن الحضارة اليونانية بنيت على المعرفة المستمدة من الحضارة الشرقية، وقد تطورت تلك المعرفة بمرور الزمن.
وبهذا السياق أشار بعض العلماء إلى:
- أن الفلسفة اليونانية بدأت كمدرسة أيونية، التي كانت تتواجد في جزيرة مكتظة بالموانئ، حيث كان التفاعل والعلاقات مع الشرقيين حيوية، ومن بينهم تاليس وأفلاطون.
- كما وُجدت هناك تشابهات بين الفلسفة اليونانية والمفاهيم المعروفة في الشرق.
استقلالية العلوم عن الفلسفة
- قد أُطلق على الفلسفة لقب “أم العلوم” في وقت سابق عندما كانت المعرفة محدودة.
- لكن مع تطور المعرفة، اتسعت المدارك التخصصية، مما نتج عنه ظهور مجالات علمية جديدة.
- هذا التطور جعل العلماء يبحثون عن منهجيات جديدة تتناسب مع التقدم الفكري، منها التجربة والملاحظة.
أسباب استقلال العلوم عن الفلسفة
هناك عدة أسباب أدت إلى تباين العلوم عن نهج الفلسفة:
- أولاً، أدى تراكم المعلومات وتعميق البحث إلى الحاجة لتخصصات جديدة تفصل بين العلوم والفلسفة.
- زاد التركيز على دراسة المعطيات والظواهر المادية، مما أوجد تناقضات بين المناهج العلمية والفلسفية.
- يهدف المنهج التجريبي في العلوم إلى الوصول لما هو كلي من خلال دراسة عناصر مادية معينة.
- وكل هذه الاهتمامات بالجوانب المحددة تتعارض مع مبادئ الفلسفة التطورية.
أهمية الفلسفة
- تظهر أهمية الفلسفة بعد استقلالها عن العلوم، حيث أشعلت شرارة التقدم العلمي للحضارة.
- تشجع الفلسفة العقل على البحث والدراسة والتحليل.
- تنمي القدرة على كشف الأوهام وإزالة الخرافات التي قد تعوق التفكير العلمي.
- تعتمد العلوم على مناهج متخصصة بدلاً من مبادئ غير مستندة إلى التجارب.
- يجب على الفلاسفة التحلي بالجرأة للقيام بالبحث العلمي الفعال.
- كما يمكن الاستفادة من العلوم في تطوير المجتمع ارتباطاً بالقيم الأخلاقية.
- يجب كذلك إخضاع القيم الإنسانية لاكتشافات الفلسفة لتقييم الاكتشافات والنتائج المستخلصة.
مجالات الفلسفة
تتوزع مجالات الفلسفة إلى مجالين رئيسيين، الأول يهتم بدراسة العناصر وتحليلها، بينما الثاني يبحث في الأسباب الخفية للأشياء.
أولاً: الفلسفة الطبيعية
- تتناول الفلسفة الطبيعية المظاهر المرئية التي يتم التعرف عليها عبر الحواس، والتي تتأثر بالتغيير والفساد.
- تركز الفلاسفة على القوانين الثابتة الخاصة بالتغير المستمر.
- تم التعرف على عناصر ثابتة لا تتغير مثل الماء والهواء والنار.
- كما اعتبر البعض عناصر تتغير باستمرار وليس لها ثبات.
أما المجال الآخر فهو ما يعرف بفلسفة ما وراء الطبيعة.
فلسفة ما وراء الطبيعة
- تدعو هذه الفلسفة إلى التفكير في ما لا يمكن إدراكه بحواسنا، مما يجعلها مجالاً يثير الفضول حول العلوم والفلسفة.