التجارة في الحضارة البابلية
لعبت التجارة دورًا حيويًا في توسيع وازدهار جميع الحضارات، كما ساهمت في نشر دياناتهم في مختلف أنحاء العالم. تعد التجارة إحدى الركائز الأساسية لاستمرار الحضارات وتطورها. وقد برزت الحضارة البابلية كمثالٌ بارز حيث أدركت مفهوم التجارة وأهميتها بشكل استثنائي. وقد تجلى هذا الحدث من خلال السماح للعبيد، بموافقة أسيادهم، بممارسة التجارة، مما أدى إلى إحداث تحسن ملحوظ في الحياة الاجتماعية ومساهمتها في تطورها.
خصائص التجارة في الحضارة البابلية
تميزت الأساليب التجارية في الحضارة البابلية بالتطور المدهش. وعلى الرغم من قلة الكتابة والتدوين في تلك الفترة، وعدم توفر المعرفة الكتابية إلا لعدد محدود من الأفراد، إلا أنهم استطاعوا تسجيل جميع المعاملات على الألواح الطينية. وقد تمكن علماء العصر الحالي من فك رموز هذه الألواح، مما أتاح لهم اكتشاف نظام تدوين يقام على أساسه الكثير من المعاملات التجارية في ذلك الوقت.
أسلوب تسجيل المعاملات التجارية لدى البابليين
يمكن تلخيص طريقة تسجيل المعاملات التجارية في مجموعة من النقاط التالية:
- كان لكل تاجر كاتب خاص، يشبه السكرتير في العصر الحديث، يتواجد معه لتوثيق أي اتفاق تجاري.
- كان يلتزم كل طرف بالتوقيع في المكان المخصص في الوثيقة، ومن يعجز عن الكتابة يستخدم ختمه الخاص، حيث كان يُخصص لكل فرد ختمًا مُعلقًا برقبته لاستخدامه عند الحاجة.
- كان وجود الشهود شرطًا أساسيًا لإتمام أي صفقة تجارية.
- أحيانًا كانت تُكتب نسختان من العقد، واحدة لكل طرف، ولكن هذا كان أقل شيوعًا.
- كانت معظم المعاملات التجارية تتم في الأسواق عند بوابات المدن، والتي كانت تشبه البورصات الحالية.
حماية سجلات المعاملات التجارية من التزوير أو الفقدان
بعد الانتهاء من تسجيل المعاملة التجارية وتأكّد الأطراف المعنية، يقوم الكاتب بإنشاء وثيقة مصدقة تحتوي على نص الاتفاقية، والتي تُخزن داخل مغلف طيني مغلق. وإذا ما حاول أحد الأطراف التلاعب بالنص الأصلي، يقوم الحاكم بكسر المغلف واستخراج الوثيقة المصدقة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
لم تقتصر مساعي البابليين في التدوين على المعاملات التجارية الكبرى فقط، بل كانوا يوثقون جميع الاتفاقيات الخاصة باستئجار الممتلكات واستقدام العمال. بالإضافة إلى ذلك، كانوا يكتبون التاريخ المتفق عليه، وموقع الممتلكات، والأجر المطلوب، حيث كانت البيوت والأماكن التجارية تُجدد بعقود دورية، وكانت عقود العمل تُوثق لتحديد الأجر المتفق عليه مع توقيع كلا الطرفين.
لمحة عن الحضارة البابلية
تُعرف بابل بأنها المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات، ويعود اسمها باللغة الأكادية إلى “بوابة الإله”، وهي أيضًا معروفة بأرض سومر. ظهرت الحضارة البابلية بين القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد، وقد أسسها الملك حمورابي الذي وضع أسسها وفق قوانين صارمة، كُتبت على الألواح الطينية وعُلقت في المدينة، والمعروفة باسم قوانين حمورابي.