زيادة الصلوات وأثرها في العبادة

الصلاة

يُعرَف مفهوم الصلاة في اللغة بالدعاء، بينما يُعرَف اصطلاحيًا بأنها عبادة خالصة لله -تعالى- تُؤدى من خلال أفعال وأقوال مخصوصة، تُفتتح بالتكبير وتُختتم بالتسليم. يجدر بالإشارة أن الصلاة تُعتبر واجبة على كل مسلم عاقل بالغ، وعلى الرغم من عدم وجوبها على الصبي، إلا أنه يجب على ولي أمره تعليمه الصَّلاة وأمره بها عند بلوغه السابعة من العمر، وضربه في حال تركها عند بلوغه العاشرة، وذلك لكي يعتاد على أداء الصلاة ويتقيد بها بعد بلوغه. ومن الملاحظ أن للصلاة فضائل كبيرة، فهي تأتي في المرتبة الثانية من أركان الإسلام بعد الشهادتين، كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله: (بُنِيَ الإسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةُ أنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامَةُ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ).

تُعدُّ الصلاة أول ما يُحاسَب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلُحت صادفت الفلاح، وإن فسدت هُزِمت النفس. كما أن الصلوات الخمس تُعتبر كفارة لما بينهن من الذنوب والآثام ما لم تُرتكب الكبائر. ومن الجدير بالذكر أن أداء الصلاة في جماعة يُفضَّل على أدائها فرادى، تحقيقًا لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (صَلَاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِن صَلَاةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً).

الزيادة في الصلاة

تبطل الصلاة إذا تمت الزيادة فيها عمدًا، أما إذا كانت الزيادة غير مقصودة فإن المصلّي يجب عليه عدم إكمال الركعة الزائدة حال معرفته بذلك، والرجوع إلى الجلوس. وإذا استمر في الركعة الزائدة رغم معرفته بها، فإن الصلاة تُبطل بسبب تعمُّده لهذه الزيادة. ومتى لم يتشهّد المصلّي من قبل، يتوجب عليه التشهّد بعد ذلك، ثم يسجد سجود السهو بعد التسليم. وقد أشار الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- إلى أن بعض طلاب العلم يظنّون أن حكم هذه المسألة مثل حكم من قام من التشهّد الأوسط، وأنه إذا قام للركعة الزائدة وشرع بقراءة الفاتحة، فلا يجوز له العودة للجلوس، وكان ذلك اعتقادًا خاطئًا، إذ إن الركعة الزائدة لا يجوز إكمالها على الإطلاق، ووجب عليه قطعها عند معرفته بها.

وعند الجلوس من الركعة الزائدة، يجب قراءة التشهد، إلا إذا كان المصلّي قد تشهد قبل القيام للركعة الزائدة، كمن يقوم من الركعة الرابعة معتقدًا أنه في الثانية، وعندما يتذكر أنه في الخامسة، يدرك أن التشهد الذي قام منه هو التشهد الأخير. أما إذا كان المصلّي لا يعلم بالزيادة، فإن صلاته صحيحة، ولكن ينبغي عليه سجود السهو بعد التسليم بسبب هذه الزيادة.

الزيادة في الصلاة للإمام والمنفرد

يمكن القول إن حالات الزيادة في الصلاة التي تحدث للإمام أو المنفرد تكون غالبًا ناتجة عن السهو، مثل قيام الإمام للركعة الثالثة في الصلاة الثنائية، أو قيامه للركعة الرابعة في الصلاة الثلاثية، أو قيامه للركعة الخامسة في الصلاة الرباعية. وفي هذه الحالات، يجب على الإمام إتمام الركعة الزائدة عند سماعه تنبيه أحد المأمومين، كأن يقول “سبحان الله”، ويجب عليه العودة إلى الجلوس عند سماع التنبيه، ما لم يكن متأكدًا من عدم حدوث زيادة في الصلاة.

وإذا شكَّ الإمام في الزيادة، ينبغي عليه الجلوس وإتمام الصلاة، ثم سجود سجدتين للسهو قبل التسليم. ومن المهم الإشارة إلى أن بعض الناس يظن غفلةً أنه إذا قام للركعة الزائدة من الضروري استكمالها، وهذا يُعذر بجهله، فصلاة هؤلاء صحيحة، ولكن يتوجب عليهم التعلم بشأن أحكام الصلاة لتفادي مثل هذا الخطأ مستقبلاً. أما في حالة تعمُّد الزيادة مع العلم بالحكم الشرعي، فإن ذلك يُعتبر تلاعبًا، وبالتالي تُبطل الصلاة.

الزيادة في الصلاة للمأموم

إذا تأكد المأموم من زيادة الإمام، يجب عليه الجلوس وعدم متابعة الإمام، وينتظر حتى يُسلِّم، وإن سجد سجود السهو، فيمكنه السجود معه. أما في حال عدم تأكد المأموم من زيادة الإمام، فيلتزم بمتابعته حتى إتمام الصلاة.

سجود السهو

سجود السهو هو سجدتان يُقدِّمهما المصلّي عند حدوث خلل في الصلاة، وقد اعتبر العديد من أهل العلم سجود السهو واجبًا، ومن بينهم الحنابلة والحنفية وابن حزم وابن تيمية وابن المنذر، بالإضافة إلى آراء بعض المالكية وابن باز وابن عثيمين. وقد استدلوا بما رُوي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- حينما قال: (صلَّى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاةً زاد فيها أو نقص منها، وعندما أتمها قلنا: يا رسول الله، هل حدث في الصلاة شيء؟ فقال: ثنى رِجْلَه فسجد سجدتين، ثم قال: لو حدث في الصلاة شيء لأخبرتكم به، ولكنّما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكّروني. ومن يشك في صلاته فليتحر الصواب وليَبْنِ عليه ثم يسجد سجدتين).

يتم سجود السهو قبل التسليم في حالتين؛ إحداهما عند نقص الصلاة نتيجة نسيان شيء من واجباتها، كنسيان إحدى التكبيرات غير تكبيرة الإحرام، أو نسيان قول “سمع الله لمن حمده” عند الرفع من الركوع، أو نسيان التسبيح في الركوع أو السجود. والحالة الثانية تتمثل في الشك في عدد الركعات وعدم ترجيح شيء عند المصلّي، فينبغي له أن يبني على الأقل، ثم يسجد سجود السهو قبل التسليم. كما يكون سجود السهو بعد التسليم في حالتين؛ إحداهما عند الزيادة في الصلاة، والأخرى عند شك المصلّي في عدد الركعات ورجحان أحد الجانبين، حيث يبني على الراجح ويتم صلاته ثم يسجد سجدتي السهو.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *