الحياة الدينية في فترة الحكم الأموية والعباسية

الحياة الدينية في العصرين الأموي والعباسي

تتجلى الحياة الدينية بين العصر الأموي والعصر العباسي كما يلي:

الحياة الدينية في العصر الأموي

سعى الأمويون جاهدين للحفاظ على العقيدة الإسلامية وحمايتها من أي تحريف أو تغيير. ومع ذلك، كان من الصعب تحقيق هذا الهدف في ظل الاختلاط الكبير بين العرب وأنماط أخرى من الشعوب ذات العقائد المتعددة والتصورات الدينية المختلفة، مما أثر سلبًا على إيمان بعض المسلمين.

ظهرت حركات تنتهج مسارات تعبد بعقائد المسلمين، كانت غالبيتها في المناطق الشرقية من الدولة الإسلامية كالعراق وفارس وخراسان، حيث كان التأثير القوي للديانات الفارسية القديمة واضحًا. كما تواجدت بعض المذاهب الضالة في الشام، حيث ظهرت تأثيرات نصرانية.

من المهم الإشارة إلى أن هذه المذاهب الضالة لم تنجح في تحقيق تأثير ملموس، حيث لم تجد دعمًا أو انتماءً من قبل الغالبية العظمى من المسلمين الذين ظلوا مؤمنين بعقيدتهم الإسلامية العظيمة.

المذاهب في العصر الأموي

من أبرز المذاهب التي ظهرت في هذا العصر، كانت تلك المرتبطة بالمختار بن أبي عبيد في الفترة التي شهدت تراجع وضعف الحكم الأموي، والتي تلت وفاة يزيد بن معاوية وتنازل ابنه معاوية عن الخلافة. وفي سنة 79هـ، قام عبد الملك بن مروان بالتحقيق مع المدعي النبوة في الشام، وهو الحارث بن سعيد، وأمر بالقبض عليه لمناقشته من قبل العلماء والفقهاء.

وفي العراق، ظهر معبد الجهني، الذي يعتبر من أوائل المروجين لمذهب القدر، الذي ينكر فكرة القدر. وقد ثار معبد وابن الأشعث ضد الحكم الأموي، إلا أن الثورة فشلت، ووقع معبد في قبضة الحجاج ليتم قتله بعد عام 80هـ. تم نقل هذه الأفكار القدرية إلى الشام عبر غيلان الدمشقي.

كان غيلان مولى لآل عثمان، وقد أضاف مزيدًا من التأصيل الجدلي للأفكار القدرية، إلى أن استدعاه عمر بن عبد العزيز، حيث أوضح له ضلالها. بعد ذلك، قَلَّ نشاط غيلان في الحديث عن القدرية حتى وفاة عمر، لكنه عاود الظهور عندما تولى هشام بن عبد الملك الحكم.

حينما طلب منه هشام توضيح أفكاره، نظَّر معه ميمون بن مهران والأوزاعي، لكن بعد أن اتضحت ضلالته، أصدر هشام حكمًا بقتله. أيضًا، ظهر في الشام الجعد بن درهم، الذي كان معلمًا لمروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، حيث كان يؤمن بفكرة خلق القرآن.

الحياة الدينية في العصر العباسي

على الرغم من أن المجتمعات العباسية شهدت بعض مظاهر الزندقة والمجون، إلا أن هذه الظواهر كانت محصورة في فئات محدودة من الناس. كانت مساجد بغداد تمتلئ بالعباد والزهاد، وبرز الوعظ بشكل ملحوظ في هذا العصر، حيث اتسم بمزيج من العبرة والحكمة التي تأسر القلوب. ومن أبرز الزهاد في العصر العباسي عبد الواحد بن زيد، كما شهد مجال التصوف تواجد عدد من الشخصيات البارزة مثل رابعة العدوية وإبراهيم بن أدهم البلخي وشقيق البلخي.

ازدهرت دراسة الفقه في العصر العباسي بنهج علمي واضح، حيث اعتمد معظم الفقهاء على القرآن الكريم والسنة كمصادر رئيسية لاجتهاداتهم، مع تقليص استخدام الاستنباط الشخصي في معظم الحالات.

مع مرور الوقت، تشكّلت أربعة مذاهب رئيسية في الفقه: مذهب أبو حنيفة في الكوفة، ومذهب مالك في المدينة، حيث استمد الشافعي من هذين المذهبين مذهبًا رسميًا له، بينما كان مذهب أحمد بن حنبل المفضل لدى غالبية أهل بغداد.

كما كان للشيعة نشاط خاص في مجال الفقه، حيث قام الإمام العلوي جعفر بن الصادق بتأليف العديد من الكتب الفقهية، بما في ذلك “مصباح الشريعة” و”مفتاح الحقيقة”. ومن الجدير بالذكر أن علم الكلام، الذي يعنى بالجدل الديني في أصول العقيدة، ازدهر بشكل خاص خلال العصر العباسي.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *