إيجابيات فترة حكم الخليفة عمر بن الخطاب

فوائد العهدة العمرية

تنظيف الصخرة المشرفة

عندما دخل الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى مدينة القدس، استفسر من كعب الأحبار -رضي الله عنه-، الذي أسلم بعد أن كان يهوديًا، عن موقع الصخرة التي صعد عليها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى السماء. وقد دلّه عليها برموز معروفة، وعند البحث عنها، وجدوا أنها كانت متسخة إذ استخدمها النصارى كمكان لرمي القمامة. فأمر عمر بإزالة الأوساخ عنها، ويقال إنه قام كما بكنسها بردائه.

دليل عملي على حرية الدين والمعتقد

كما ورد في قوله -تعالى-: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ فقد تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)، فقد حرص الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على سلامة دور العبادة في العهدة العمرية التي كتبها لسكان القدس. وعندما خشي عمر من أن يُفسر ذلك على أنه انتقاض لعهده، تجنب الصلاة في كنيسة القيامة عند زيارته لها.

صلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على درجة بالقرب من باب الكنيسة بصورة فردية، دون أن يصلي في جماعة، وبعد الصلاة قال: “لو صليتُ داخل الكنيسة لأخذه المسلمون بعدي، ولقالوا: هنا صلى عمر”. وهذا يعكس التسامح الذي يحمله الدين الإسلامي تجاه الأديان الأخرى، خاصة النصارى؛ حيث قال الله -تعالى- عنهم: (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ).

إن الدعوة إلى دين الله في إطار المجتمع الواحد يجب أن تتم بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا بد أن يكون دخول الفطرة إلى الدين عن قناعة وإيمان عميق، وليس بالعنف أو الإكراه. وهذا ما يتجلى بوضوح من خلال العهدة العمرية وتصرفات عمر بن الخطاب مع بطريرك الكنيسة، عندما رفض الصلاة داخل الكنيسة.

عدم سكنى اليهود في بيت المقدس

رغم الاختلاف بين بعض العلماء حول شرط عدم سكنى اليهود مع النصارى في بيت المقدس، يبدو أن ما يتعلق بعبارة “لا يساكنهم فيها اليهود” تُشير إلى أن المدينة كانت خالية من اليهود، وهو أمر يتوافق مع التاريخ.

لم يرغب النصارى في أن يسكن اليهود المدينة مرة أخرى تحت الحكم الإسلامي، حيث لم يفسر اليهود هذا الأمر كما زعموا، بل أصرّ النصارى على إخراجهم من المدينة.

رفعة أخلاق المسلمين في عهد عمر بن الخطاب

مرت مدينة القدس بالعديد من الحكام والعهود والحروب، ولم تشهد المدينة حكمًا أكثر عدلًا ورحمةً من الحكم الإسلامي، سواء في العهدة العمرية أو من قِبَل المسلمين الذين تولوا الحكم بعد عمر بن الخطاب. لكن عندما احتل الصليبيون المدينة، قرروا في اجتماعهم الأول قتل جميع المسلمين المتبقين.

استمر تنفيذ الأحكام الصليبية لمدة أسبوع كامل، حتى غمر الدماء المدينة كما وثق ذلك المؤرخون النصارى. ومع ذلك، عند إعادة فتح صلاح الدين الأيوبي لبيت المقدس، لم يعامل النصارى بنفس الطريقة، بل اتبع النهج السلمي الذي نصت عليه العهدة العمرية، واحتفظ النصارى بحرية معتقداتهم ودياناتهم تحت الحكم الإسلامي.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *