البداية والنهاية في تفسير ابن كثير

ابن كثير وكتابه البداية والنهاية

لمحة عن ابن كثير

إسماعيل بن عمر بن كثير بن زرع القرشي، المعروف بلقب عماد الدين وبلقب أبي الفداء، وُلد في مدينة بصرى الواقعة شرق دمشق. وقد أبدى ابن كثير اهتمامًا كبيرًا بالعلم منذ صغره، حيث حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة تبلغ نحو إحدى عشرة عامًا. كما درس مجموعة متنوعة من العلوم والفنون، بما في ذلك التاريخ، والتفسير، والفقه، والشعر، ورجال الحديث، والنحو، وأدب العرب.

من بين شيوخه الكبار الذين تلقى العلم على أيديهم: ابن تيمية، الفاكهاني، الذهبي، أبو الحجاج المزي، ابن الشحنة، وابن الزملكاني. وقد أنجب أيضًا عددًا من التلاميذ الذين تعلموا على يديه، ومن بينهم ابن الجزري، وزين الدين العراقي وابنه أبو زرعة، وبدر الدين الزركشي، وشهاب الدين الحريري. تميزت مؤلفاته بتنوعها، ومن أبرزها الاجتهاد في طلب الجهاد، وأحاديث التوحيد، والرّد على أهل الشرك، وتفسير القرآن العظيم، وكتاب البداية والنهاية، والفصول في اختصار سيرة الرسول، واختصار علوم الحديث، وجامع المسانيد والسنن، والتكميل، وفضائل القرآن.

نظرًا لمكانته العلمية المعروفة، شغل ابن كثير منصب التدريس في عدة مدارس، منها مدرسة دار الحديث الأشرفية، والمدرسة الصالحية، والمدرسة النورية الكبرى. كما ألقى دروسًا في العديد من المساجد الكبرى في دمشق، مثل الجامع الأموي، والجامع الفوقاني، وجامع تنكز. وكان له نصيب كبير من ثناء العلماء عليه، حيث وصفه الإمام الذهبي بأنه فقيه متمكن، ومحدث محقق، ومفسر ناقد. وذكر عنه ابن حجي: “أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث وأعرفهم بجرحها ورجالها، صحيحها وسقيمها”. ووافاه أجله في يوم الخميس، عام سبعمائة وأربع وسبعين للهجرة، عن عمر يناهز أربعة وسبعين عامًا، ودفن في دمشق بجوار شيخه، شيخ الإسلام ابن تيمية.

مميزات كتاب البداية والنهاية

يعتبر كتاب البداية والنهاية موسوعة تاريخية شاملة، حيث قام ابن كثير بتوثيق أحداث التاريخ منذ بدء الخليقة، بدءًا من قصص الأنبياء والأمم السابقة كما وردت في القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، ثم تناول أحداث الجاهلية، وسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى وفاته، متضمناً أحداث التاريخ الإسلامي منذ خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- وحتى عصره في القرن الثامن الهجري، لينتهي بذكر العلامات الكبرى للساعة، والفتن، والملاحم، وأحوال الآخرة.

عوامل شهرة كتاب البداية والنهاية

تعددت العوامل التي أسهمت في شهرة كتاب البداية والنهاية، ومن أهمها:

  • وفرة المصادر التي اعتمد عليها المؤلف، مثل دواوين السنة، وكتب السير والمغازي، وكتب التاريخ العام.
  • تأثر المؤلف بأسلوب مؤرخي الإسلام المعروفين في الكتابة عن التاريخ العام، مثل ابن الجوزي وابن جرير.
  • انتساب المؤلف إلى مدرسة الحديث والأثر، وهو ما يتضح من خلال عدة أقسام في كتابه، مثل السيرة النبوية، وتاريخ الخلفاء الراشدين، وتراجم العلماء والأئمة.
  • اعتماد المؤلف على التحليل التاريخي في كتابة أكثر من مجرد حفظ النصوص التاريخية الأولية.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *