الاسم الحقيقي لفرعون في زمن موسى
تختلف آراء العلماء حول ما إذا كان الاسم الحقيقي لفرعون الذي عاصر موسى هو فعلاً “فرعون” أم أنه لقب يُطلق عليه. وإذا كان لقبًا، فما هو اسمه الحقيقي؟ يمكن تلخيص هذه الآراء كما يلي:
- يشير البعض إلى أن “فرعون” هو لقب للحاكم الذي يتولى مصر في فترة محددة.
ومع ذلك، لم يرد اسم يوضح هذا اللقب في القرآن الكريم، حيث أن الله -سبحانه وتعالى- أشار في كل المواضع المتعلقة بقصة موسى مع فرعون إليه باستخدام مصطلح “فرعون”.
- يرى بعض العلماء أن “فرعون” هو اسمه الحقيقي.
وقد رد بعض العلماء على هذا الرأي بالقول بأن لقب “فرعون” أكثر شيوعاً، حيث كان المصريون القدماء يطلقون هذا اللقب على الحكام الذين ينحدرون من الأنساب الأصلية للدولة.
- بعض العلماء يقولون بأن اسمه الحقيقي هو “أبو الوليد” أو “مصعب بن الوليد” أو “الوليد بن مصعب”.
ومع ذلك، فإن هذا الرأي يُعتبر بعيدًا جدًا، لأن هذه الأسماء ذات أصل عربي، ولا يمكن أن تتناسب مع فرعون، كما أن كلمة “فرعون” ليست لها وزن في اللغة العربية، بعكس اسم “هامان”، مثلاً.
- هنالك رأي يزعم أن فرعون موسى هو “تحتمس الثاني”.
- وأيضًا هنالك من يرى أن الاسم الحقيقي لفرعون هو “أمينوفيس الثاني”.
- هناك تفسير آخر يؤكد وجود فرعونين، حيث يُشار إلى “فرعون الإضطهاد” وهو “رمسيس الثاني”، و”فرعون الخروج” وهو ابنه “منيتاح”. ومع ذلك، فإن المتأمل في القرآن الكريم ومن يدرس قصة موسى مع فرعون، يُدرك أنه لا يوجد تمييز بين شخصيتين. ولكن إذا أثبتت الدراسات العلمية وجود فرعونين، فقد يُفسر ذلك استعمال القرآن لكلمة “الآل” كما في قوله -تعالى-: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ). فإذا كان “فرعون الإضطهاد” هو “رمسيس الثاني”، فإن المقصود بـ “آله” هو فرعون الخروج (منيتاح) ابن فرعون، الذي شهدت في عهده نجاة موسى وقومه.
سبب عدم ذكر اسم فرعون في القرآن الكريم
تأتي القصص القرآنية بصورة غير محددة ما لم يذكر فيها أسماء الشخصيات، باستثناء قصة واحدة هي قصة عيسى بن مريم ومريم ابنة عمران. الحكمة من ذلك هي كالتالي:
- قصة عيسى بن مريم ومريم ابنة عمران معجزة فريدة لن تتكرر، لذا أبرزها الله لنا.
وذلك حتى لا يختلط الأمر وتدعي أي امرأة أنها أنجبت بدون زوج، مثلما حدث مع مريم، لأن معجزة مريم فريدة من نوعها، لذا خصصها الله -تعالى- بالاسم.
- أما بقية القصص القرآنية، فقد جاءت بواسطة شخصيات غير محددة، إذ أن المقصد ليس ذكر أشخاص معينين.
فالله تعالى لم يوضح من هو فرعون موسى، ولا من هم أصحاب الكهف، ولا من هو ذو القرنين، ولا من هو صاحب الجنتين، لأن الهدف هو استخلاص الحكمة والعبرة من القصة، وليس تسليط الضوء على اسم شخص بعينه.
مصير فرعون وهلاكه
يتضح مصير فرعون في قوله -تعالى-: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ). من خلال هذه الآية، يبيّن الله -تعالى- إنقاذه لموسى ومن معه بعد أن لحقهم فرعون وجنوده. فقد حال الله -سبحانه وتعالى- بينهما، وأغرق فرعون وجنوده، بينما كان موسى ومن معه متفرجين، مما يزيد من شعورهم بالراحة. إذ إن رؤية سقوط عدوهم تُخفف ما في قلوبهم من مرارة، وبالتوازي، تطمئنهم رؤيتهم لغرق فرعون وجنوده دون أن ينجو أحد منهم، حتى لا يدخل الشك إلى قلوبهم حول احتمالية نجاتهم.