الفروق بين الحديث النبوي والحديث القدسي
لقد أولى المسلمون اهتماماً بالغاً بالسنة النبوية، حيث تمثل هذه السنة تفسيرا للقرآن الكريم. وقد قام الصحابة الكرام بحفظ أحاديث النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- ونقلها كما سمعوها، في حين بذل علماء الحديث جهوداً كبيرة بعدهم في دراسة الأحاديث، والتفريق بين الصحيح منها والضعيف. يمكن تقسيم الأحاديث إلى نوعين: النبوي والقدسي، ويوجد العديد من الفروق بينهما، سنستعرضها فيما يلي.
التعريفات: الفروق بين الحديثين
يختلف الحديث القدسي عن الحديث النبوي في التعريف كما يلي:
- الحديث القدسي: هو الحديث الذي يتأتى معناه من الله تعالى عن طريق الوحي، بينما يُنسب لفظه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-. وتُضاف روايته إلى الله تعالى.
- الحديث النبوي: هو الحديث الذي يُنسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- سواء كان قولاً، أو فعلاً، أو تقريراً، أو صفة.
الألفاظ والمعاني: الفروق بين الحديثين
يختلف الحديث القدسي عن الحديث النبوي في الألفاظ والمعاني على النحو التالي:
- الحديث القدسي: تكون ألفاظه ومعانيه من الله تعالى، بحيث يرويه النبي -عليه الصلاة والسلام- بالقول: قال الله تعالى.
- الحديث النبوي: تكون معانيه من الله تعالى، لكن ألفاظه تأتي من النبي -عليه الصلاة والسلام- نفسه.
الموضوعات: الفروق بين الحديثين
ذكر العلماء أن الحديث القدسي لا يتعلق بالأحكام التكليفية، ولا يتناول الإجابة على الأسئلة الحياتية، أو علاج القضايا الراهنة، بل يتضمن توجيهات من الله تعالى لعباده في أمور الاعتقاد به، وكمال قدرته، ورحمته. كما تتعلق موضوعاته باستقامة السلوك وصحة العمل بناءً على تلك العقيدة.
أما الأحاديث النبوية، فموضوعاتها أشمل، إذ تتناول التفصيل والتوضيح لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من أقوال أو أفعال أو تقارير.
صياغة الرواية: الفروق بين الحديثين
تختلف صياغة الرواية بين الحديث القدسي والحديث النبوي كما يلي:
صياغة الحديث القدسي
الحديث القدسي يُنقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بإضافته إلى الله تعالى، حيث يكون النسبة إلى الله تعالى نسبة إنشاء؛ لأنه هو المتحدث به في الأصل. وقد يتم إضافته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من باب الإخبار. وقد تنوعت صيغ الرواية في الحديث القدسي كما يلي:
- قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربه.
- قال الله -عز وجل- فيما يرويه عنه رسول الله -عليه الصلاة والسلام-.
- قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فيما يحكيه عن ربه.
- جاء في الحديث القدسي، دون استخدام ألفاظ رواية أو حكاية.
كما يتضح من مثال حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: (فإنّي سمعْتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم يقولُ: قالَ اللهُ تعالَى: قسَمْتُ الصلاةَ بَيْني وبينَ عَبدي نِصفَيْنِ، ولعَبدي ما سألَ…).
صياغة الحديث النبوي
الحديث النبوي تكون ألفاظه من النبي -عليه الصلاة والسلام-، مثل: (جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم مِن أهلِ نجدٍ ثائرُ الرأسِ، نسمعُ دويَّ صوتِهِ، ولا نفقهُ ما يقولُ حتّى دنا من رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فإذا هو يسألُ عن الإسلام، فقالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: خمسُ صَلَواتٍ في اليومِ والليلةِ، فقالَ: هلْ عَلَيَّ غيرُهُنَّ؟ قالَ: لا، إلا أنْ تتطوَّعَ).