الحساسية لدى الأطفال
تُعرَّف الحساسية لدى الأطفال (بالإنجليزية: Allergies in children) بأنها استجابة مناعية ناتجة عن تفاعل الجهاز المناعي مع مواد تُعرف بمسببات الحساسية (بالإنجليزية: Allergens)، والتي تعتبر غير ضارة بالنسبة لغالبية الأشخاص. ويكون الجهاز المناعي مسؤولاً عن حماية الجسم من الفيروسات والبكتيريا الضارة؛ إلا أن الأطفال المصابين بالحساسية عادةً ما يتعاملون مع مسببات الحساسية وكأنها مواد ضارة، مما يؤدي إلى ردود فعل تحسسية تتراوح شدتها من انزعاج خفيف إلى صعوبة شديدة. ويمكن أن يكون للحساسية تأثيرات متعددة على صحة الأطفال الجسدية والعاطفية، مما ينعكس على أنشطتهم اليومية مثل النوم واللعب. لذلك، يُنصح بإجراء التشخيص والعلاج الطبي مبكراً لتخفيف آثار الحساسية وتحسين جودة حياة الطفل. وفقاً لدراسة نشرتها مجلة طب الأطفال وصحة الطفل (بالإنجليزية: Paediatrics and Child Health) عام 2001، فإن نسبة تأثر الأطفال بأمراض الحساسية تتراوح بين 30-35%، وقد زادت هذه النسبة في السنوات الأخيرة.
أسباب الحساسية لدى الأطفال
عادةً ما يهاجم الجهاز المناعي المواد الضارة، لكن قد يحدث أحياناً أن يهاجم مواد غير ضارة مثل الغبار وحبوب اللقاح والعفن، إذ تتفاعل أجسام الأطفال المصابين بصورة خاطئة مع هذه المواد واعتبارها تهديداً. فيقوم الجهاز المناعي بإفراز أضداد محددة تُعرف بالجلوبيولين المناعي E (بالإنجليزية: Immunoglobulin E)، والتي ترتبط بالخلايا الصارية (بالإنجليزية: Mast Cells). وعند ارتباط مُسبب الحساسية بهذه الأجسام المضادة، تُطلق الخلايا الصارية كميات من المواد الكيميائية، منها الهيستامين (بالإنجليزية: Histamine)، مما يؤدي إلى حدوث ردود فعل تحسسية. إذا كانت هذه المواد المهيجة في الهواء، فقد تسبب حساسية الأنف، وفي حالة دخولها إلى الشعب الهوائية أو الرئتين، فقد تؤدي إلى السعال وأعراض الربو. كما يمكن أن تدخل مسببات الحساسية عبر التلامس المباشر أو من خلال تناول أطعمة معينة في حالات الحساسية الغذائية، وقد يعاني بعض الأطفال من الحساسية في أوقات معينة من العام أو طوال السنة. يُذكر أن هناك عدة مسببات شائعة للحساسية، منها:
- الحساسية الموسمية: (بالإنجليزية: Seasonal Airborne Allergens)، وتحدث خلال فترات معينة من السنة، وتنتج عن استنشاق حبوب اللقاح وجزيئات الحشائش.
- الحساسية البيئية: (بالإنجليزية: Environmental airborne allergy)، والتي قد تستمر طوال السنة وتنتج عن استنشاق مواد مسببة للحساسية مثل وبر الحيوانات وعت الغبار.
- الحساسية التلامسية: (بالإنجليزية: Contact Allergies)، حيث تثير بعض المواد الموجودة في المنتجات اليومية ردود فعل تحسسية.
- الحساسية الناتجة عن لدغات الحشرات: (بالإنجليزية: Insect Sting Allergies)، مثل لدغات النحل والدبابير.
- الحساسية الغذائية: (بالإنجليزية: Food allergies)، التي قد تتراوح أعراضها من غير المريحة إلى المهددة للحياة.
تؤثر الحساسية في أي شخص بغض النظر عن العمر أو الجنس أو الخلفية الاجتماعية، لكنها أكثر شيوعاً بين الأطفال، خاصة الحساسية الغذائية والحساسية الجلدية والتنفسية، بحسب ما أوضحت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (بالإنجليزية: Centers for Disease Control and Prevention) في عام 2013. غالباً ما تتطور الحساسية بشكل تدريجي، وقد تختفي وتعود في فترات متغيرة. تلعب الوراثة دوراً في نقل الحساسية عبر الأجيال، لكن السبب الدقيق لذلك لا يزال غير واضح.
أعراض الحساسية لدى الأطفال
تظهر أعراض الحساسية بشكل فوري بعد التعرض لمسبب الحساسية أو تدريجي بعد عدة ساعات أو أيام. غالباً ما تتطور ردود الفعل التحسسية في الجلد، وبطانة المعدة، والأنف، والرئتين، والحلق. تختلف شدة الأعراض باختلاف الطفل ونوع المُسبب، وتتأثر البيئة المحيطة في شدة ونوع الحساسية.
ردود الفعل التحسسية الخفيفة أو المعتدلة
عندما يكون لدى الطفل ردود فعل تحسسية خفيفة أو معتدلة، قد تظهر الأعراض التالية:
- طفح جلدي أو شرى.
- انتفاخ في الوجه أو العينين.
- إحساس بالحكة في الفم.
- علامات إكزيما، تشمل بقع حمراء جافة.
- أعراض حمى القش، مثل سيلان الأنف والعطس.
- أعراض الربو، كالسعال وضيق التنفس.
- ألم في المعدة أو إسهال.
ردود الفعل التحسسية الشديدة والمفرطة
قد تكون بعض ردود الفعل التحسسية خطيرة وتتطلب تدخلًا طبيًا عاجلاً، ومنها:
- صعوبة في التنفس أو ضيق التنفس.
- دوخة مستمرة أو إغماء.
- سعال مزمن أو أزيز.
- انتفاخ في اللسان أو الحنجرة.
- بحة في الصوت.
- شحوب أو ارتخاء عند الأطفال الصغار.
تشخيص الحساسية لدى الأطفال
يبدأ الطبيب الاستفسار عن الأعراض والتاريخ الصحي للطفل والكشف على الأنف والحلق والأذنين. قد تُجرى بعض الفحوصات في حالة الحساسية المفرطة، خاصةً إذا كان الطفل قد تعرض لتحفيز معين. يعتمد تشخيص الحساسية على التاريخ الطبي والفحص الجسدي بالإضافة إلى مجموعة من الاختبارات، مثل:
- فحوصات الدم: تكشف عن مستويات الأجسام المضادة من نوع الجلوبيولين المناعي E.
- اختبار الجلد: يُعد من أكثر الفحوصات دقة، حيث يتم قياس مستويات الجلوبيولين المناعي E.
- اختبار التحدي: يُعطى الطفل كمية صغيرة من مُسبب الحساسية تحت مراقبة طبية.
علاج الحساسية لدى الأطفال
يُحدد العلاج بناءً على عمر الطفل وتاريخه الطبي وشدة الأعراض. يلعب تجنب مسببات الحساسية دورًا أساسيًا في العلاج، بالإضافة إلى طرق العلاج المناعي والعلاجات الدوائية.
تجنب مسببات الحساسية
يُوصى بتجنب مسببات الحساسية قدر الإمكان، ومن النصائح الفعّالة:
- البقاء في المنزل خلال فترات انتشار حبوب اللقاح.
- استخدام التكييف بدلاً من فتح النوافذ.
- تنظيف الغبار في المنزل خصوصًا غرف النوم.
- استحمام الأطفال وتغيير الملابس بعد اللعب في الخارج.
العلاج المناعي
يمكن استخدام العلاج المناعي لعلاج الأطفال المصابين، حيث يُعطى الطفل جرعات صغيرة من مسببات الحساسية لتعزيز المناعة. يُلاحظ عادةً تحسن في الأعراض خلال فترة تتراوح من 6 إلى 18 شهرًا.
العلاجات الدوائية
يُفضل عدم إعطاء الأدوية للأطفال بدون وصفة طبيّة. تشمل الأدوية المستخدمة:
- مضادات الهستامين: تقلل من أعراض الحساسية.
- مزيلات الاحتقان: تُستخدم لعلاج احتقان الأنف.
- أدوية أخرى: تعتمد على نوع التحسس.
علاج الحساسية المفرطة
عندما يصاب الطفل بالحساسية المفرطة، يُحتاج إلى تدخل طبي فوري. يجب أن تكون الأدوية مثل الإيبنفرين متاحة للاستخدام عند الحاجة. من الضروري متابعة حالة الطفل بعد تقديم العلاج.
- التأكد من تهوية الطفل.
- تجنب إعطاء أية أدوية بالفم في حالات صعوبة التنفس.
- تعليم الأهل كيفية استخدام حقن الإيبنفرين.