البيئة
خلق الله -سبحانه وتعالى- الإنسان لأداء مهمة عظيمة، تتمثل في كونه خليفةً في الأرض، حيث قال في كتابه الكريم: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً). ولتأدية هذا الدور الوظيفي، هيأ الله للإنسان جميع مقومات الحياة الضرورية، حيث خلقه في أحسن هيئة، وزوده بالعقل، وأعد له بيئة مستقرة وآمنة، وخلق كل شيء فيها بقدر معين، لتكون هذه البيئة مساعدة له في تحقيق مهامه الحياتية.
تشير البيئة إلى الإطار الذي يعيش فيه الإنسان، ويشمل ذلك الأرض بما تحتويه من مكونات حية كالزراعة والحيوانات، إضافةً إلى المكونات غير الحية مثل الماء، واليابسة، والهواء. كما تمثل مبادئ الإسلام تجاه البيئة من خلال تشجيع الإنسان على إعمار الأرض واستثمارها، ودعوة إلى حماية هذه البيئة من كافة أشكال الفساد، والعمل على إصلاحها من تأثيرات الإنسان السلبية.
الإسلام وحماية عناصر البيئة
تستند المبادئ الإسلامية إلى ضرورة حماية البيئة، ومن أهم هذه المبادئ ما يلي:
- مبدأ الخلافة
يعتبر الإنسان المستخلف الوحيد في هذه البيئة، وعلاقته بها لا تتمثل في التملك، بل في الأمانة التي ينبغي المحافظة عليها ورعايتها.
- مبدأ التوازن
إن التلوث يؤثر سلباً على توازن الكون، مما يؤدي إلى فساد البيئة والإضرار بالكائنات الحية، بما في ذلك الإنسان.
- مبدأ “لا ضرر ولا ضرار”
لأن الضرر يلحق بكل من الإنسان والبيئة، لذلك يُعتبر الضرر محظوراً على النفس وغير النفس.
- مبدأ تحقيق المصلحة العامة
تحقيق الحفاظ على البيئة كما خلقها الله يعتبر مفيداً لكل مكوناتها، وعلى رأسها الكائنات الحية، بما في ذلك الإنسان الذي خلقه الله وجعل له هذه الموارد.
- مبدأ المسؤولية الشخصية
يكون الإنسان مسؤولاً عن تصرفاته تجاه البيئة، كما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته).
- مبدأ الرقابة الذاتية
يساعد الوازع الديني في تعزيز الرقابة الذاتية لدى الأفراد لحماية البيئة من الفساد، خاصة في غياب الرقابة الخارجية.
مظاهر حماية الإسلام لعناصر البيئة
تتنوع مظاهر حماية البيئة في الإسلام، ويشمل ذلك ما نصت عليه النصوص الشرعية وما دعت إليه التعاليم الإسلامية بشكل عام. ومن أبرز هذه المظاهر:
- تشجيع الإسلام على الزراعة
حث النبي -عليه الصلاة والسلام- المسلمين على زرع الأشجار، حيث قال: (مَا مِن مُسلم يَغرِسُ غَرْسًا أو يَزرَعُ زَرْعًا فيأكُلُ مِنه طَيرٌ أو إنسَانٌ أو بهيْمَةٌ إلا كان لهُ بهِ صَدقَةٌ)، مما يعود بالنفع على البيئة.
- تحريم الإسلام الاعتداء على عناصر البيئة
من غير الطرق الصحيحة، لأن هذه الموارد هي حق لجميع البشر والحيوانات، ويجب أن يتم تقاسمها بطرق عادلة.
- اهتمام الإسلام بنظافة البيئة
حثّ الإسلام على تجنب تلوث الموارد الحيوية، مثل التبول في الماء، أو في الأماكن العامة، وضرورة الحفاظ على نظافة هذه المصادر، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه).
- التنبيه إلى ضرورة تجنب الإسراف في الموارد الطبيعية، وخاصة المياه.