تعريف قوة جذب الأرض للأجسام ولماذا تندفع نحو الأرض بدلاً من الارتفاع في الفضاء. لماذا تسقط الأشياء عند رميها أو إسقاطها؟ الإجابة تكمن في مفهوم الجاذبية.
مفهوم الجاذبية
الجاذبية (بالإنجليزية: Gravity) هي القوة التي تسحب بها الأجسام نحو مركز كوكب أو جسم آخر. تلعب قوة الجاذبية دورًا حاسمًا في الحفاظ على المدارات الخاصة بكل الكواكب حول الشمس، وهي واحدة من القوى الأساسية الأربعة في الكون.
إلى جانب القوى الكهرومغناطيسية والقوى النووية القوية والضعيفة، تبقى الجاذبية، رغم اتساع نطاقها، لغزًا للعالمين. لقد حاول العلماء العصور القديمة تفسير لماذا تسقط الأجسام نحو الأرض.
وكان الفيلسوف اليوناني “أرسطو” قد أكد أن الأجسام تتمتع بفطرة طبيعية للتحرك نحو مركز الكون. ومع ذلك، جاءت الاكتشافات اللاحقة التي أزاحت كوكبنا من مركز الكون كما أدرك البولندي “نيكولاس كوبرنيكوس” أن مسارات الكواكب توضح بشكل أفضل إذا اعتبرت الشمس الحل الأبرز في النظام الشمسي.
وقد قام عالم الرياضيات والفيزياء البريطاني “إسحاق نيوتن” بتوسيع آراء “كوبرنيكوس”، معتقدًا بأن كل الأجسام التي تؤثر الشمس عليها تمارس قوى جذب متبادلة. في عمله الشهير عام 1687، الذي يحمل عنوان “Philosophiae naturalis Principia mathematica”، وضع “نيوتن” الأساس لقانون الجاذبية الكونية، الذي يُكتب عادة على الشكل التالي: Fg = G (m1.m2) / r^2.
هنا “F” تمثل قوة الجاذبية، “m1” و “m2” هي كتل الجسمين، “r” هي المسافة بينهما، و”G” هو ثابت الجاذبية.
آلية الجاذبية
وصف العالم “ألبرت أينشتاين” قوة الجاذبية كمظهر منحنٍ في الفضاء يلتف حول أي جسم موجود في الفضاء، سواء كان نجمًا أو كوكبًا. ففي حال اقترب أي جسم غريب من هذا المنحنى، سيجذبه نحو المركز.
كما أشار “أينشتاين” إلى أن كل جسم أو كائن له كتلة يقوم بامتلاك قوة جاذبية أيضًا. وبناءً عليه، فإن الأجسام ذات الكتلة الأكبر تمتلك قوة جاذبية أكبر، والعكس بالعكس.
إضافةً إلى ذلك، فإن قوى الجاذبية تضعف مع ارتفاع المسافة، حيث تكون هناك علاقة عكسية؛ كلما اقتربت الأجسام من بعضها، زادت قوى الجاذبية بينها.
نستنتج أن الجاذبية الأرضية تنشأ من كتلتها، مما يجعلها تسحب الأجسام نحوها. لأن لك كتلة، فإن ذلك يعني أنك تمتلك جاذبية، وهذا ما يُعرف بوزنك.
في حالة تواجدك على كوكب آخر أقل كتلة من الأرض، فسيكون وزنك أقل هناك!
دور الجاذبية في نظامنا
تمثل قوى الجاذبية العنصر الرئيسي في الإبقاء على الكواكب في مدارها حول الشمس. كما تسهم هذه القوى في التزام القمر بمداره حول الأرض، حيث تسحب قوى الجاذبية مياه البحار نحو القمر، مما يؤدي إلى حدوث المد والجزر في المحيطات.
علاوةً على ذلك، الجاذبية هي المسؤولة عن تكوين النجوم والكواكب من خلال جذب المواد وارتباطها ببعضها. الجاذبية لا تقتصر فقط على جذب الأجسام ذات الكتلة، بل تشمل أيضًا جذب الضوء، وهو مبدأ اكتشفه “أينشتاين”.
إذا قمت بتوجيه ضوء مصباح لأعلى، ستلاحظ تغير لون الضوء نحو الأحمر، وذلك نتيجة تأثير الجاذبية على الضوء، لكنه لا يُرى عينيًا ويجب قياسه.
الثقب الأسود
تعتبر الثقوب السوداء مناطق في الفضاء حيث تكون قوة الجاذبية قوية بشكل يكفي لمنع حتى أسرع الجسيمات، بما في ذلك الضوء، من الهروب، مما أدى إلى تسميتها بـ “الثقوب السوداء”.
اقترح العالم الألماني “كارل شوارزشيلد” النسخة الحديثة لفكرة الثقب الأسود، حيث أدرك في عام 1915 إمكانية ضغط الكتلة في نقطة صغيرة لا نهائية، مما يؤدي إلى انحناء الزمكان حولها.
يُشار إلى الحافة التي تبدأ من الثقب الأسود بأفق الحدث، والمسافة بين هذه الحافة والنقطة الكثيفة تُسمى التفرد، نسبةً إلى “شوارزشيلد”.
من خلال النظرية، لكل كتلة نصف قطر يُمكن حسابه، وإذا تم ضغط كتلة الشمس إلى نقطة صغيرة بما فيه الكفاية، ستشكل ثقبًا أسود بقطر أقل من 3 كيلومترات. على نفس المنوال، سيكون لكتلة الأرض نصف قطر يُقدّر بعدة مليمترات، مما يجعل ثقبًا أسود بحجم صغير بشكل مذهل.
على مر العقود، أصبح لدى العلماء ثقة متزايدة بوجود هذه الثقوب السوداء، وخصوصياتها العجيبة قد شجعت اكتشاف نجوم نيوترونية أخرى، ويُعتقد اليوم أن معظم المجرات تحتوي على ثقوب سوداء ضخمة.
الجاذبية على كوكب الأرض
تعتبر الجاذبية على كوكب الأرض ضرورية للغاية لحياتنا؛ فنحن لا نستطيع العيش هنا بدونها! تبدأ العملية من جذب الشمس للأرض، مما يحافظ على كوكبنا في مدار ثابت.
وهذا ما يمنحنا إمكانية العيش في بيئتنا الجميلة، حيث نستمتع بدفء الشمس وضوءها. الجاذبية أيضًا تسهم في الحفاظ على الغلاف الجوي بما فيه الهواء الذي نحتاجه للتنفس.
لذا، تُعد الجاذبية أحد العناصر الأساسية لتجمع عالمنا معًا!
الجاذبية والغموض الدائم
تستمر الجاذبية في حيرة العلماء بعدة طرق؛ على سبيل المثال، النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات الذي يحدد آلية عمل معظم الجسيمات والقوى لا يعتمد على الجاذبية.
بينما يحمل الضوء جسيمًا يدعى الفوتون، لا يمتلك الفيزيائيون فكرة واضحة عن وجود جسيم يعادل الجاذبية، مما يُعرف بجسيم الجاذبية.
إيجاد نظرية تجمع بين الجاذبية وميكانيكا الكم يمثل تحديًا مستمرًا، ونظرية موحدة شاملة قد لا تتحقق. لكن الجاذبية لا تزال تُستخدم لكشف الكثير عن أسرار الكون.
في الستينيات والسبعينيات، بينت دراسة “فيرا روبين” و”كينت فورد” أن النجوم عند أطراف المجرات تدور بسرعات أعلى من المتوقع، مما يُشيران إلى وجود كتلة غير مرئية تسحبها، مما أظهر ما نسميه الآن بالمادة المظلمة.
مؤخراً، استطاع العلماء استنتاج نتائج جديدة من نظرية “أينشتاين”. ومنذ عام 2017، أتاح مرصد (LIGO) للأبحاث العلمية طرقًا جديدة لدراسة الكون.