اسم فتى النبي موسى عليه السلام في كتب الحديث
أشار صحيح البخاري إلى اسم فتاه -عليه السلام- من خلال حديث رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-. وقد جاء فيه: (قام موسى النبي خطيبًا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم. فعاقبه الله على عدم رد العنئ إلى الله، فأوحى الله إليه: إن عبدا من عبادي بمجتمع البحرين هو أعلم منك. قال: يا رب، وكيف به؟ فقيل له: احمل حوتا في مكتل، فإذا فقدته فهو ثَمَّ. فانطلق مع فتاه يوشع بن نون، وحملا حوتا في مكتل).
هذا النص الثابت من ابن عباس لم يناقشه أحد من الصحابة أو التابعين بشأن اسم فتاه، وهو “يوشع بن نون”، مما يجعل هذا الرأي بمثابة الحديث المرفوع. حيث أن الموقوفات التي تأخذ حكم المرفوعات تقتصر على الأمور الغيبية، التي تتطلب حديثا موقوفا على صحابي ولكن معناه يفوق الاجتهاد، مما يعكس طبيعة الحديث الموقوف الذي يتساوى مع الحديث المرفوع.
تناول الإمام النووي هذا الأمر في شرحه للحديث وقال: “فتى النبي موسى هو يوشع بن نون”، حيث يقصد بعبارة فتاه: أي رفيقه. واسم نون هو اسم والده، وهذا الاسم ليس ممنوعًا من الصرف مثل اسم نوح. ويأتي حديث ابن عباس ليؤكد على إنكار الآراء التي تشير إلى أن فتاه هو يوشع بن نون كعبد لموسى، كما هو الحال في بعض الأقوال الضعيفة. ونسبه هو: يوشع بن نون بن إفراثيم بن يوسف -صلى الله عليه وسلم-.
نبوة يوشع بن نون
يعتبر أهل الكتب أن يوشع بن نون نبي، ومع ذلك لا يُذكر من بين الأنبياء الخمسة والعشرين الذين اتفق علماء الأمة على نبوتهم. وقد استنتج ذلك من محادثة للأمام المقرئ أبو بكر بن عياش مع طلابه، حيث قال: “ما ولد لآدم بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر”. وعندما سلمه طلابه بالصدق، استدرك عاصم بن يوسف -مولى فضيل بن عياض- قائلا: “يا أبا بكر! ولا يوشع بن نون وصي موسى؟”، فأجاب: “ولا يوشع بن نون وصي موسى، إلا أن يكون نبياً”.
لكن بعض شراح الحديث المرفوع اعترضوا على هذا الرأي وأشاروا إلى أن نبيًا من الأنبياء قد غزا في سبيل الله، وفي سياق ذلك، أراد الذهاب إلى قرية للجهاد: (فأدنى للقرية حين صلاة العصر -أو قريبًا من ذلك- فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها عليشيئًا، فحبست عليه حتى فتح الله عليه). وقد أشار الشرح إلى أن ذلك النبي هو يوشع بن نون، رفيق النبي موسى -عليه السلام- في رحلته مع الخضر.
يوشع بن نون وصي النبي موسى
تشير كتب التاريخ إلى أن النبي موسى -عليه السلام- وجميع من كانوا معه من أبرز أتباعه توفوا في التيه، ما عدا يوشع وكالب، وهما اللذان دخلا الأرض المقدسة. وعندما توفي النبي موسى، عمل يوشع بن نون على إقامة أحكام التوراة لبقية بني إسرائيل، وقام بتقسيم الشام بينهم. وله الدور الأساسي في إخراج نهر الأردن، وقاد جيشًا إلى أريحا لمواجهة الجبارين الموجودين فيها، محققا انتصارًا بعد حبس الشمس له.