الدروس المُستفادة من غزوة تبوك في العصر الحالي
تعد غزوة تبوك واحدة من الأحداث المفصلية في تاريخ الإسلام، إذ وقعت في رجب من العام التاسع للهجرة. سبب وقوعها هو أن الرومان كانوا ينوون الاعتداء على المدينة المنورة، وعندما علم النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، قرر أن يسبقهم بالهجوم. كان من عادة النبي ألا يدع الأعداء يقتربون من المدينة، لذا خرج في جيش قوامه ثلاثون ألف مقاتل.
تُعرف هذه الغزوة أيضًا باسم غزوة العسرة، نظرًا لما عاناه المسلمون من مشقات، مثل الحر والجوع والعطش، بالإضافة إلى صعوبة المسير بسبب تضاريس الطريق. تحمل هذه الغزوة دروسًا وعبرًا كثيرة تظل مرشدًا للمسلمين في جميع الأوقات، ومنها ما يلي:
- إن نفاق البعض، مهما كان ضئيلاً، سيظهر يومًا ما بحكم الله -تعالى-، كما تجلى في غزوة تبوك، حين تخلّف المنافقون عن الجهاد وتعرّضوا لفضيحة أمام الجميع، حيث أصبحوا معروفين.
- تظل أبواب التوبة مفتوحةً للذين يصدقون مع الله. فقد تخلّف ثلاثة من الصحابة، رغم أنهم لم يكونوا من المنافقين، لكنهم جاءوا إلى الرسول واعتذروا، فتاب الله عليهم، وهذا الاعتذار خُلد في القرآن حيث ورد: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا…).
- يعتبر الجهاد بالمال من الأهمية بمكان، مثل الجهاد بالنفس. فالمال هو ما يزوّد الجيوش بالمتطلبات اللازمة، من معدات وملابس وأسلحة. لذا، فإن الجهاد المالي يمكن أن يساوي أحيانًا أهمية الجهاد بالنفس، وقد ضرب الصحابة نماذج رائعة في هذا المجال.
- لا بد من الاستجابة لمناداة الجهاد، ولا يعد مقبولاً التخلي عنه إلا بعذر شرعي، فالجهاد هو الذي يحفظ للأمة كرامتها ومكانتها، فضلاً عن حماية مصالح الدولة وسلامة مواطنيها.
أسباب تسمية غزوة تبوك بهذا الاسم
تعود التسمية إلى منطقة تُعرف بعين تبوك، التي مرّ المسلمون بها في طريقهم إلى أراضي الرومان. كما أُشير إليها بغزوة العسرة بسبب الظروف الصعبة التي واجهوها، مثل حر الشمس وندرة الماء والطعام، وقد ذُكرت هذه التسمية في القرآن الكريم، حيث قال -تعالى-: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ).
نتائج غزوة تبوك
كانت نتائج غزوة تبوك مثيرة للإعجاب، إذ انتهت تلك الغزوة دون قتال، بسبب هروب الجيش الروماني، وهو ما يُعد هزيمةً نكراءً لهم، خاصة بما كانوا عليه من قوة في ذلك العصر. ونتيجة لذلك، اكتسب المسلمون هيبة ورهبة في قلوب جميع الدول المجاورة، كما تعلم الصحابة كيفية التفريق بين المؤمنين الصادقين والمنافقين الخائنين، مما ساعدهم في اختيار من يثقون بهم.