تطور الحركة النقدية في مختلف العصور الأدبية

الحركة النقدية عبر العصور الأدبية المختلفة

الحركات النقدية في الأدب العربي

تعود جذور الحركات النقدية الأدبية العربية إلى العصور الجاهلية، حيث يمكن تصنيف الاتجاهات النقدية القديمة إلى الفئات التالية:

مدرسة الحجاز

نشأت هذه المدرسة خلال العصر الأموي، وامتاز النقد فيها بروح إنسانية ورؤية فنية رقيقة، حيث كانت البيئة المحيطة تتميز بالأناقة وحب الجمال الرفيع. وقد توجه النقاد آنذاك نحو تحليل معاني النصوص، فكان ما يتناغم مع الذوق العام والمشاعر الصادقة مُرحباً به. ومن أبرز النقاد في هذه المدرسة كان ابن أبي عتيق.

مدرسة الشام

تأسست الحركة النقدية في الشام في قصور الخلفاء، حيث كان لها اهتمام خاص بموضوع المدح، معتمدة على الذوق الفطري في تقييم نماذج الشعر. وركز نقادها على ما يمكن أن تتجلى فيه القصيدة من تشابه مع النماذج الشعرية القديمة من حيث الدقة والوصف ورسم المعاني. ولعل من أبرز الشخصيات في هذه المدرسة الخليفة عبد الملك بن مروان.

مدرسة العراق

تتسم شعريات هذه المدرسة بتقاربها مع قصائد شعراء الجاهلية من حيث الموضوعات والأساليب. حيث ساد الفخر كموضوع رئيسي، وتركيز النقاد على المقارنة بين شعرائها وشعراء العصر الجاهلي، بينما لم يكن هناك اهتمام كبير بشعر المدح لأغراض التكسّب. وكان الأساس العلمي لهذه المدرسة واضحاً، حيث اهتم النقاد بالنحو وأصول اللغة. ومن أبرز الأسماء التي نالت شهرة في هذه المدرسة هما أبو عمرو بن العلاء، وحماد الراوية.

النقد العربي في العصر الحديث

مع بداية عصر النهضة، اتخذ النقد الأدبي طابعًا لغويًا وبيانيًا، حيث بدأ علماء الأزهر بالتركيز على النقد الأدبي استنادًا إلى المعايير اللغوية والعروضية والبلاغية. يتجلى ذلك بوضوح في كتاب (الوسيلة الأدبية) لحسين المرصفي وأعمال طه حسين، كما كان لمصطفى لطفي المنفلوطي دور رئيسي في تسليط الضوء على الأخطاء اللغوية والبيانية.

ظهر المنهج التاريخي في بداية القرن العشرين، حيث قام بتقسيم الأدب العربي وفق عصور سياسية مثل العصر الجاهلي وما بعد الإسلام، معتبرًا أن السياسة تلعب دورًا في ازدهار الحياة الأدبية. ثم اتجه النقاد إلى المنهج الفني الذي يدرس الأدب بناءً على الأغراض الفنية، وقد أرسى هذا الاتجاه رواد مثل مصطفى صادق الرافعي وطه حسين.

تلا ذلك ظهور المنهج التأثيري الذي اهتم بالجمال والذوق الشخصي، معتمدًا على تجارب النقاد الذاتية. ومن أبرز الشخصيات في هذا السياق طه حسين، وعباس محمود العقاد، وميخائيل نعيمة. كما شهدت الساحة النقدية ولادة اتجاهات جديدة، بما في ذلك المنهج الاجتماعي والإيديولوجي الاشتراكي، بالإضافة إلى المادي الجدلي والبنيوية بأشكالها المختلفة.

الحركات النقدية في الأدب العالمي

يعتبر التحليل الأدبي ردًا نقديًا على النصوص الأدبية، يمكن أن يتخذ شكل مقالات نقدية أو تعليقات شفهية، ويتضمن تفسيرًا شاملاً للعمل. يعتمد هذا التحليل على مجموعة متنوعة من المناهج النقدية، منها:

  • النقد البدائي

يسعى هذا الاتجاه إلى فهم المقاصد من النماذج الأدبية البدائية، والتي تتعرض لمواضيع مثل الحب والوصف والبطولة والموت.

  • النقد الثقافي

يعتبر حركة حديثة توسع نطاق النقد من خلال دمجه مع تخصصات أخرى، مع التركيز على تحليل العوامل الثقافية وتأثير الأحداث التاريخية على الكتاب.

  • النقد النسوي

يرتكز هذا النقد على رؤيات تفيد بأن النصوص الأدبية تعكس تصويرًا غير عادل للمرأة، حيث تُعرض من منظور الثقافة الأبوية.

  • النقد الماركسي

يستند هذا الاتجاه إلى أفكار كارل ماركس، حيث يؤكد أن الصراعات التاريخية والثقافية تنبع من المشاكل الاقتصادية.

  • النقد الجديد

يعد حركة نقدية تعزز القراءة الدقيقة والتحليل النصي باستقلالية عن العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية للكاتب.

  • التاريخية الجديدة

تتألف من مجموعة ممارسات نقدية تدرس الأعمال الأدبية ضمن سياقاتها الثقافية والتاريخية، متبنية فكرة أنه لا يمكن فهم النصوص في غياب السياق.

  • ما بعد البنيوية (التفكيكية)

يعتبر منهجًا نقديًا يشكك في المبادئ البنيوية، معتمدًا على التحليلات الدقيقة للنصوص الأدبية.

  • نقد التحليل النفسي

هذا النقد يقوم على نظرية التحليل النفسي لكل من سيغموند فرويد وكارل يونغ، حيث يتم تحليل النصوص بناءً على رغبات المؤلف اللاواعية وتفاعلات القارئ.

  • نقد استجابة القارئ

يركز هذا المنهج على الفهم الشخصي للقارئ تجاه النص، مقدمًا تحليلات متعددة بناءً على تفاعلات القراء مع النصوص.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *