إبليس في القرآن الكريم
تتباين آراء اللغويين حول معنى كلمة “إبليس”، حيث يرى بعضهم أنها اسم عربي على وزن إفعيل، ومشتقة من الإبلاس، الذي يعني البعد عن الخير أو اليأس من رحمة الله -عز وجل-. في حين يذهب عدد من اللغويين، مثل ابن الإنباري والزُبيدي وأبو إسحاق، إلى أن كلمة إبليس هي اسم أعجمي ولا يُصرف. ولتبرير ذلك، يُشير الطبري إلى أن سبب عدم صرف الكلمة هو عدم وجود نظير لها في لغة العرب، بينما يرى ابن حجر أن الاسم كان يطلق عليه قبل الطرد من رحمة الله –عز وجل–، مما يعزز فرضية أنه اسم أعجمي. أما في السياق الشرعي، فإن إبليس يُعرف بأنه مخلوق من النار، الذي كان بين الملائكة لكنه لم يكن منهم. وعندما أمر الله -عز وجل- الملائكة بالسجود لآدم، تمرد إبليس وعصى أوامر الله لأنه خُلق من النار، بينما خُلق آدم من الطين. لذلك، طرده الله من رحمته وسماه إبليس، كناية عن أنه أُخرج من رحمته. وقد وردت كلمة إبليس في القرآن الكريم إحدى عشرة مرة، بالإضافة إلى الأمر بالاستعاذة منه بنفس العدد.
قصة عصيان إبليس في القرآن الكريم
خلق الله -عز وجل- آدم -عليه السلام- وكرّمه، فأمر الملائكة بالسجود له، فقال: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ). وقد استجاب جميع الملائكة لأمر الله، إلا إبليس الذي أعرض عن السجود بدافع من الكبر والحسد، حيث اعتقد أن النار التي خُلق منها أفضل من الطين الذي خُلق منه آدم. وعليه، طرده الله من رحمته وأخرجه من الجنة، كما جاء في قوله -عز وجل-: (قالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴿٣٤﴾ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ). ووفقاً لرأي الحسن البصري، فإن إبليس لا يُعد من الملائكة بل هو أصل الجن مثلما يُعتبر آدم -عليه السلام- أصل البشر. وقد طلب إبليس من الله -عز وجل- أن يُبقيه إلى يوم القيامة ليتمكن من إغواء بني آدم وإبعادهم عن رحمة الله، إلا أن الله بين أن كيده ضعيف أمام عباده الصالحين، حيث قال -عز وجل-: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِم سُلطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ).
صفات إبليس في القرآن الكريم
أشار الله -عز وجل- في القرآن إلى العديد من الصفات المرتبطة بإبليس، ومن أبرزها:
- الحسد: تُعتبر هذه الصفة من أبرز صفات إبليس، وقد كانت دافعاً لعصيانه لأمر الله بعدم السجود لآدم، وهو ما أشار إليه الله في قوله: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ).
- الافتخار بالنفس: يظهر إبليس اعتزازه بذاته من خلال ادعائه أفضليته على آدم -عليه السلام-، حيث قال: (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ).
- الرجيم: تشير هذه الكلمة إلى كونه ملعوناً ومطروداً من رحمة الله -عز وجل-، حيث ذكر الله هذه الصفة بقوله: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) نتيجة لعصيانه وغوايته لآدم وذريته.
- المارد: تعني هذه الصفة العاتي والخارج عن الطاعة؛ إذ تمرد إبليس على أوامر الله برفضه السجود. وقد ورد ذكر هذه الصفة في آيات عدة، مثل قوله: (وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيَاطِينٍ مَّارِدٍ).
- الوسواس الخناس: تعني أنه الذي يوسوس للإنسان بالشر في مختلف الظروف، ويختفي عندما يُذكر الله -عز وجل-. وقد سرد الله -عز وجل- هذه الصفات في قوله: (مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ).