تفسير الآية المتعلقة بالذين يتخذون أهواءهم آلهة لهم

تفسير الآية “أفرأيت من اتخذ إلهه هواه” يحمل معاني عميقة، حيث يقال إن اتباع الهوى قد يؤدي بالإنسان إلى الهلاك. في هذا المقال، سنستعرض تفسير هذه الآية وكيفية التغلب على اتباع الهوى.

أفرأيت من اتخذ إلهه هواه

  • الآية “أفرأيت من اتخذ إلهه هواه” ترد في سورة الجاثية، حيث يقول الله تعالى: “أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَه هَوَاه وَأَضَلَّه اللَّه عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ” (الجاثية: 23).
  • كما تكررت هذه الآية في سورة الفرقان دون ذكر الفاء، حيث يقول تعالى: “أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَه هَوَاه أَفَأَنتَ تَكون عَلَيْهِ وَكِيلًا” (الفرقان: 43). دعونا نستكشف تفسير “أفرأيت من اتخذ إلهه هواه”.

إليك بعض التفاصيل المتعلقة بالتفسير:

تفسير أفرأيت من اتخذ إلهه هواه

  • تباينت آراء المفسرين حول معنى هذه الآية. فقد أوضح بعضهم أن المعنى المقصود هو: أرأيت يا محمد من جعل هواه هو المسيطر على دينه، حيث يعبده كلما هوت نفسه شيئاً.
  • وبذلك، لا يحلل ما أحله الله ولا يحرم ما حرمه، بل يتبع نفسه الضالة ويغفل عن الله.
  • وقد أيد هذا التفسير ابن عباس رضي الله عنهما، إذ قال: “ذلك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان”. كما أشار إليه قتادة.
  • بينما رأى آخرون أنه يمكنه أن يغير إلهه كلما وجد شيئاً أفضل، فيعبد الأصنام والأشجار والأحجار. وعندما لا ينجذب عبادتها ينقل إلى غيرها بلا علم أو سؤال، كما قال سعيد رضي الله عنه.
  • الإمام الطبري يرجح الرأي الأول ويراه الأكثر دقة.

تفسير الآية “أفرأيت من اتخذ إلهه هواه” بالتفصيل

  • قال تعالى: “وَأَضَلَّه اللَّه عَلَىٰ عِلْمٍ” أي إن الله عز وجل قد انتهى إلى علمه السابق بأن هذا الشخص سيضل ولن يهتدي أبداً.
  • و”وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ” تعني أن الله صده عن سماع الحق وعن قبول القلوب، فإنه يستمع ولكنه لا يصدق ويتمادى في ضلاله.
  • كما أن قلبه يصبح قاسياً لا يتأثر بآيات الله ولا بأخباره المهمة.
  • ثم تشير “وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً” إلى أنه مُعمى عن رؤية الحق حتى وإن كان واضحاً.
  • وفي ختام الآية: “فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ” تشير إلى أن لا أحد يمكنه هداية من أخذه الله بغمامة الضلال.

مناسبة آية “أفرأيت من اتخذ إلهه هواه” بما قبلها

  • يقول الله تعالى في الآيات السابقة: “أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهمْ كَالَّذِينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهمْ وَمَمَاتهمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكمونَ” (الجاثية: 21).
  • ويشير هنا إلى أنه لا يمكن المساواة بين الذين يعملون السيئات وأهل الإيمان، ويؤكد جزاء كل نفس بما كسبت، ثم جاءت الآية للتأكيد على عدل الله في تفريقهم.

مناسبة آية “أفرأيت من اتخذ إلهه هواه” بما بعدها

  • وفي ما يلي من الآيات، يتطرق الله لفوضى هؤلاء الناس في تغيير آلهتهم، فيقول: “وَقَالوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتنَا الدّنْيا نَموت وَنَحْيَا وَمَا يهْلِكنَا إِلَّا الدَّهْر” (الجاثية).
  • بعد عبادتهم للأصنام، بدأوا ينكرون وجود الإله، معتبرين أن الأيام هي التي تمر، والدهر هو مصدر حياتهم.
  • ويلفت الله انتباههم إلى أن ذلك ليس من العلم، بل هو مجرد ظنون لا تعتمد على أي دليل.

لا تفوت قراءة مقالنا عن:

فوائد تفسير “أفرأيت من اتخذ إلهه هواه”

  • أحد أبرز فوائدها هو إذ تشير إلى أن أخطر ما يمكن أن يعبده الإنسان هو الهوى، وهو من طبيعة الإنسان ويتبعه إلا أن يخلصه الله.
  • كما أن هناك أهمية في تمكين القلب للسماع والتفكر في ما يُقرأ من آيات وأحاديث لكي لا يؤدي ذلك إلى قسوة القلب.
  • ومن بين الفوائد أيضاً ضرورة التذكر والتفكر في حال النفس، هل ما زلت تسير على الصراط المستقيم أم زلت عن الطريق.

خطورة الهوى ومفاسد اتباعه

  • العديد من الأشخاص الضالين والمخالفين لم يتبعوا سوى أهوائهم. فطريق الهوى مُزلقة، ورجوع من دخل فيه صعب للغاية.
  • إحدى مخاطر الهوى هي أن مصير متبعيه لا يكون إلا الفشل والانهيار، وقد أشار الله تعالى لهذا في كتابه.
  • كما قال: “وَلَا تطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَه عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاه وَكَانَ أَمْره فرطًا” (الكهف).
  • لا يستمع أولئك الذين يتبعون أهواءهم للآخرين في تصرفاتهم، مما يؤدي إلى المنازعات والخلافات.
  • وأيضاً، يؤدي الانجراف وراء الهوى إلى تخلي الإنسان عن الاعتماد على الله، فهو يدعوه إلى نفسه.

مخالفة الهوى

  • مخالفة الهوى تعتبر الطريق إلى النجاة، فإن الناجي يوم القيامة من خالف هوى نفسه وعصاها.
  • قال الله تعالى: “وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى” (النازعات: 40).
  • كما أن من يخالف هواه سيجد في ذلك علاجاً لنفسه، إذ قال أحد الصالحين إن النفس تصبح دواءها الوحيد عند مخالفتها هواها.
  • مخالفة الهوى تؤدي إلى تنفيذ العدالة والحق، كما أوحى الله لداوود: “يَا دَاوود إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ” (ص: 26).
  • كما تمنح مخالفة الهوى الشخص منزلة عالية عند الله، حيث سيستجيب لدعائه وييسر له الصعوبات.
  • كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما ترك عبد شيئاً لله لا يتركه إلا لله، إلا عوضه منه ما هو خير له في دينه ودنياه”.
  • أخيراً، من يخالف هواه ينعم في الدنيا بكرامة وقوة، حيث تكون له الأجر في الآخرة.

لا تفوت قراءة مقالنا عن:

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *