حياة وإنجازات الشاعر إبراهيم طوقان

تعريف بالشاعر إبراهيم طوقان

إبراهيم طوقان هو شاعر فلسطيني بارز يُعتبر من أبرز الرموز في الشعر العربي الحديث، وقد اشتهر بأعماله الوطنية التي جلبت له ألقاباً مثل “شاعر الوطنية” و”حارس الأرض”. كان طوقان من الشعراء المدافعين عن القومية العربية، وله مجموعة من القصائد المعبرة عن هذا المفهوم، ومن أشهر قصائده “موطني” التي أصبحت تُعتبر النشيد الوطني لفلسطين. وقد تبنى طوقان مبدئين نقديين في نظرته للشعر، حيث وصف الأول بأنه “الشعر وميض فكري في صورة لفظية قد يجيد الشاعر صياغتها أو لا”، بينما يتمثل المبدأ الثاني في اعتقاده بأن الشعر هو عبارة عن نثر موزون لا يُظهر جهد القلب في صياغته.

إبراهيم طوقان كشاعر

بدأت مسيرة إبراهيم طوقان الشعرية بنشر أول قصيدة له في إحدى الصحف عام 1923، وهو نفس العام الذي انضم فيه إلى الجامعة الأمريكية. لقد كانت سنوات دراسته الفترة الأكثر إنتاجية في حياته، حيث نشر في عام 1924 قصيدة “ملائكة الرحمة” التي لفتت الانتباه إليه. في تلك الفترة، قدم أخوه أحمد الدعم له بالتعريف به إلى الناقد سعيد تقي الدين، الذي قام بدعمه، بالإضافة إلى الشاعر بشارة الخوري المعروف بلقب الأخطل الصغير. في عام 1926، وقع إبراهيم في حب فتاة ألهمته ليكتب العديد من قصائد الغزل، بما في ذلك قصيدته الشهيرة “في المكتبة”.

كتب إبراهيم أيضاً الشعر الوطني إلى جانب عدد من القصائد والمقالات والأحاديث الإذاعية التي بُثت عبر إذاعة فلسطين ولكنه لم ينشرها. معظم أشعاره كانت عمودية، إلا أنه كتب الشعر المقطعي مثل نشيد “موطني”. وقد تم تجميع نتاجه الشعري في “ديوان إبراهيم طوقان” الذي طُبع عدة مرات منذ عام 1955، فمعظم قصائده تعكس الوطنية، بالإضافة إلى بعض قصائد الغزل والمدح. ومن بين إبداعاته أيضاً مجموعة شعرية بعنوان “قناديل للنهار المطفأ” التي صدرت عن دار ابن رشد في عمان عام 1985.

النشأة والطفولة

وُلِدَ الشاعر إبراهيم عبد الفتاح طوقان عام 1905 في مدينة نابلس بفلسطين، في عائلة عريقة ومعروفة بالتزامها بالحفاظ على العادات والتقاليد. كان والده عبد الفتاح طوقان من رجال الوطن المرموقين والناشطين في الحركة الوطنية، بينما كانت والدته فوزية العسقلاني امرأة رقيقة ومهتمة برعاية أطفالها، مثل بقية نساء فلسطين في تلك الحقبة.

تلقت موهبة إبراهيم الشعرية الدعم من عائلته منذ طفولته، حيث ظهر ولعه بالشعر مبكراً عندما كان يستمع للأهازيج الشعبية أثناء اللعب مع جدته، أو عندما كان يقص على جده القصص التاريخية ويقرأ له القصائد التي حفظها. وقد لاحظ أساتذته في المدرسة موهبته، وساهموا في تشجيعه بشكل كبير، بالإضافة إلى دعم أخيه أحمد الذي كان دائم الإرشاد له. وعاش إبراهيم في مناخ عائلي يسوده الاهتمام والرعاية، مما أسهم في تنمية موهبته.

درس إبراهيم المرحلة الابتدائية في المدرسة الرشيدية في نابلس لمدة أربع سنوات، ثم انتقل إلى مدرسة المطران في القدس لاستكمال تعليمه الثانوي في عام 1919. خلال هذه الفترة، تعرف على أستاذه نخلة زريق الذي غرس فيه حب اللغة العربية والشعر القديم، وقد قضى أربع سنوات في تلك المدرسة قبل أن يلتحق بالجامعة الأمريكية في بيروت في عام 1923 حيث درس الأدب وتخرج منها عام 1929. بعد ذلك، عمل مدرساً للغة العربية في كلية النجاح في نابلس لمدة عام، ثم عاد إلى بيروت ليعمل في الجامعة الأمريكية قبل العودة إلى القدس لتدريس اللغة. غير أن المرض أنهك صحته، مما أثر على مسيرته وقد أسهم في تغير خطط عمله لاحقاً.

مصادر ثقافة الشاعر

كان للبيئة الدينية التي نشأ فيها إبراهيم طوقان تأثيراً كبيراً على ثقافته، حيث اعتبر القرآن الكريم والسنة النبوية من المصادر الرئيسية التي تغذت بها ثقافته. منذ صغره، كان يستمع كثيراً لتلاوة القرآن في منزله، وأصبح وثيق الصلة به، يتميز تلاوته بالخضوع والتأمل. وقد ترجمت الآثار الدينية في أشعاره بشكل واضح، كما يظهر في الأبيات التالية التي تعكس تأثره بالقرآن:

إليكَ تَوجّهتُ يا خالِقي

بِشكرٍ عَلى نعمة العافيه

إِذا هِيَ وَلَّت فَمن قادرٌ

سِواك عَلى ردِّها ثانيه

وَما لِلطَبيب يَدٌ في الشِفاءِ

وَلَكنها يَدك الشافيه

تباركتَ أنت مُعيدُ الحياةَ

مَتّى شئت في الأَعظم الباليه

كما أن إسهامات أسرته الأدبية كانت لها دور كبير في تشكيل ثقافة إبراهيم، فجدّه لأبيه كان أديباً وشاعراً، مما أثرى اهتمامه بالأدب والشعر. كان كثير القراءة، حيث تميز بحفظ الشعر القديم، وأحب كتاب الأغاني والشعراء مثل المتنبي وأحمد شوقي.

مرض الشاعر إبراهيم طوقان ووفاته

عانى إبراهيم طوقان من المرض منذ صغره، حيث كان يتردد على الأطباء والمستشفيات. وقد عكس معاناته في قوله: “إنّ المرض كالعمر والرزق والتوفيق والفشل…” حيث كان يعاني من ظروف صحية صعبة منذ الطفولة وتمر بأوقات انتشار الضعف في جسده.

تفاقم مرضه بعد سفره إلى العراق للعمل مدرساً، حيث كان قد عُين في منطقة نائية بعد الاستقرار. بعد فترة قصيرة من الزمن، ظهرت عليه علامات الإرهاق، وعاد إلى نابلس حيث توفّي في 2 مايو من عام 1941 بعد فترة قصيرة قضاها في المستشفى.

مقتطفات شعرية من أعمال الشاعر إبراهيم طوقان

إليكم بعض الأبيات من قصائد الشاعر إبراهيم طوقان، مثل قصيدة “ملائكة الرحمة”:

بيضُ الحَمَائِـمِ حَسْبُهُنَّهْ

أَنِّي أُرَدِّدُ سَجْعَهُنَّـهْ

رَمْـزُ السَّلاَمَـةِ وَالوَدَاعَةِ

مُنْذُ بَدْءِ الخَلْقِ هُنَّـهْ

كما نقدم بعض الأبيات من قصيدة “غريرة في المكتبة”:

وَغَرِيـرَةٍ في المَكْتَبَــهْ

بِجَمَالِـهَا مُتَنَقِّـبَهْ

جَلَسَتْ لِتَقْرَأَ أَوْ لِتَكْــتُبَ

مَا المُعَلِّـمُ رَتَّبَـهْ

وهذه بعض الأبيات من قصيدة “المعلم”:

شوقي يقول وما درى بمصيبتي

قم للمعلم وفّه التبجيلا

اقعد فديتك هل يكون مبجلاً

من كان للنشء الصغار خليلا

ويكاد يقلقني الأّمير بقوله

كاد المعلم أن يكون رسولا

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *