الحكمة من التجارب والابتلاءات في الحياة

الحكمة من الابتلاء

إن الله -عز وجل- هو الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الإنسان خليفته فيهما، حيث يُعتبر الابتلاء من الأبعاد الأساسية لوجود الإنسان في الحياة الدنيا. يتجلى هذا الابتلاء في أشكال متعددة، مثل الشدائد المتعلقة بالدين، الأبناء، المال، وغيرها. كما زين الله الأرض بما فيها من نباتات وحيوانات ومعادن، كجزء من هذه الاختبارات، بالإضافة إلى خلق الموت والحياة لإتمام غرض الابتلاء، والذي يعتبر الهدف الرئيسي من خلق الإنسان.

تمثل الدنيا دار تكليف وليست دار جزاء. وتتنوع الحكم وراء الابتلاء، منها ما هو غيبي لا يعلمه إلا الله، ومنها ما تم ذكره في الأدلة الشرعية أو ما استنبطه العلماء من خلال التأمل والاستقراء. وفيما يلي بعض من هذه الحكم:

رفع الدرجات في الدنيا والآخرة

يُعتبر الابتلاء الذي يعاني منه المؤمن سببًا لرفع درجاته في الدنيا من خلال التمكين، وفي الآخرة من خلال تكفير الذنوب والوصول إلى منازل عالية في الجنة. قد تكون للعبد منزلة في الجنة لا يمكنه بلوغها بعمله وحده، لذا يبتليه الله -تعالى- في حياته، سواء في جسده، ماليه، أو أولاده، ليرتفع به إلى تلك المنزلة.

جاء في الحديث النبوي: (إنَّ العبدَ إذا سبقتْ لهُ من اللهِ منزلةٌ لم يبلغْها بعملهِ ابتلاهُ اللهُ في جسدهِ أو في مالهِ أو في ولدهِ ثمَّ صبَّرَهُ على ذلك حتَّى يُبلِّغَهُ المنزلةَ التي سبقتْ له من اللهِ).

تكفير الذنوب

تُعتبر الآلام والمصائب التي يتعرض لها العبد كفارات للذنوب. يظل المؤمن في اختبار طوال حياته حتى يُلقى الله -عز وجل- وليس عليه خطيئة، أي أن جميع ذنوبه تُمحى في الدنيا. كما ورد في الحديث الشريف: (لا يَزالُ البَلاُء بالمُؤمِنِ في نَفسِه ومالِهِ ووَلَدِه حتَّى يَلقَى اللهَ وما عليه من خَطيئة).

تحقيق العبودية لله عز وجل

يمثل الابتلاء تجسيدًا حقيقيًا لعلاقة العبودية بين العبد وربه -عز وجل-، حيث يتطلب الصبر والثقة بالله. من خلال معرفة الحكمة من وراء الابتلاء وما يمكن أن ينتظره العبد من عواقب. تكتمل هذه العلاقة بالامتثال الكامل لأوامر الله سواء في السراء أو الضراء، وكذلك محبة الله -تعالى- والثقة في تدبيره حتى في أوقات الابتلاء، ليظهر عظمة الابتلاء في تعزيز الإيمان.

الابتلاء إعداد لتمكين المؤمنين

يُعتبر الابتلاء بمثابة المرحلة التي تسبق تمكين عباد الله المؤمنين. فقد اختبر الله -تعالى- أنبياءه قبل أن يمكن لهم على الأرض، مثل اختبار موسى -عليه السلام- ويوسف -عليه السلام-. وقد قال الشافعي -رحمه الله-: (التمكين درجة الأنبياء، ولا يتحقق إلا بعد المحن، فإذا امتحن صبر، وإذا صبر مُكِّن).

الابتلاء يكشف حقيقة الدنيا وزيفها

من أهم الحكم من الابتلاء هو أنه يكشف للعبد طبيعة الحياة الدنيا الزائفة، ويظهر أن الحياة الحقيقية التي تستحق التعب هي في الجنة يوم القيامة. فالحياة مليئة بالصعوبات، كما قال الله -تعالى-: (لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في كَبَدٍ)، وأيضًا: (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *