دعوة الناس إلى الله من خلال الحكمة والنصائح الطيبة

الدعوة إلى الله وفضلها

أنزل الله -سبحانه وتعالى- القرآن الكريم ليمكننا من فهمه والعمل بتوجيهاته، حيث يحتوي على إرشادات عديدة تغطي جوانب مختلفة من الحياة، مما يساعدنا في اتباع الصراط المستقيم. ومن بين هذه الإرشادات، يدعونا الله -تعالى- إلى القيام بواجب الدعوة، حيث يقول: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ). وهذا يعني أن من خصائص هذه الأمة أن تكون داعية للخير. وفي حال كان هذا التكليف موجهًا لبعض أفراد الأمة الإسلامية، فإنه يُعتبر فرضًا على الكفاية، ولا يسقط إلا عند تحقيق هذه الكفاية. وإذا لم تتحقق الدعوة إلى الله، فإنها تصبح واجبة على كل مسلم. لذا، يجب على المسلم أن يُعدّ نفسه لتقبل التحديات التي قد تواجهه في سبيل تبليغ رسالة ربه، مستعينًا بالصبر واليقين في نصر الله. ولنعتبر أن عزاءه في ذلك هو مدح الله -تعالى- له، حيث قال: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ). فلا أحد يُمكنه أن يقول قولًا أحسن، إذ يدل الناس نحو خالقهم ويبشرهم بفضله، مما يجلب له الأجر وأجر من علّمهم، كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن دَعا إلى هُدًى، كانَ له مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن أُجُورِهِمْ شيئًا).

مفهوم الحكمة والموعظة الحسنة

مفهوم الحكمة

تعرف الحكمة في اللغة بمعانٍ متعددة مثل القرآن والسنة والعدل والعلم والحلم، وقيل إنها تتعلق بالقدرة على التوصل إلى الحق من خلال العلم والعقل. والمعنى الشرعي لا يبتعد كثيرًا عن المعنى اللغوي، حيث يشمل العلم النافع والعمل الصالح كجزء أساسي من الحكمة. وبالنسبة للدعوة إلى الله، فإن الحكمة تُعرّف بأنها: “الإصابة في القول والعمل والاعتقاد، وتوظيف كل شيء في مكانه المناسب بدقة وإتقان”. يتضح من هذا التعريف أن الدعوة لا تنحصر في اتباع أسلوب واحد، بل تتطلب أن تلائم المواقف، حيث يستخدم الداعي الأسلوب الحكيم في التعليم والتربية في موضع معين، ويكون له القدرة على استخدام المجادلة الحسنة في موضع آخر، واستخدام القوة والشدة في أوقات الحاجة.

مفهوم الموعظة الحسنة

تعني الدعوة بالموعظة الحسنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحيث يرافقه أحيانًا الترغيب وأحيانًا الترهيب. ويمكن تطبيق ذلك بعدة أساليب، منها:

  • تذكير المدعو بما تحتويه الأوامر الشرعية من مصالح، وما تحتويه النواهي من مضار.
  • بيان تكريم الله -تعالى- للملتزمين بدينه وذنب من لم يقوموا به.
  • إيضاح ما أعدّه الله للطائعين من أجر في الدنيا والآخرة، وما أعدّه للعاصين من عقاب في الدنيا والآخرة.

أساليب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة

قال الله -عز وجل- في كتابه الكريم: (ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ). والحكمة كما سبق تعني المعرفة، والتحدث بالحق عند الوقت المناسب. ومن الأساليب الهامة للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة هي:

  • الكلام الحسن: لقوله تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)، يجب على الداعية اختيار أرقى العبارات عند مخاطبة الناس، لأنها تؤثر في نفوسهم بشكل أكبر.
  • اختيار الوقت المناسب: ينبغي على الداعية اختيار الأوقات التي تحتاج فيها الناس إلى الموعظة.
  • الالتزام بالسياسة الشرعية: فعلى الداعية مراعاة مصالح الأمة في دعوته.
  • تجنب الغلظة: يجب على الداعية تجنب الكلمات الجافة والعبارات الغليظة.
  • اتباع أسلوب النبي: يُفضل أن يتبع الداعية أساليب النبي -صلى الله عليه وسلم- لما لها من تأثير عميق.
  • السير على منهج الصحابة: ينبغي على الداعية الاقتداء بسيرة صحابة النبي في الطرق الدعوية.
  • تنوع أساليب الدعوة: يجب تطوير الأساليب لتصل إلى أكبر عدد من الناس في مجالات الحياة المختلفة.
  • التحدث بما يناسب العقول: يجب على الداعية استخدام مصطلحات تتناسب مع المستمعين.
  • اتباع التلطّف في الأسلوب: على الداعية أن يكون لطيفًا في الأسلوب، دون التنازل عن جوهر المعلومات الدينية.

ويجب أن يُلاحظ أن الدعوة إلى الله -تعالى- ليست مقتصرة على العلماء فقط، بل هي واجب على جميع المسلمين، خاصةً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإذا التزم كل داعية بهذه المبادئ، فإن ذلك سيكون سببًا في فتح قلوب الناس لتقبل الهداية، فالداعية الحكيم هو من يمتلك القدرة على التأثير من خلال بيانه وأخلاقه الرفيعة.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *