الأهمية الدينية للمسجد الأقصى في السياق الإسلامي

أقدم المساجد على وجه الأرض

يُعتبر المسجد الحرام أول مسجد بُني على وجه الأرض، كما جاء في قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ). أما المسجد الأقصى، فهو ثاني أقدم مسجد، حيث روى أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- قول النبي صلى الله عليه وسلم: (قُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أوَّلَ؟ قالَ: المَسْجِدُ الحَرَامُ. ثمَّ أيٌّ؟ قالَ: المَسْجِدُ الأقْصَى. قُلتُ: كَمْ كانَ بيْنَهُمَا؟ قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً. ثُمَّ أيْنَما أدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فإنَّ الفَضْلَ فِيهِ).

تحدثت الروايات عن أن أول من أسس المسجد الأقصى هو آدم -عليه السلام-، بينما يُعتقد أيضاً أنه كان سليمان -عليه السلام-، ويُقال إن الملائكة قد شيدت المسجد بعد الانتهاء من بناء المسجد الحرام بأربعين عاماً. وتبقى جميع هذه الروايات مقبولة ومحتملة الصواب، حيث من الممكن أن تكون الملائكة قد وضعت أساس المسجد، بينما قام كل من آدم وسليمان -عليهما السلام- بإكمال بناء المسجد على هذا الأساس.

أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي

يقع المسجد الأقصى في مدينة القدس ويمتاز بتسميته “الأقصى” بسبب المسافة التي تفصل بينه وبين المسجد الحرام في مكة. وقد شرف الله -تعالى- المسجد الأقصى بفضائل متعددة تتضح فيما يلي:

  • المسجد الأقصى هو أولى القبلتين، حيث كان المسلمون يتوجهون إليه لأداء الصلاة قبل أن تُغيَّر القبلة في السنة الثانية للهجرة لتصبح toward بيت الله الحرام في مكة.
  • يُعتبر المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي.
  • ذُكر المسجد الأقصى في القرآن الكريم بشكل صريح، كونه مسرى النبي -صلى الله عليه وسلم-، في قوله تعالى: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ).
  • قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بأداء الصلاة في المسجد الأقصى كإمام للأنبياء الآخرين أثناء رحلة الإسراء.

زيارة المسجد الأقصى وتضاعف أجر الصلاة فيه

يُعَدّ المسجد الأقصى من المساجد التي يُشد إليها الرحال، حيث يحرص المسلمون على السفر لزيارته. فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هذا، وَمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأقْصَى).

أُشير في حديث ضعيف عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في مسجده أفضل أم في المسجد الأقصى، فقال: (الصَّلاةُ في مسجِدي مِثلُ أربعِ صلواتٍ في مسجِدِ بيتِ المَقدِسِ). وهكذا، فإن أربع صلوات في المسجد الأقصى تعادل صلاة واحدة في المسجد النبوي. وقد قيل إن من يذهب إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه تُغفر له ذنوبه ويعود كما ولدته أمه.

بركة المسجد الأقصى وما حوله

قال الله -تعالى- عن المسجد الأقصى: (الَّذي بارَكنا حَولَهُ)، والبركة التي منحها الله للمسجد تعود لعدة أسباب نوضحها كالتالي:

  • أن الله قد أحلّ البركة داخل حرم المسجد الأقصى نتيجة لكثرة عبادات المسلمين فيه وزيارتهم له.
  • يشتهر بيت المقدس بأنه مهد للعديد من رسالات الأنبياء السابقين.
  • يُعتبر بيت المقدس مركزاً لنزول الوحي والملائكة.
  • سيكون بيت المقدس موطناً لحشر الخلائق يوم القيامة.
  • تمتاز طبيعة بيت المقدس بوجود طرق حياتية جيدة بفضل قربها من الأنهار ومصادر الثمار، مما يعزز جودة حياة سكانها.
  • بركة المسجد الأقصى تشمل البركة في الدنيا والآخرة.

وجود طائفة من الحق والوقف للمسلمين

تحدثت الأحاديث عن وجود طائفة تبقى على الحق والصواب دائماً، تبذل جهودها في الدفاع عن الإسلام وحماية المقدسات من الأعداء، ومن المحتمل أن تكون هذه الطائفة متمركزة في بيت المقدس ومحيطه، على سبيل المثال في دمشق.

بعد رحلة الإسراء، ومع قدوم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ونزوله في المسجد الأقصى وصلاة إماماً بالأنبياء السابقين، أخذ المسجد الأقصى مكانة عظيمة في قلوب المسلمين. وعندما فتح عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- المدينة، صلى في المسجد الأقصى مع عدد من الصحابة الكرام، مما زاد من أهمية المسجد وجعله وقفاً شاملاً للمسلمين.

يمتاز المسجد الأقصى بمكانته الكبيرة بين المسلمين، حيث يُعتبر ثاني مسجد وُضع على الأرض بعد المسجد الحرام، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، فضلاً كونه مسرى الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *