تُعَدُّ الخطابة لغة واصطلاحًا من فنون الأدب التي تميزت عبر العصور بخصائصها المتنوعة. من خلال موقعنا، سنستعرض تعريف الخطابة من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية، بالإضافة إلى تاريخها وأهميتها في مختلف العصور.
سنستعرض أيضًا مظاهر الخطابة في العهدين اليوناني والروماني، وأبرز سماتها في العصر الجاهلي والإسلامي، وأنواعها المختلفة.
تعريف الخطابة لغة
- في اللغة، تُعَدُّ الخطابة علمًا من علوم البلاغة والفصاحة، وتهدف فنون الخطابة إلى إقناع وإبهار الجمهور من خلال الكلام أو الكتابة.
- كما يمكن تعريف الخطابة بأنها كل ما يتضمن أسلوبًا بلاغيًا مصاغًا بطريقة تُجذب الانتباه وتحرك مشاعر المستمعين.
- وعند قول “خطب الناس”، تعني أن المتحدث ألقى خطابًا عليهم.
- أما كلمة “خطيب” فتدل على الشخص الذي يُحسن الحديث، حيث يُعتبر الخطيب بارعًا في إلقاء الخطب في المساجد أو أمام قومه.
- تشير مصطلحات مثل “الخطب” و”التخاطب” إلى مستويات الحديث وتبادل الكلام.
- كما يُستخدم أيضا مفهوم “الخطب” للدلالة على الأمور الجليلة والتي تتطلب التخاطب.
تعريف الخطابة اصطلاحًا
- تعددت التعريفات المتعلقة بالخطابة، ومن أبرزها تعريف أرسطو الذي عرفها بأنها فن الاقناع وإثارة الانتباه في مختلف القضايا.
- تُعتبر الخطابة نوعًا من المحادثات التي تتطلب تفاعل الجمهور معها وتأثيرها عليه.
- لذا، يمكن القول إن الخطابة تُعرَّف بأنها فن مخاطبة الجماهير بهدف التأثير عليهم واستمالتهم.
- تعتبر الخطابة فنًا يعتمد على التواصل الشفهي مع الجمهور لإقناعهم بالأفكار المطروحة.
- لذا، تتطلب الخطابة وجود جمهور متلقٍ،مع التركيز على استمالته وإقناعه، ويتعين على الخطيب توضيح أفكاره بشكل واضح مدعومة بالأدلة.
- تتطلب الخطابة أيضًا التحكم بعواطف الجمهور، سواء بتطويعها أو تهدئتها، حيث يُعد فن الخطابة ممارسة عملية تتطلب مهارات خاصة.
- لذلك، يُعَدُّ الخطيب الشخص القادر على التحكم في انفعالات مستمعيه وإيصال أفكاره بفعالية.
تاريخ الخطابة
- من خلال هذا الموضوع، يتضح أن الخطابة تُعتبر وسيلة تعبير استخدمها البشر منذ القدم.
- فقد كان للإنسان منذ بداياته قدرة فطرية على التعبير عن آرائه وإقناع الآخرين. وقد اعتمد الرسل والأنبياء على الخطابة كوسيلة رئيسية في دعواتهم لطاعة الله سبحانه وتعالى.
- ونلاحظ بوجود خطب النبيين في كتب التوراة، بالإضافة إلى وجود العديد من الخطب في الوثائق الآشورية والنقوش المصرية القديمة.
الخطابة في العهد اليوناني والروماني
- برز اهتمام اليونانيين بفن الخطابة، خاصة من قبل الفيلسوف أرسطو، الذي قام بتصنيف الخطابة إلى ثلاثة أنواع: القضائية، الاستدلالية، والاستشارية.
- شهدت الخطابة في العهدين اليوناني والروماني تطورًا ملحوظًا خلال الحوارات والنقاشات السياسية.
- في القرن العاشر قبل الميلاد، تم تسجيل الخطابة في قصائد هوميروس، على ألسنة الأبطال والآلهة.
- عادت الخطابة للامتداد في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد، خلال فترة بركليس، حيث انبثق العديد من الخطباء مثل ديموستين وإيسقراطيس.
- على الرغم من كون ديموستين سياسي ضعيف بالهيئة وصوته خافت، إلا أنه استطاع تطوير أسلوبه من خلال التدريب، ليصبح من أبرز الخطباء في عهده.
- ما زلنا نتابع معكم تفاصيل حول تعريف الخطابة لغة واصطلاحًا.
- بالإضافة إلى ذلك، تم توثيق الخطابة في اليونان أواخر القرن الخامس وأوائل القرن الرابع قبل الميلاد، حيث قام علماء مثل برتاغوراس وبروديكوس وغروجياس بتدوين هذه العلوم.
- وقد اهتم أرسطو بشكل خاص بدراسة هذا الفن.
- ظهرت الخطابة في روما بعد فترة قصيرة من تطورها في اليونان، حيث كان الرومان منشغلين بالحروب.
- ومن أبرز الخطباء المعروفين في ذلك العهد كاتون، الذي عُرف بنقده الحاد.
- كما ترك يوليوس قيصر بصمة على فن الخطابة، تلاه شيشرون كأحد أبرز المتحدثين باللغة اللاتينية.
- شهدت روما أيضًا بروز الخطباء من الكنيسة، خاصة بعد ظهور المسيح عليه السلام.
الخطابة في العصر الجاهلي
- براعت العرب القدماء في فن الخطابة خلال العصر الجاهلي، معلنين عن ذلك من خلال استخدام السجع.
- تميز العرب بالمفاخرة والدفاع عن أنفسهم بأسلوب فصيح، حيث كانت الخطابة جزءًا من طبيعتهم الفطرية.
- استُخدمت الخطابة في الحوار والمناقشات، بل وفي النزاعات والحروب كوسيلة للدفاع عن الكرامة والممتلكات.
- مع ذلك، كان الشعر يحتل مكانة أكبر في قلوب العرب الجاهليين، مما أدى إلى عدم توفر الكثير من تسجيلات خطبهم.
- عندما تفوقت الخطابة في قيمتها على الشعر، بدأت أخبارها تنتشر بين القبائل.
- فقد كانت كل قبيلة لها خطيبها، الذي يُعرف بمكانته العالية في المجتمع، وكان يتم استخدام الخطابة لتشجيع الإصلاح أو التجييش للحرب.
الخطابة في العصر الإسلامي
- جاء الإسلام مقدرًا الخطابة كوسيلة تعبير أساسية، حيث استُخدمت في دعوة الناس إلى الإسلام من قبل النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
- وساهم الإسلام في تهذيب الخطابة عن تلك الأساليب التي كانت تُمارس في الجاهلية، حيث أصبحت جزءًا من العبادة ومن الرجال في الدين.
- أصبحت خطبة الجمعة وخطب العيدين جزءًا من الطقوس الدينية الرئيسية، مما جعلها تتجاوز مكانة الشعر في المجتمعات.
- تجدر الإشارة إلى أن القرآن الكريم والحديث النبوي قد أعلوا من مكانة الخطابة، حيث باتت تدعو الناس للتمسك بالدين وعليهم الالتزام بالتعاليم.
- تُعلِّم الخطب أهمية العمل للآخرة، وتعزز قيمة الحق، وتصون المسلمين من الانحراف عن الطريق المستقيم.
- استمرت الخطابة في التقدم والازدهار في ظل الإسلام، حيث تميزت بأسلوبها القوي والمقنع، خصوصًا في خطب الخلفاء الراشدين وصحابة النبي.
- برزت أيضًا أسماء مثل الحجاج بن يوسف وزياد بن أبيه وأبي حمزة الشاري في هذا المجال.
أنواع الخطابة
من خلال مقالنا حول تعريف الخطابة لغة واصطلاحًا، يتضح أن هناك أنواعًا متعددة من الخطابة، ومنها:
- الخطب الدينية، والتي تشمل خطب الأعياد وخطب الجمعة، تُلقى عادةً من رجال الدين.
- الخطب القضائية، المرتبطة بالمرافعات والاتهامات، وغالبًا ما تُلقى من قبل المحامين.
- الخطب العسكرية تُلقى من قِبل قادة الجيوش ورؤساء الأنظمة العسكرية.
- الخطب الجدلية، التي تتضمن عناصر التفاخر والنقاش الحماسي.
- الخطب السياسية التي تُلقى من قِبل الزعماء السياسيين.
- والخطب العلمية، التي ترتكز على القضايا العلمية والمناظرات.