تحليل الهيكل السردي في رواية “طوق الياسمين”

الشخصيات في رواية طوق الياسمين

تتسم الأنماط الشخصية في رواية “طوق الياسمين” بتنوعٍ ثراءٍ يساهم في تعزيز الرؤية السردية التي سعى المؤلف إلى تجسيدها. وتنقسم الشخصيات في الرواية إلى فئتين: الشخصيات الرئيسية التي تكون بؤرة الأحداث ولها دور مركزي، والشخصيات الثانوية التي تتدخل بين الحين والآخر لتدعم أو تعارض الشخصيات المحورية، وذلك وفقًا لما يلي:

الشخصيات الرئيسية

تتمثل هذه الشخصيات في ما يلي:

واسيني

يعتبر واسيني بطل الرواية والشخصية المحورية التي تحرك كافة الأحداث. يلعب دور الراوي، حيث يقدم للقارئ تفاصيل الوقائع من خلال مجموعة من الرسائل التي يوجهها إلى مقصد معين. كان واسيني طالبًا جامعيًا يتمتع بشعبية، ومرتبطًا عاطفيًا بمريم، الفتاة الجزائرية الذكية والجذابة. ومع ذلك، تنتهى قصتهما بزواجها من خصمه الشرس جعفر.

مريم

مريم هي فتاة شابة وجميلة، تعشق الأزهار الملونة، وتعتبر صديقة الكاتب. حظيت بحب واسيني، حيث كانت تبعث له برسائل مليئة بالشوق وتعبر عن أملها في الزواج به أو بشخص يشبهه. تلتحق مريم بالجامعة بعد نجاحها في الثانوية، لكنها تواجه مقاومة من والدها المتشدد الذي يعارض فكرة تعليم الفتيات.

سليفيا

سليفيا هي الفتاة السورية التي التحقت بجامعة دمشق، وقد أعجبت بعيد التبسي، محاولًة بشكل مستميت للزواج منه. ومع ذلك، تقيدهم العادات والتقاليد بسبب اختلاف ديانتهما. تزوجت سليفيا لاحقًا من ابن عمها، ولكنها بقيت وفية لعيد. وبعد عقدين من الزمن، التقَت بواسيني وكان قد أعطاها مذكرات حبيبها الأول، عيد، التي اعتبرتها شيئًا مقدسًا.

عيد عشاب

عيد هو شخصية مفتونة بالفكر الصوفي وابن عربي، ويعتبر من الشخصيات الرئيسية في الرواية. كان صديقًا لواسيني، وقدم من الجزائر لدراسة في دمشق. وقع في حب سليفيا، ولكن تعارض الديانتين حال دون زواجه منها على الرغم من مشاعره القوية.

الشخصيات الثانوية

تتضمن الشخصيات الثانوية ما يلي:

والد مريم

يُعد والد مريم شخصية متشددة وقاسية. فقد رزقه الله بسبع بنات، لكنه كان يعتبر ذلك عبئًا. كان يحكم منزله بطريقة صارمة، ولا يتردد في اتهام بناته بالعيوب. ومع ذلك، كانت مريم الوحيدة التي خالفت أوامره والتحقت بالجامعة رغم عدم تقبل والده لفكرة تعليم الفتيات.

والدة مريم

تجسد والدة مريم نموذج الأم الحنونة والمحبة. تحملت أعباء الحصارة المفروضة عليها وعلى بناتها، وتوفيت من الحزن بسبب رغبة زوجها في الزواج من امرأة أصغر. كانت تسعى جادًة للحصول على إذن زوجها لتعليم بناتها، لكنها قوبلت بالرفض.

أم عمر

هي امرأة غنية تملك العديد من العقارات، ولكنها تعاني من مشاكل نفسية. لا تحب أحدًا وتستمتع بجلب الشقاء للآخرين.

جعفر

جعفر يمثل شخصية غنية. أحب مريم وتزوجها، رغم حبها الكبير لواسيني، ولكنها قبلت به بعد أن تخلّى عنها محبوبها.

سهام

توفيت سهام بسبب مرض عضال، وكانت تحب بعيد التبسي، ولكن مشاعرها لم تتبادله حيث كان متعلقًا بسليفيا.

ماسة

ماسة هي الفتاة الفدائية التي أحبّت فودة الفلسطيني، ولكن لم يُكتب لحبها النجاح إذ توفيت مبكرًا.

نبيلة

نبيلة تأتي من الجنوب وتؤمل في حياة قريبة من البحر.

فطومة

فطومة تكنّ كراهية للمسيحيات، وحاولت إبعاد عيد التبسي عن سليفيا وتقريبه من سهام.

بنية المكان في رواية طوق الياسمين

تدور أحداث رواية “طوق الياسمين” في مدينة دمشق وتتركز حول البيئة الشامية. خلال الستينات، يصف البطل وأجواء الفقر والجوع المحيطة بالمجتمع العربي. وقد قدم الكاتب مجموعة متنوعة من الأمكنة في روايته التي يتمثل حضورها كما يلي:

الأماكن المغلقة

تشمل الأماكن المغلقة الآتي:

  1. المقبرة

تعتبر المقبرة مكانًا مغلقًا تمامًا يُمثل المحطة الأخيرة لكل إنسان. كانت سليفيا تأتي لتزور أحبتها، حيث تعبر عن مشاعرها المتناقضة، كحب وعتاب، خاصةً لأختها خيرة التي رحلت عن الحياة.

  1. البيت

في هذا المكان كان يتعانق عيد وسليفيا، وهو ليس مجرد ملاذ للراحة بل هو مصدر للألم والذكريات المؤلمة بالنسبة لمريم. كل من يعيش فيه يتجنب التواصل، مما يزيد من عزلته.

الأماكن المفتوحة

تُستخدم الأماكن المفتوحة كوسيلة للتعبير عن المشاعر، حيث تسمح للشخصيات بالتنقل عبر مدنها وشوارعها. من بين الأماكن التي قام الكاتب بتسليط الضوء عليها:

  1. المدينة

تشكل المدينة عنصراً رئيسياً في الرواية، كمدينة تبسة التي ينتمي إليها عيد. تمثل المدينة مساحة للراحة والتفاعل الاجتماعي، مما يساهم في تطوير الأحداث.

الشارع

يعتبر الشارع مكانًا مفتوحًا يجمع الناس من مختلف الأعمار، ولكنه يتغير في الرواية إلى مكان يمتلئ بالخوف بسبب المداهمات والرصاص، مما يجعله مكانًا للقلق بدلاً من الحرية.

حي سوق ساروجا الشعبي

يمثل الحي مكانًا ضيقًا انتقل إليه واسيني بعد مغادرته من فيلا الإطفائية. كان عيد وسليفيا هما الوحيدان اللذان يعرفان مكانه، وقد أخبرت مريم عنه لاحقًا وكانت تزوره كلما اشتاقت له.

كما جاء في الرواية: “كل الناس يعرفونني ويسألوني عن صحتي، بينما في تلمسان شعرت بأن البنايات العالية تغطي الآخر وتخفي الوجوه”.

بنية الزمن في رواية طوق الياسمين

تتنوع أنماط الزمن في الرواية، حيث يظهر الزمن الداخلي النفسي والزمن الطبيعي الخارجي. الزمن الطبيعي يظهر بشكلٍ محدود، بينما يسيطر الزمن الداخلي على الأحداث ويؤثر بشكل كبير عليها. يستعرض الكاتب تداخل الزمن مع الأحداث في عدة مواقف، مما يعكس إبداعه في رسم الرؤية السردية.

من الاقتباسات الدالة على ذلك: “هذه السنة لم تكن مثل السنة التي مضت، فقد مرت سريعًا وكانت مليئة بالمفاجآت الكبيرة، سنة واحدة معك كانت كافية لتدمير كل يقيناتي”.

الزمن النفسي يتمظهر بشكل بارز في الرواية، حيث يكشف عن الحالات النفسية التي تسيطر على الشخصيات، مما يُعكس عمق معاناتهم وحظات سعادتهم. يتم استخدامه لتعزيز الصراع والانتظار الذي يشعر به الأبطال.

تقنيات السرد

تتعدد تقنيات السرد في الرواية وتتنوع بين السرعة والإبطاء، مع استخدام تقنيات مثل التلخيص والمشاهد والحذف، مما يجسد البنية السردية المتكاملة. ومن بين هذه التقنيات، فإن تقنية التلخيص هي الأكثر وضوحًا، حيث يتم تسريع مرور السنوات دون توضيح للأحداث التفصيلية، مما يساهم في ترسيخ الفهم بالعالم الشخصيات.

كذلك تجعل مريم تشيد بأن “السنة الأولى انقضت بسرعة، والأخرى لم أتمكن من تذكرها، وحدها السنة الثالثة بقيت في الذاكرة”.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *