تتواجد في الكون العديد من العمليات الكونية والظواهر الطبيعية، ومن بين أبرز هذه الظواهر ظاهرة المد والجزر.
يمكن تعريف المد والجزر بأنه تغير منسوب مياه البحر بين الارتفاع والانخفاض، وهو ناجم عن قوى الجاذبية التي يمارسها كل من الشمس والقمر، بالإضافة إلى حركة كوكب الأرض.
تعريف المد والجزر
يمكن تلخيص المسألة كما يلي:
- ظاهرة طبيعية تحدث على مرحلتين في مياه البحار والمحيطات: مرحلة المد، حيث يرتفع منسوب المياه تدريجياً، ومرحلة الجزر، حيث ينخفض المنسوب بشكل تدريجي. هذه الظاهرة ناتجة عن تأثيرات قوى الجاذبية من الشمس والقمر ودوران كوكب الأرض، مما يولد قوة طاردة مركزية عند خط الاستواء.
- تحدث بعض الشواطئ ذروتين للمد وحضيضين للجزر يومياً، وهو ما يعرف بالمد النصفي، بينما تتعرض مواقع أخرى لذروة واحدة للجزر وذروة واحدة للمد، وهذا يعرف بالمد اليومي.
- توجد مواقع أخرى يتعرض فيها المكان لجزرين ومدين متفاوتين يومياً، وهو ما يسمى بالمد المختلط، وفي بعض الأحيان تتأثر المد والجزر بمحاذاة الشمس والقمر.
العوامل المؤثرة في ظاهرة المد والجزر
تشمل العوامل المؤثرة في المد والجزر ما يلي:
- تؤثر قوى الجاذبية للشمس والقمر على كوكب الأرض وعلى المياه في المحيطات والبحار.
- يؤدي جاذبية الشمس إلى ما يُعرف بالمد الشمسي.
- بينما تؤدي جاذبية القمر إلى ما يعرف بالمد القمري.
- تتسبب هذه الجاذبيات في حركة دورية للمياه باتجاه الشواطئ، مما يعطي المد والجزر خصائصها المميزة.
آلية حدوث ظاهرة المد والجزر
تحدث ظاهرة المد والجزر كما يلي:
- تكتسب حركة المد والجزر تأثيرها من جاذبية القمر والشمس على مياه المحيطات والبحار.
- على الرغم من حجم القمر الصغير، فإن قربه من الأرض يجعل جاذبيته أكثر تأثيرًا.
- تعتبر جاذبية القمر العنصر الأبرز الذي يؤدي لحدوث هذه الظاهرة.
- تحدث حركة المد والجزر بشكل دوري كل 12 ساعة، حيث تمر الأرض أمام القمر، فتحدث المد في المواقع المواجهة له، ثم يحدث الجزر عندما تبتعد هذه الأماكن عن القمر.
- يختلف ارتفاع المد باختلاف موقع القمر في مداره بالنسبة للشمس والأرض.
- عند اكتمال القمر، يصل المد إلى أقصى نقطة له بسبب التوافق بين الشمس والقمر، حيث تُعرف هذه الظاهرة بالسِّزجي.
- تصل تأثيرات جاذبية القمر لأقصاها خلال ظاهرة الكسوف، عندما يكون القمر في وضعية بين الأرض والشمس، مما يزيد من التأثير.
- يحدث المد الخائر في الأسبوعين الأول والثالث من الأشهر القمرية، حيث يكون المد أضعف من المعتاد بسبب وقوع الشمس والقمر عند زوايا قائمة بالنسبة للأرض، مما يقلل تأثير الجاذبية.
نسب حدوث ظاهرة المد والجزر
تحدث ظاهرة المد والجزر في جميع أنحاء العالم، ولكن بنسب متباينة، على سبيل المثال:
- تختلف نسبة ارتفاع المد وانخفاض الجزر من القطب الجنوبي إلى القطب الشمالي مروراً بخط الاستواء.
- في بعض المناطق، قد تصل نسب ارتفاع المد إلى أكثر من 200 سم، بينما لا تتعدى في مناطق أخرى 30 سم.
- تحدث هذه الظاهرة أربع مرات يومياً كل 6 ساعات، مثل شط العرب ومحافظة البصرة والسواحل المحيطة بالخليج العربي في مدينة الفاو وخور الزبير.
- تصل نسب المد في مدينة البصرة إلى أكثر من 80 سم، بينما تنخفض تدريجياً كلما انتقلنا شمالاً حتى تختفي تماماً في مدينة القرنة.
أهمية ظاهرة المد والجزر
تعتبر حركات المد والجزر ذات أهمية كبيرة للأسباب التالية:
- تساعد ظاهرة المد والجزر في تنقية المحيطات والبحار من الشوائب.
- تساهم أيضًا في تنقية مصبات الأنهار والموانئ من الرواسب المتراكمة.
- يستفيد الإنسان من حركة المد والجزر في تحديد مواعيد دخول السفن إلى الموانئ، خاصة تلك الواقعة على المياه الضحلة.
من أبرز عيوب حركة المد أنها قد تشكل خطرًا كبيرًا على الملاحة عندما تكون في أقصى درجاتها، خصوصاً في المضايق.
تاريخ ظاهرة المد والجزر
منذ العصور القديمة، سعى الإنسان للاستفادة من قوة المد والجزر، كما يلي:
- اعتمد الإنسان على قوى المد والجزر في تشغيل الطواحين لطحن الغلال.
- توجد آثار هذه الطواحين حتى اليوم على شواطئ “بريتاني” في شمال فرنسا منذ القرن الثاني عشر الميلادي.
- تعمل هذه الطواحين على احتجاز مياه المد في خزانات خلال ارتفاعها، وعندما تُغلق أبواب الخزان يتم استخدام المياه المنسابة لتشغيل الطاحونة عند حدوث الجزر.
- سعت فرنسا حديثًا لتطوير السدود بهدف إنتاج الطاقة الكهربائية من المياه المخزنة في مقاطعة “بريتاني”.
أول من اكتشف ظاهرة المد والجزر
تعتبر نظرية المد والجزر إحدى التطبيقات الميكانيكية التفسيرية للتشوهات الكوكبية الناجمة عن قوة المد والجزر، وتشوهات الغلاف الجوي والمحيطات، ومن أول من تناول هذه الظاهرة:
- غاليليو غاليلي، الذي كتب حول هذا الموضوع عام 1616 في مقال بعنوان “مناقشة في المد والجزر”.
- سعى غاليليو إلى تفسير هذه الظاهرة كنتيجة لدوران الأرض حول الشمس، ولكنه اكتشف لاحقًا أن نظريته كانت غير صحيحة.