الواجب الشرعي يُعرف بأنه ما يتطلبه الدليل الواضح، وهو رأي بعض علماء الفقه، وقد تم تعريفه بصيغ متعددة. وينقسم الواجب الشرعي إلى عدة أنواع تشمل: المقدّر وغير المقدّر، ومدى ارتباطه بوقت معين، وما إذا كان المطلوب فيه محدداً أو غير محدد، كما يؤخذ في الاعتبار ما إذا كان الشخص الذي يؤديه عاقلاً أم غير عاقل.
تعريف الواجب الشرعي
تم صياغة تعريف الواجب الشرعي بعدة طرق، وسنقدم لك توضيحاً شاملاً لمفهوم الواجب الشرعي:
تعريفه في رأي الفقهاء
- الواجب هو ما أمر الشارع به، ويتقارب في حكمه مع الفرض، حيث يُثاب من يقوم به ويعاقب من يتركه.
- وفقاً لرأي الفقهاء، يُعرف الواجب بأنه ما طلبه الشارع، ويستند إليه اعتقاد ظني، فإذا كان مدعومًا بدليل نصي من القرآن أو السنة، يُعتبر فرضاً.
- أما بالنسبة لعلماء الأصول، فإن الواجب هو ما يستدعي عقوبة قاطعة لمن يتهاون فيه.
تعريف الواجب الشرعي في المذهب الحنفي
وصف علماء المذهب الحنفي الواجب بأنه الشيء الذي يتطلب إثباتاً جازماً بدليل ظني، سواء كان من حيث الثبوت أو الأدلة، أو كليهما. ويُعاقب من يتجاهله عمداً.
الأثر الناتج عن الاختلاف في تعريف الواجب
- يُعتبر عند الفقهاء أن الواجب يشمل أي أمر ثبت بدليل شرعي، سواء كان الدليل قطعيًا أو ظنيًا. بينما يقتصر الحنفية على الأدلة الظنية فقط.
- تشمل الأدلة القاطعة ما يفيد بالتواتر، كما الحال في الأوامر القرآنية مثل قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)، والذي يُصنف فرضًا عند الحنفية.
- الواجب كما يُعرّف عندهم هو ما ثبت بدليل ظني، على سبيل المثال، صلاة الوتر التي وردت في أحاديث آحاد.
- من المهم الإشارة إلى أنه يتوجب العمل بالدليل الظني عند كلا المدرستين، وبالتالي، لا يؤثر هذا الاختلاف في تعريف الواجب على المسائل الفقهية.
- تختلف المدارس أيضاً في مسائل الاعتقاد؛ فمن ينكر ما هو ثابت ومتواتر يُعتبر كافراً، بينما من ينكر ما هو ظني كما في أحاديث الآحاد، فلا يعد كافراً وفقًا للجمهور ولكنه يُعتبر فاسقًا.
أقسام الواجب الشرعي
تُقسم أقسام الواجب الشرعي إلى عدة فروع يمكن تلخيصها كما يلي:
القسم الأول: بناءً على ماهيته
- الواجب العيني: هو ما يلزم كل مسلم تنفيذه، مثل أداء الصلاة والزكاة والصوم.
- الواجب الكفائي: هو ما إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، مثل صلاة الجنازة والجهاد.
القسم الثاني: بناءً على وقت تنفيذه
- الواجب المطلق: لا يرتبط بوقت محدد، ويمكن أداؤه في أي لحظة، مثل قضاء الصلوات الفائتة.
- الواجب المؤقت: هو المطلوب أداؤه في وقت محدد، كصلاة الظهر التي يجب إقامتها في وقت الظهر.
القسم الثالث: بناءً على منفذ الواجب
- واجب الأعيان: وهو ما يتعين على كل شخص القيام به، مثل الحج على المستطيع.
- واجب الأفراد: هو الواجب الذي يمكن لأحد أفراد الجماعة أداؤه نيابةً عن الآخرين، ويكون فعل أحدهم كافياً لسقوط الواجب عن الجميع، مثل الأذان للصلاة.
هناك بعض الأمثلة العقلية والنقلية التي تُظهر تعريف الواجب الشرعي، ومنها:
- أولاً: الدليل النقلي: قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، حيث يتضمن وجوب إقامة الصلاة والزكاة.
- ثانياً: الدليل العقلي هو فرض الله عز وجل على المؤمنين أركاناً وضوابط أساسية كالأركان الخمسة التي تعد مدخلاً للدخول في الإسلام والتي يجب الإيمان بها.
- على سبيل المثال، الطهارة ضرورية لدخول الصلاة، وهي من الواجبات التي ينبغي فعلها، كما يُعاقب الشخص في حال عدم تنفيذها.
حكم الواجب الشرعي
للواجب الشرعي أحكام عدة يمكن معرفتها من خلال النقاط التالية:
- يجب على كل مسلم ومسلمة السعي لأداء العبادات التي تندرج تحت الواجب وتنفيذها وفقاً لما أمر به الله تعالى.
- يتوجب عليهم أيضاً الإيمان بهذه الواجبات والسير على نهجها، حيث يُعتبر إنكارها عملاً كفري، وهذا هو رأي غالبية الفقهاء.
- يشابه حكم الواجب حكم الفرض، مما يزيد من أهمية إدراك الواجبات وتنفيذها.
- لا يُقبل الجهل بالواجب، وفي حال تهاون المكلف في أدائها عن عمد، يُعتبر من الضالين الفاسقين، وذلك وفقاً لما ورد في أحاديث الآحاد.
- يُحذر تمامًا من تجاهل الواجبات في العبادات، وفي حال تم التجاهل عمدًا تصبح العبادة باطلة، بينما عدم القصد لا يؤثر سلبًا.
- يجب على كل مسلم ومسلمة الامتثال للأوامر الإلهية وعدم الإستخفاف بها أو التهاون في أدائها.
الفرق بين الواجب والفرض
استنبط الفقهاء الفروق بين الواجب والفرض من خلال عدة نقاط، وهي:
- الواجب هو ما لا يوجد عليه دليل نصي صريح، مثل أركان الإسلام الأساسية.
- الفرض هو ما يتطلب دليلاً نصياً واضحاً، كما ورد في قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ).
- وأوضح بعض الفقهاء أن الفرق بين الواجب والفرض يكمن في أن الواجب مدعوم بأدلة ضعيفة بينما الفرض يدعمه أدلة قوية.
- تعتبر بعض الآراء أن الواجب والفرض يشتركان في التصنيف، فيمكن أن نطلق عليهما معاً كالصلاة التي تُعتبر فرضًا وواجبة، وكذلك الحج.
فضل العمل بالواجب الشرعي وتأثيره
للواجب الشرعي تأثير إيجابي في حياة الإنسان، ويظهر أثره في العديد من الأعمال، ونستعرض ذلك في النقاط التالية:
- يجلب البركة في الرزق وسعة في المال.
- يسهل الأمور ويفتح طرقًا كانت مغلقة، حيث أن الملتزم بالواجب الشرعي يلتزم بالأوامر الربانية، فينعم الله عليه بالمكافآت.
- ينال العبد رحمة الله، ومما يُظهر ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أُولَـئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ).
- يحقق شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، والدليل على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، حيث قال: “قلتُ يا رسولَ اللَّهِ، من أسعدُ النَّاسِ بشفاعتِك يومَ القيامةِ فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ: لقد ظننتُ يا أبا هريرةَ أن لا يسألُني عن هذا الحديثِ أحدٌ أولى منكَ لما رأيتُ من حرصِك على الحديثِ، أسعدُ النَّاسِ بشفاعتي يومَ القيامةِ من قال لا إلهَ إلَّا اللَّهُ خالصًا من نفسِهِ”.