مكان وجود ثقب الأوزون
تمثل طبقة الأوزون غلافًا طبيعيًا من الغاز متواجد في الطبقة العليا من الغلاف الجوي، وبالأخص في طبقة الستراتوسفير. تحتوي هذه الطبقة على نحو 90% من إجمالي الأوزون الموجود على كوكب الأرض، وتلعب دورًا حاسمًا في حماية البشر والكائنات الحية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة الناتجة عن الشمس. على الرغم من أن نسبة جزيئات الأوزون في هذه الطبقة ضئيلة مقارنة بالجزيئات الأخرى، إذ تشكّل واحدًا إلى عشرة من كل مليون جزيء، بينما يتكون معظم الغاز من النيتروجين والأكسجين، إلا أن الأوزون يمتلك القدرة على حجب غالبية الأشعة الضارة القادمة من الشمس.
يمكن أن تتفاوت تركيزات الأوزون في الغلاف الجوي بشكل طبيعي اعتمادًا على عدة عوامل مثل درجة الحرارة، الظروف المناخية، خطوط الطول، ودوائر العرض. كما يمكن أن تؤثر بعض المواد الناتجة عن الظواهر الطبيعية، مثل الانفجارات البركانية، على مستويات الأوزون. ومع ذلك، لا يمكن تفسير استنفاذ الأوزون الذي اكتشفه العلماء منذ السبعينيات من القرن الماضي، والمسمى بثقب الأوزون (بالإنجليزية: Ozone Hole) من خلال هذه العوامل الطبيعية.
تشير الأدلة العلمية إلى أن استنزاف الأوزون يعود إلى بعض المواد الكيميائية التي أنشأها الإنسان، وخاصة مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs). تم إدخال هذه المركبات في السبعينات ضمن مجموعة متنوعة من التطبيقات الصناعية والمنتجات الاستهلاكية، مثل الثلاجات، وأجهزة تكييف الهواء ومطافئ الحريق. وقد أظهرت الدراسات أن أكبر استنزاف للأوزون يحدث فوق القارة القطبية الجنوبية، حيث يحدث ذلك بشكل رئيسي بين شهري أغسطس ونوفمبر، ويصل إلى ذروته في أوائل شهر أكتوبر، مما يؤدي إلى تدمير كامل للأوزون في مناطق واسعة.
وحدة قياس كمية الأوزون
تستخدم وحدة دوبسون (DU) كمقياس لإجمالي كمية الأوزون الموجودة في عمود الهواء الممتد من سطح الأرض إلى الفضاء. يعادل سمك هذا العمود حوالي 0.3 سم عند درجة حرارة 0 درجة مئوية وضغط 1013.25 مليبار، مما يعني أن كمية الأوزون تعادل 300 وحدة دوبسون، أي ما يعادل 0.3 جو-سم، حيث أن 1 وحدة دوبسون تعادل 0.001 جو-سم.
تحدد مساحة ثقب الأوزون أو المناطق التي تعرضت لاستنزاف الأوزون فوق القطب الجنوبي من خلال معرفة المنطقة ذات القيمة الثابتة لكمية الأوزون التي تساوي 220 وحدة دوبسون. تم اختيار هذه القيمة نظرًا لأن إجمالي قيم الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية لم تنخفض عن هذا الرقم منذ عام 1979. ومع ذلك، تشير بعض القياسات المباشرة فوق القارة إلى مستويات أدنى لعمود الأوزون من 220 وحدة دوبسون بسبب استنفاذ الأوزون الناتج عن مركبات الكلور والبروم.
آلية قياس كمية الأوزون
يقوم العلماء بقياس الأوزون في الغلاف الجوي باستخدام عدة تقنيات لفهم العمليات التي تؤثر على تركيزه، ومراقبة أي تغييرات تحدث في طبقة الأوزون. وتوجد فئتان رئيسيتان للتقنيات المستخدمة في قياس كمية الأوزون، وهما:
تقنيات القياس المحلية
تتطلب تقنيات القياس المحلية أخذ عينة من الهواء من الطبقات العليا في الغلاف الجوي مباشرة إلى الجهاز. وبمجرد دخول العينة، يتم قياس كمية الأوزون باستخدام واحدة من الخصائص الفريدة للأوزون، والمتمثلة في امتصاص الأشعة فوق البنفسجية، أو من خلال التيار الكهربائي الناتج عن تفاعل كيميائي معين لجزيئاته. من بين أدوات القياس المحلية الشهيرة تُعرف بمسابير الأوزون (بالإنجليزية: Ozonesondes)، وهي أجهزة خفيفة الوزن تُحمَل بواسطة بالونات صغيرة ترتفع إلى ارتفاعات كافية في الغلاف الجوي لقياس الأوزون في طبقة الستراتوسفير. كما يمكن أيضًا استخدام بعض الطائرات التجارية والأبحاث لقياس كمية الأوزون في التروبوسفير والطبقات السفلى من الستراتوسفير، حيث تسهل هذه الطائرات الوصول إلى أعماق طبقة الأوزون في مختلف أنحاء العالم، حتى عند خطوط العرض العليا في المناطق القطبية.
تقنيات القياس عن بُعد
تستند معظم أدوات قياس الأوزون عن بُعد إلى خاصية امتصاص الأوزون للأشعة فوق البنفسجية. تقوم هذه الأدوات بقياس كمية الأوزون على مسافات بعيدة من الجهاز مستخدمةً أشعة الشمس أو الليزر كمصادر للأشعة فوق البنفسجية، مثل الأقمار الصناعية التي ترصد كمية الأوزون يوميًا حول الأرض من خلال قياس ما يتم امتصاصه من الأشعة فوق البنفسجية في الغلاف الجوي أو الأشعة المنبعثة من سطح الأرض. بالإضافة إلى ذلك، هناك شبكة من الأجهزة الأرضية تُسهم في قياس كمية الأوزون من خلال الأشعة فوق البنفسجية التي تصل من الشمس إلى الأرض. وهناك أيضًا أدوات أخرى تقيس كمية الأوزون عن بُعد باستخدام الأشعة تحت الحمراء أو الإشعاع المرئي، مثل أجهزة الليزر الموضوعة في مواقع متعددة على الأرض أو المحملة على الطائرات لقياس كمية الأوزون على مسافات عدة كيلومترات على طول مسار ضوء الليزر.