الإسلام ودوره في حماية البيئة

أهمية البيئة في الإسلام

تولي الشريعة الإسلامية اهتماماً بارزاً بالبيئة، وتحث على الحفاظ عليها، كما تنهي عن كل ما من شأنه أن يتسبب في أضرار لها أو يخل بتوازنها. وقد وردت الكثير من النصوص الشرعية التي تؤكد ذلك. تشمل البيئة كل ما يحيط بالإنسان من مكونات طبيعية مثل الهواء، الماء، الأرض، والنباتات. ويعتبر الإنسان واحداً من الأسباب الرئيسية في التدهور البيئي؛ حيث قال الله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). وفيما يلي نستعرض أهم جوانب اهتمام الإسلام بالبيئة.

الحرص على البيئة في الإسلام

النهي عن الإسراف والتبذير

يقول الله -سبحانه وتعالى- في سورة الفرقان: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا)، كما ورد في سورة الأعراف: (وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ). تشير الآيات الكريمة إلى أن الإسراف في مختلف جوانب الحياة يؤدي إلى تدهور البيئة واستنزاف مواردها. ومن مظاهر الإسراف الصيد الجائر والإفراط في استهلاك المياه، مما يشكل تهديداً خطيراً على البيئة. لذا، ينبغي على المسلم أن يتحلى بالاعتدال في كل شيء من أجل الحفاظ على البيئة ومكوناتها.

النهي عن تلوث البيئة

حث الإسلام على النظافة وأمر المسلمين بالحفاظ على نظافة أنفسهم ومحيطهم. وقد ورد ذلك في نصوص عديدة، منها ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم: (إذْ أبَيْتُمْ إلَّا المَجْلِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ. قالوا: وما حَقُّ الطَّرِيقِ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وكَفُّ الأذَى، ورَدُّ السَّلامِ، والأمْرُ بالمَعروفِ، والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ). حيث يتوجب إزالة كل ما يسبب الأذى للناس، مثل النفايات التي تترك في الطرقات. كما يعتبر كف الأذى عن الطريق من شعب الإيمان.

اليوم، لم يعد التلوث مقتصراً على النفايات الملقاة في الشوارع فحسب، بل تقوم الدول بالتخلص من النفايات النووية والكيميائية بوسائل تؤدي إلى تدمير المحاصيل والحياة البيئية. وكل هذه الأفعال مرفوضة في الإسلام لما تسببه من أذى للبيئة وللكائنات الحيّة.

الحث على تنمية البيئة

لم يقتصر تعليم الإسلام على ضرورة الحفاظ على البيئة فقط، بل دعا أيضاً إلى تعزيزها وتنميتها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ منه طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كانَ له به صَدَقَةٌ). وأوصى النبي أيضاً بأنه: (إنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفي يدِ أحدِكم فَسِيلةٌ، فإن استَطاعَ أن لا تَقُومَ حتّى يَغرِسَها فليغرسهَا). حتى في فترة الحروب، كان النبي ينهى عن قطع الأشجار أو قتل الحيوانات إلا للضرورة.

تظهر الأحاديث السابقة بوضوح كيف يُشجع الإسلام على تنمية البيئة من خلال الزراعة والمحافظة على الحيوانات، وذلك لدوره في دعم التوازن البيئي. فالإكثار من الزراعة يحافظ على الحياة ويؤدي إلى نقاء الهواء، بينما قطع الأشجار وقتل الحيوانات يُعد من الأفعال الضارة التي تعكر صفو البيئة وتؤثر سلباً على الطبيعة.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *