الخوف التوقعي في علم النفس
يعتبر الخوف من المستقبل، والذي يُعرف أيضًا بالخوف التوقعي، من المشاعر الشائعة التي يُعاني منها الكثير من الأفراد. ورغم أنه قد يكون طبيعيًا إلى حد ما، إلا أنه يمكن أن يصبح مرهقًا للغاية إذا لم يتم التحكم فيه بشكل جيد. لذا، من الضروري أن يسعى الفرد إلى التغلب على هذا النوع من الخوف، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالقلق بشأن نتائج أحداث مستقبلية لم يتم تجربتها سابقًا، مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى التردد في اتخاذ القرارات الكبيرة والصغيرة. هذا بجانب زيادة احتمالية انغماس الشخص في المقارنات المستمرة. إذ يمكن أن يؤدي عدم القدرة على تحمل عدم اليقين إلى ما يُعرف بالخوف الاستباقي، حيث ينشغل الفرد بالتفكير في النتائج المحتملة لقراراته.
أسباب الخوف من المستقبل في علم النفس
تتعدد الأسباب التي تدفع الأشخاص إلى الإحساس بالخوف من المستقبل، ومن أبرزها ما يلي:
التجارب المؤلمة السابقة
تُعتبر التجارب المؤلمة السابقة من أهم العوامل التي تسهم في شعور الأشخاص بالخوف التوقعي. حيث يمكن أن تؤدي هذه التجارب السلبية إلى شعور الشخص بالقلق من إمكانية تكرارها. ومع ذلك، يتوجب على الأفراد عدم الخوف من هذه التجارب، بل التعلم منها وتجنب تكرارها مستقبلًا، حيث إن المحن الصعبة قد تُسهم في تعزيز شخصية الأفراد وقدراتهم.
الإستجابة الوقائية
تُظهر التجارب السلبية والأفكار المقلقة نتيجةً للتجارب السابقة في الكثير من الأحيان رغبة الشخص في حماية نفسه من تراكم الأحداث السلبية. وقد أشارت إحدى الدراسات التي أجريت على طلاب يتمتعون بتجربة دراسية في الخارج إلى أن مستويات معتدلة من الخوف التوقعي ارتبطت بسلوكيات تكيفية أعلى. ومع ذلك، فإن ارتفاع هذا الخوف قد يؤدي إلى ردود فعل وقائية مفرطة مثل صعوبة التفكير بوضوح، أو الخوف من مغادرة المنزل، أو حتى القلق من العلاقات الاجتماعية، وفي مثل هذه الحالات، يُنصح بطلب الدعم من معالج نفسي متخصص.
الانشغال الوقائي
يُعتبر الانشغال الزائد بالمخاطر المحتملة نتيجة لتجارب سابقة من أهم العوامل التي تُشعر بعض الأفراد بالخوف التوقعي. غالبًا ما يُفضي هذا الانشغال إلى مشكلات مثل فقدان الشهية العصبي أو اضطرابات الأكل الأخرى. وقد لاحظ علماء النفس أن بعض الأفراد يصبحون مفرطي الحساسية للانتكاسات، أو يواجهون صعوبات متزايدة مع مشكلات الوزن.
طرق محاربة الخوف من المستقبل
توجد عدة استراتيجيات يمكن أن تساعد الأفراد في التعامل مع مخاوفهم بشأن المستقبل. وفيما يلي بعض من أبرزها:
- التدرب على اليقظة: أظهرت الدراسات أن ممارسة اليقظة الذهنية يمكن أن تُحسن من تنظيم المشاعر، مما يُساعد بشكل كبير في تقليل مستويات التوتر. كما تبين أن اليقظة تعزز الوعي باللحظة الحالية، وهو أمر ضروري بشكل خاص للأشخاص الذين يشعرون بالقلق من أحداث مستقبلية. وقد وُجد أن اليقظة الذهنية تستطيع تغيير بعض الأجزاء الدماغية لزيادة الوعي الذاتي على المدى البعيد.
- تكرار العبارات المُطمئنة: قد تكون العبارات التطمينية أدوات فعالة لتخفيف استجابة الخوف. من خلال ترديد عبارات مثل “أنا بأمان” أو “كل شيء سيكون على ما يرام”، يمكن أن يتحقق تأثير إيجابي على الصحة النفسية، وقد أثبتت هذه الطريقة فعاليتها في تخفيف القلق المتعلق بالمستقبل.
- ممارسة الرياضة: تعد الأنشطة البدنية، وخاصةً أنواع التمارين الجديدة مثل اليوغا، وسيلة فعالة لتحفيز الوعي باللحظة الحالية. إذ تساعد هذه الأنشطة على تحويل التركيز من القلق بشأن المستقبل نحو ما يجري في الوقت الراهن.
- الاحتفاظ بدفتر يوميات: يمكن أن تُساعد الكتابة اليومية في الحد من التحيزات الإدراكية وتحسين القدرة على التحكم في الأحداث الحالية. كما تساهم التدوين في التخلص من الأفكار السلبية مثل الشعور بأن الماضي كان أكثر مثالية.
- البحث عن معالج نفسي: إذا كان الشخص يعاني من خوف استباقي شديد نتيجة صدمات سابقة أو أسباب أخرى، فمن الأفضل البحث عن معالج نفسي متخصص في علاج القلق والصدمات النفسية.